16 August 2015 - 19:49
رمز الخبر: 10658
پ
ایة الله المدرسی:
بعث سماحة المرجع الدینی آیة الله السید محمد تقی المُدرسّی رسالة إلى مؤتمر مجمع أهل البیت العالمی، الذی یعقد بالعاصمة الایرانیة طهران مؤکدا فیها على ان القضیة المحوریة للامّة هی مواجهة الصهیونیة الغاصبة لفلسطین .
المرجع الديني السيد محمد تقي المدرسي

 

بعث سماحة المرجع الدینی آیة الله السید محمد تقی المُدرسّی رسالة إلى مؤتمر مجمع أهل البیت العالمی، الذی یعقد بالعاصمة الایرانیة طهران .

 

وفیما یلی نص الرسالة :

بسم الله الرحمن الرحیم

قال الله تعالى:

﴿وَکَذٰلِکَ جَعَلناکُم أُمَّةً وَسَطًا لِتَکونوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَیَکونَ الرَّسولُ عَلَیکُم شَهیدًا﴾ سورة البقرة – الایة 143

الحمد لله وصلى الله على سیدالمرسلین و على آله الهداة المیامین.

السلام علیکم و رحمة الله و برکاته.

 

فی الوقت الذی تتهاوى الحواجز المصطنعة بین شعوب العالم بفعل المزید من سهولة التواصل و تسارع تقنیة الإتصالات، وفی الوقت الذی تقترب البشریة من یوم تتحقق فیه بصیرة القران المجید حیث یقول ربنا سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقناکُم مِن ذَکَرٍ وَأُنثىٰ وَجَعَلناکُم شُعوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفوا﴾ سورة الحجرات – الایة 13

 

فی هذا الوقت نجد الناس ینقسمون الى ثلاث فئات مختلفة:

 

الف) فمنهم المتشددون الذین یتخندقون وراء متراس العصبیات الفارغة والحمیّات الجاهلیة، من أمثال ما یسمّى بالسلفیة الجهادیة، کالقاعدة وداعش و بوکوحرام.

 

ب ) ومنهم من ینهار امام اغراءات العصر، و یفقد حتّى مواهب الله التی اسبغها علیه من قیم سامیة و تاریخ حافل، فیکون مثله کالتی نقضت غزلها من بعد قوة انکاثا، ولا یکون له ای اثر ایجابی فی تطورات العصر ولا أیة مساهمة فی تقدم الإنسان.

 

ج ) ومنهم الذین یتخذون سبیلا وسطاً، وتراهم یتمسکون بشخصیاتهم و بهویتهم المتمیزة وبالقیم المثلى والتاریخ المجید، وفی ذات الوقت یمدون ید المحبة إلى الآخرین لیتعارفوا و لیتعاونوا لمصلحة البشریة. وإنی ارى جمعکم المیمون من هذه الفئة المبارکة بإذن الله تعالى.

 

وهکذا و اننا نرى:

 

اولاً: ان تمسکنا باصالتنا لا یعنی أبداً التشدد و رفض الآخر، و انّما یعنی المزید من التعاون بین ابناء الطائفة التی ننتمی إلیها و نبذ کلّ ما من شأنه التاثیر سلبا على وحدة الطائفة من التنابز بالالقاب والتشدد.

 

اولم یقل ربنا سبحانه: ﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَا یَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن یَکُونُوا خَیْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن یَکُنَّ خَیْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَکُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِیمَانِ وَمَن لَّمْ یَتُبْ فَأُولَـٰئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ سورة الحجرات – الایة١١

 

ثانیاً: ان هناک ثغرات فی حیاة الامم و فی حیاة سائر الطوائف من هذه الامة المرحومة وان بامکان الطائفة التی ننتمی الیها – اشیاع اهل البیت علیهم السلام – أن تجبر تلک الثغرات بما أغدق الله علینا من بصائر وهدى وتاریخ مضیئ.

