أکد آیة الله السیستانی فی إحدى استفتاءاته على سؤال حول وثوق روایة تعد الباکی والمتباکی على الإمام الحسین(علیه السلام) بالجنة، قائلا إنه "نعم ورد فی أحادیث متعددة ـ جملة منها معتبرة ـ الوعد بالجنة لمن بکى على الحسین (ع ) کما فی بعضها مثل ذلک لمن تباکى علیه أو أنشد شعراً فتباکى علیه"، مبینا أنه " لکن ذلک عند وقوعه موقع القبول عنده سبحانه، وتراکم المعاصی قد یمنع من قبوله قبولاً یفضی به إلى الفوز بالجنة".
ونص هذه الاستفتاءات کالتالی:
١-السؤال: ورد فی زیارة عاشوراء للإمام الحسین (وأسأل الله.. أن یعطینی بمصابی بکم أفضل ما یعطی مصاباً بمصیبته مصیبةً ما أعظمها) ما إعراب کلمة ( مصیبة)؟
الجواب: الظاهر إنها بدل من ( مصیبة ) فی قوله ( بمصیبته ) وان کانت هذه معرفة بإضافتها إلى الضمیر إذ لا یعتبر توافق البدل والمبدل فی التعریف والتنکیر فیکون من قبیل قوله تعالى : {.. صِرَاطٍ صِرَاطِ .. } (الشورى :مُسْتَقِیمٍ ٥٢ – ٥٣)، وقوله: {.. نَاصِیَةٍ کَاذِبَةٍ ..} (الفلق : ١٥ – ١٦)، وحینئذٍ تکون بِالنَّاصِیَةِ الکلمة مجرورة قضاءً للتبعیة، وقد تخرج على أنها لمبتدأ محذوف تقدیره ( هی مصیبةٌ ) فتکون مرفوعة من قبیل قوله تعالى: { لاَ یَغُرَّنَّکَ مَتَاعٌ قَلِیلٌ } (آلتَقَلُّبُ الَّذِینَ کَفَرُوا فِی الْبِلاَدِ عمران : ١٩٦ – ١٩٧)، أو معمول لفعل محذوف تقدیره ( کانت مصیبةً .. ) أو ( أصاب مصیبةً ) فتکون منصوبة ولکن فی ذلک تکلف.
٢-السؤال: بمناسبة زیارة الأربعین للإمام الحسین ومرور الزائرین على المواکب الحسینیة ومکثهم عندها وبسبب التعب والإرهاق فإنهم کثیراً ما ینسون حاجیاتهم لدى المواکب، ولکن هناک صعوبة تحصیل أصحابها لعدم وجود آثار تدل على أصحابها. فما هو تکلیف أصحاب تلک المواکب؟
الجواب: مع الیأس من الوصول إلى صاحبها یتصدق بها على الفقراء المتدینین.
٣-السؤال: هنالک ظاهرتان تحصلان کل عام فی المسیر إلى کربلاء فی زیارة أربعینیة الإمام الحسین:
١- سیر الأخوة الوافدین إلى کربلاء المقدسة على الطریق المخصص للسیارات، فهل یجوز ذلک مع العلم أن الطریق (ساید واحد فقط)؟
٢- یضع الإخوة أصحاب المواکب الذین یقومون بخدمة زائری الإمام الحسین (علیه السلام) حواجز فی طریق السیارات لتخفیض السرعة حفاظاً على الزائرین، فهل یجوز ذلک؟
الجواب: ١- ینبغی تنظیم المسیر بحیث ینتفع منه الطرفان.
٢- لا مانع من ذلک بالتنسیق مع شرطة المرور.
٤-السؤال: ما تقولون فی بکاء النساء بصوت عال فی مجالس العزاء فی حین یکون المجلس مشترک من الرجال والنساء وطبعاً تُسمع أصوات النساء مما یلفت نظر الرجال وقد یمیز بعض الرجال صوت من یبکی بحیث یعرف به من هی الباکیة؟
الجواب: إسماع المرأة صوت بکائها للرجل الأجنبی لیس محرماً فی حد ذاته.
٥ – السؤال: هل یجوز للحائض والنفساء والمستحاضة أن تحضر فی مجالس تعزیة الحسین (ع) أو فی مجالس ذکریات باقی المعصومین صلوات الله علیهم أجمعین؟
الجواب: یجوز .
٦- السؤال: فی یوم العاشر من محرم الحرام بعض النسوة یقمن بجرّ شعورهن فهل یجوز ذلک وهل تجب علیهن الکفارة؟
الجواب: یجوز ولا کفارة علیهن.
٧-السؤال: هل یجوز للمرأة أن تلطم وجهها وتنثر شعرها فی العزاء الحسینی؟
الجواب: یجوز.