 

وهکذا و اننا نسعى ابدا من اجل التواصل مع سائر الامم و سائر الطوائف للتکامل البشری وللرقی الإنسانی.

 

ثالثا: وفی اطار الامة الاسلامیة التی قال الله عنها: ﴿إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّکُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ سورة الأنبیاء – الایة ٩٢

اننا نمدّ ید المحبة الى کل الطوائف لکی نتعاون فی سبیل خیر الامة وتقدّمها والدفاع عن مقدساتها و بالذات عن القضیة المحوریة للامّة وهی مواجهة الصهیونیة الغاصبة لفلسطین وللقدس الشریف.

 

رابعا: وفی اطار المجتمع البشری اننا نرى ان صراع الحضارات اصبح قضیة تاریخیة، و ان حوار الحضارات أصبح مجرد خطوة على طریق تکامل الحضارات الذی ندعو إلیه، ونعتقد أن تکامل الحضارت یبدأ من تکامل المذاهب والأدیان.

أولم یقل ربنا سبحانه و تعالى: ﴿قُلْ یَا أَهْلَ الْکِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ کَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَیْنَنَا وَبَیْنَکُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّـهَ وَلَا نُشْرِکَ بِهِ شَیْئًا وَلَا یَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ سورة آل عمران – الایة ٦٤

 

ایها الاخوة!

 

انّ العالم الیوم یئنّ تحت وطأة مشاکل ثقیلة و من دون تعاون البشریة جمیعاً فی سبیل حلّها فانّ عواقب کارثیة تنتظر الجمیع، فهناک:

 

اولا: الاسترسال – و بلا حدود – فی سباق التسلح وصرف الملیارات من أموال الشعوب فی تطویر الأسلحة التقلیدیة بل والأسلحة التدمیریة الشاملة، وهذه النفقات العبثیة تتسبب فی تخلف الشعوب و فی إشاعة الفقر و الجوع فی العالم، وأعوذ بالله من العاقبة السوء لو أن هذه الأسلحة استخدمت یوماً، فماذا سیکون مصیر العالم؟

 

ثانیا: ان الفجوة بین الأغنیاء ودول الشمال من جهة و الفقراء ودول الجنوب من جهة تزداد إتساعاً و تسبب فی شقاء ألاف الملایین من البشر.

 

ثالثا: الاحتباس الحراری الذی یزداد سوءاً کل یوم، انه یهدد کوکب الأرض بکارثة عظمى. کل هذه المشاکل بالإضافة إلى انتشار الظلم والطغیان و أنواع الإستعباد لا یمکن القضاء علیها الا بعمل جمعی من قبل کل أبناء البشر، و اننا إذ نتطلع انطلاقا من قیم دیننا الحنیف و من تبشیر رسالات الله کلها و بالذات رسالة النبی محمد صلى الله علیه و اله و سلم و کلمات اهل بیته الطاهرین علیهم الصلاة والسلام، إلى ذلک الیوم الذی یسود العالم السلام والعدل والرفاه.

 

اننا و بکل وجودنا ننتظر الیوم الموعود الذی تنتظره کل النفوس الطیبة حیث یظهر إمامنا المهدی عجل الله تعالى فرجه الشریف لکی ینقذ العالم من الویلات. بلى و ان انتظارنا لذلک الیوم الموعود لن یکون سلبیا و انما بالعمل الجاد وبالتمهید لظهوره علیه السلام، وبالدعاء والإنابة إلى الله لکی یعجّل ذلک الیوم.

 

وهکذا فإن قلوبنا و ألسنتنا تردد دائماً هذه الکلمات المضیئة:

اللهمُ اِنا نَرْغَبُ الیکَ فی دولةٍ کریمةٍ تُعِزُّ بها الاسلامَ واَهلَه، وتُذِلً بِها النِفاقَ واَهله، وتَجْعَلُنا فیها من الدُعاةِ إلى طاعَتِک، والقادَةِ إلى سَبیِلِک، وترزُقُنا بها کرامةَ الدنیا والاخرة.

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.