٨-السؤال: هل یجوز للفتاة أو المرأة المتزوجة أن تذهب إلى المسجد لحضور صلاة الجماعة وسماع المحاضرات الدینیة ومجالس العزاء الحسینی إذا لم یرض الأب أو الزوج بذلک، أو إذا عارض حضورها حقوق زوجها أم لا یجوز؟
الجواب: أما المتزوجة فلا یجوز لها الخروج من بیتها إلا بإذن زوجها وأما غیر المتزوجة فإن کان خروجها موجباً لتأذی أبیها شفقة علیها من بعض المخاطر لم یجز لها الخروج أیضا.
٩-السؤال: هل یجوز للمرأة أن تقرأ التعزیة فی منازل قریبة من الشوارع العامة التی یحتمل احتمالاً قویاً مرور أجانب من الرجال بحیث یسمعون صوتها؟
الجواب: إذا کان صوتها بما یشتمل علیه من الترقیق والتحسین مهیجاً عادة للسامع فاللازم التجنب عن ذلک مع إحراز سماع الأجنبی لصوتها وإلاّ فلا بأس به (وقد مر حسن الاحتیاط والاجتناب).
١٠-السؤال: ما المراد بالتلذذ أو التهیج عند الاستماع لقارئة العزاء؟ وإذا تهیج البعض دون الآخر کیف یکون الحکم؟
الجواب: المراد بالتلذذ والتهیج ما یکون جنسیاً، والعبرة فی الإسماع بما إذا کان الصوت مهیجاً للنوع، وفی الاستماع بما إذا کان موجباً لتلذذ المستمع بشخصه.
١١-السؤال: هل یجوز لقارئة العزاء (وکذا الأناشید الإسلامیة) إسماع صوتها للرجل الأجنبی؟ وهل یجوز له الاستماع لصوتها؟ أو السماع غیر المتعمد کما لو أقیم مجلس للنساء عند الجیران وهو فی بیته؟
الجواب: یجوز لها إسماع صوتها للأجنبی إذا کان خالیاً عن الترقیق والتحسین المهیج له.
ویجوز له الاستماع إلى صوتها مع عدم التلذذ الشهوی والریبة، ولم یخف على نفسه الوقوع فی الحرام.
وینبغی الاحتیاط فی مواضع الشک، بل الأولى عدم الإسماع والاستماع من غیر ضرورة والله العاصم.
١٢-السؤال: هل یفضل الخروج بموکب العزاء مبکراً بثلة قلیلة من المعزّین والانتهاء قبل وقت صلاة الفریضة أو الانتظار لیتجمع المعزین متأخرین عندها یصادف وقت الفریضة قبل إتمام مراسم العزاء؟
الجواب: یمکن الانتظار إلى حین تجمع عدد اکبر من المعزین ولکن ینبغی قطع مراسم العزاء حین دخول وقت الصلاة لأدائها ثم الاستمرار فیها بعد ذلک.
١٣-السؤال: هل یجب قطع التعزیة (العزاء/الموکب) والمبادرة إلى الصلاة (الظهر مثلاً) عندما یحین الوقت؟ أو إتمام مراسم التعزیة؟ وأیهما أولى؟
الجواب: الأولى أداء الصلاة فی أول وقتها، ومن المهم جداً تنظیم مراسم العزاء بنحو لا یزاحم ذلک.
١٤- السؤال: ما حکم استعمال الطبل والبوق ونحوهما من الآلات فی مواکب العزاء؟
الجواب: لا مانع من استخدامها فی مواکب العزاء ونحوها على الطریقة المتعارفة مع کونها من الآلات المشترکة ولیس من آلات اللهو المحرم.
١٥-السؤال: یقام العزاء الحسینی فی منطقتنا على طریقة العزاء البحرینی، بمعنى احتواء العزاء على أطوار أو ألحان مختلفة ولربما شابه أحد هذه الألحان الغناء المتعارف فی مجالس اللهو أو فی غیرها فهل یجوز استعمال هذه الألحان والأطوار فی العزاء الحسینی أم لا؟
الجواب: إذا لم یعلم کون تلکم الألحان من الألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب جاز استخدامها فی قراءة التعزیة ، وإذا علم ذلک لم یجز.
١٦- السؤال: ما حکم فتح الأماکن التجاریة فی أیّام تاسوعاء وعاشوراء أبی الأحرار سلام الله علیه؟
الجواب: إذا عدّ نوعاً من عدم المبالاة بما جرى على أهل البیت (ع) فی هذین الیومین الحزینین فلا بدّ من ترکه.
١٧- السؤال: هناک بعض الأقراص الحسینیة (اللیزریة) یظهر فیها بعض الشباب من دون ارتداء القمیص فهل یجوز للنساء مشاهدة تلک الأقراص؟
الجواب: لا یجوز للمرأة النظر إلى ما لا یتعارف النظر إلیه من بدن الرجل مثل الصدر والبطن ونحوهما على الأحوط.
١٨-السؤال: قد یقوم بعض المؤمنین فی شهری محرم وصفر بل فی عموم أیام المناسبات الحزینة ببعض الأعمال التی قد لا تکون مناسبة، منها على سبیل المثال: الزواج، الانتقال إلى بیت جدید، شراء أشیاء جدیدة کالأثاث والملابس وغیرها، والتزین فی البدن واللباس، ابتداء مشاریع جدیدة، وغیر ذلک. فما هو الموقف الشرعی المناسب لذلک؟
الجواب: لا یحرم ممارسة ما ذکر فی أیام المناسبات إلاّ ما عُدَّ هتکاً کإقامة الفرح والزینة فی الیوم العاشر.
نعم ینبغی أن لا ینفذ فی أیام مصائب أهل البیت (ع) وحزنهم ما لا یوقعه الإنسان عادة فی أیام حزنه ومصابه بأحبائه إلاّ ما اقتضته الضرورة العرفیة، فیختار وقتاً أبعد عن المساس بمقتضیات العزاء والحزن. والله الموفق.
١٩-السؤال: تقام فی منطقتنا العدید من المجالس الحسینیة لعدد کبیر من المآتم وذلک بمناسبة الذکرى السنویة لشهادة سبط الرسول الأعظم (ص) وأصحابه الأبرار، وتفاعل المؤمنین وتفانیهم بحب أهل البیت (ع) جعلهم یدعمون المآتم وذلک بالمشارکة فی المجالس الحسینیة وتقدیم الدعم المادی السخی والمعنوی لتلک المجالس. حیث تعقد العدید من المجالس فی وقت واحد وفی أوقات متقاربة بالنسبة للمجموعات الأخرى وأغلب هذه المجالس تقدم وجبات الطعام (الأرز) وذلک منذ الصباح الباکر (الساعة ٧ صباحاً) إلى ما بعد الظهر (الساعة الثانیة والنصف)، مما سبب حالة من رمی معظم هذا الأکل فی أماکن النفایات. فما هو نظرکم الشریف فی ذلک؟
الجواب: التبذیر مبغوض ومحرّم شرعاً فلابد من اتخاذ الإجراءات اللازمة للمنع منه ولو کان ذلک بالتنسیق بین أصحاب المآدب لیوفر من الطعام بمقدار ما یتیسر صرفه.
٢٠-السؤال: ما هو رأی سماحة سیدنا ومرجعنا بصحة الحدیث الوارد عن الإمام جعفر الصادق(ع): (من بکى أو تباکى على الحسین (ع) وجبت له الجنة)؟
الجواب: نعم ورد فی أحادیث متعددة ـ جملة منها معتبرة ـ الوعد بالجنة لمن بکى على الحسین (ع ) کما فی بعضها مثل ذلک لمن تباکى علیه أو أنشد شعراً فتباکى علیه.
ولا غرابة فی ذلک إذ الوعد بالجنة قد ورد فی أحادیث الفریقین فی شأن جملة من الأعمال، ومن المعلوم أنه لا یراد بذلک أن یشعر المکلف بالأمان من العقوبة حتى لو ترک الواجبات وارتکب المحرمات، وکیف یشعر بذلک مع ما ورد من الوعید المغلظ فی الآیات بالعقوبة على مثل ذلک، بل المفهوم من هذه النصوص فی ضوء ذلک أن العمل المفروض یجازى علیه بالجنة عند وقوعه موقع القبول عنده سبحانه، وتراکم المعاصی قد یمنع من قبوله قبولاً یفضی به إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار.
وبتعبیر آخر : إن العمل الموعود علیه یمثّل نقطة استحقاق للجنة، وفاعلیة هذه النقطة تماماً منوطة بأن لا یکون هناک نقاط مقابلة توجب استحقاق النار بارتکاب الأعمال التی أوعد علیها بها.
وأما ثبوت هذه المکانة للبکاء على الحسین (ع ) : فلأن البکاء یعبر عن تعلقات الإنسان وکوامن نفسه تعبیراً عمیقاً، لأنه إنما یحدث فی أثر تنامی مشاعر الحزن وتهیّجها لتؤدی إلى انفعال نفسی یهز الإنسان، ومن ثم فإن البکاء على الإمام (ع) یمثل الولاء الصادق للنبی (ص) وأهل بیته الأطهار وللمبادئ التی نادى بها ودعا إلیها واستشهد لأجلها، ومن المشهود أن حرکته (ع) قد هزت التاریخ وزلزلت عروش الطغاة ورسخت القیم الإسلامیة فی قلوب المؤمنین، ولم یحدث ذلک إلاّ فی أثر التمسک والتعلق بذکره نتیجة حث أئمة أهل البیت (ع) بمثل هذه الأحادیث.
وأما التباکی فلیس المراد به إظهار البکاء أمام الآخرین بل هو بمعنى تکلّف الإنسان البکاء على ما یراه حقیقاً به، ولکنه یواجه لحظة جفاف فی قلبه ومشاعره فیتکلف البکاء عسى أن یستجیب قلبه وتتدفق مشاعره لنداء عقله، وبهذا المعنى أیضاً ورد الوعد بالجنة لمن بکى أو تباکى عند ذکر الله سبحانه وتعالى کما نبه علیه غیر واحد منهم : العلامة المقرم (ره) فی مقتل الحسین(ع).