31 January 2016 - 12:39
رمز الخبر: 12240
پ
رسا - اصدر المرجع الدینی السید کاظم الحسینی الحائری بیانا حول مؤامرة امریکا لتقسیم العراق وحذر فیها الحکومة من الاستمرار بالسیاسات الخاطئة تجاه العراق واهله، مطالبا الحکومة والعلماء والشعب بلعب دورهم لافشال هذه المخططات.
بیان المرجع الدینی السیّد کاظم الحسینیّ الحائریّ بشأن مؤامرة تقسیم العراق وإضعافه
 
اصدر المرجع الدینی السید کاظم الحسینی الحائری بیانا حول مؤامرة امریکا لتقسیم العراق وحذر فیها الحکومة من الاستمرار بالسیاسات الخاطئة تجاه العراق واهله، مطالبا الحکومة والعلماء والشعب بلعب دورهم لافشال هذه المخططات.
 
ولکم فی مایلی نص البیان:
 
بسم الله الرحمن الرحیم
 
یا أبناءنا الأکارم.. أیّها الشعب الأبی.. إنّ ما بلغه أمرُ العراق فی الظروف الراهنة موجب لحزن أبیکم ولوعته، فإنّ قلبی لا یطیق هذه المأساة المخیّمة على ربوع بلد أهلی وأبنائی وعشیرتی، فإنّی أرى فی الاُفق معالم الفتنة التی حذّرت المتصدّین للاُمور منها فی بیانات سابقة، إذ أبدیت لهم النصحیة الکافیة وکشفت لهم فیها عن مکامن الخطر.. وها هی الیوم تُدخل العراق وأهله حالة التشتّت فی قواه، والخنوع للأجنبی فی سیادته وعزّة أهله، والهبوط عن مکانته وموقعه بین الاُمم على مرأى من السیاسیّین والإعلامیّین، وأصحاب القرار والبرلمانیّین، وعلى مسمع رجال الحکومة ودرایة منهم، ألا وهی الفتنة المتمثّلة بالمشروع الأمریکىّ للمنطقه عموماً وللعراق خصوصاً; حیث بوادر تفتّت العراق وتقسیمه تظهر فی حفر الخندق حول المناطق الشمالیّة من البلد، وتواجد القوّات الترکیّة على أرض نینوى، وإعلان الحکومة الاقلیمیّة فی الشمال عن طرح مشروع الانفصال على الشعب الکردىّ، بل وعود الأمریکان بمبارکة وتأیید الحکومة الاقلیمیّة فی الشمال إذا ما أعلنت انفصالها عن الحکومة المرکزیّة.
 
وتظهر معالم المشروع الأمریکىّ فی إضعاف العراق عسکریّاً وأمنیّاً بمشروع تذویب قوّات الحشد الشعبىّ المقدّس، وعزل بعض قیاداته المخلصة، لیتمکّن العدوّ الأمریکىّ بعد إضعاف العراق عسکریّاً من تمریر مشروعه الذی أعلن سابقاً عنه من إرسال قوّات برّیّة أجنبیّة مقاتلة تحمی تنفیذ مخطّطه الذی یکون تقسیم العراق من اُولى أولویّاته.
 
بل تدخّل بعض رجال المشروع الأمریکی ودعاته بشکل صریح فی تحریض الإخوة السنّة فی المحافظات الغربیّة، وتشجیعهم على إعلان وضع مستقلّ لهم، وتأتی فی هذا السیاق التصریحات الطائفیّة لرجل الأمن السعودىّ الذی یعمل بصفة سفیر فی العراق، حیث کانت متضمّنة لإثارة الفتنة الطائفیّة، ومتطاولة على أبنائنا فی الحشد الشعبىّ، وتمثّل تدخّلاً سافراً فی الشأن العراقى.
 
کلّ ذلک لأجل أن ینتهی الأمر إلى قبول السیاسیّین بتقسیم العراق إلى ثلاثة أقالیم رئیسة تخضع لحکم فیدرالىّ فی بغداد کشرط أساس تضعه الولایات المتحدة لحسم الملفّات الساخنة التی تدیرها فی العراق.
 
فیا أبنائی وأهلی.. اُعلن لکم الیوم کما أعلنت سابقاً: أنّنی لن أدّخر جهداً فی الدفاع عن سیادتکم، وعزّتکم، وأمنکم، ووحدة أرضکم مهما کلّف الثمن.. وأقولها من موقع المسؤولیّة وإتمام الحجّة للموطّئین للفتنة: إنّ وحدة البلد وأمنه وسیادته وعزّة أهله قیم بالغة، ومصالح أساس، لیس لجهة تجاهلها، أو تجاوزها، أو المهادنة علیها مهما کلّف ذلک، والمعنىّ أوّلاً بهذا الأمر هی الحکومة، وعلیها الکفّ عن المواقف الذلیلة تجاه ما یهدّد القیم الأساس والمصالح العلیا للبلد، ولیحمل رجالاتها نصیحتی هذه على نحو الجدّ تجاه فتنة تقسیم العراق قبل فوات الأوان وضیاع العراق بتخاذلکم وتهاونکم تجاه المشروع الأمریکىّ ممّا یسجّله التأریخ علامة سوداء فی صحیفة أعمالکم فی مشهد الله تعالى والأجیال القادمة، ویصدق فیکم قول أمیر المؤمنین علیه السلام: (واللّهِ، إِنَّ امْرئً یُمَکِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفسِهِ، یَعْرُقُ لَحْمَهُ، وَیَهْشِمُ عَظْمَهُ، وَیَفْرِی جِلْدَهُ، لَعَظِیمٌ عَجْزُهُ، ضَعِیفٌ مَا ضُمَّتْ عَلَیْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ، أنتَ فَکُنْ ذَاکَ إِنْ شِئْتَ..). نهج البلاغة، الخطبة: 3٤.
 
وفی هذا السیاق لابدّ من أن یعلم: أنّ الأمریکان رأس کلّ شرّ وفساد فی العالم ﴿اِذَا دَخَلُوا قَرْیَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَکَذَلِکَ یَفْعَلُونَ﴾ ـ النمل: 3٤ ـ وأنّ شعبنا وأهلینا فی العراق اُمّة حیّة ویقظة، واُذن واعیة لنصائح مرجعیّتها الرشیدة التی لن تسمح للعدوّ بتمریر مشاریعه الخبیثة. وأنّ شعبنا الکردىّ الغیور لن یخدعه شعار الاستقلال المستورد من أمریکا و(إسرائیل)، وهو لازال یتذکّر مواقف هؤلاء الأجانب فی ثلاثینیّات وأربعینیّات القرن المنصرم من قضیّته، ویمیّز بینها وبین موقف المرجعیّة الشیعیّة المدافعة عنه، والمحرّمة لقتاله. کما یدرک أبناء الطائفة السنّیّة الکریمة أنّ الصهیونیّة العالمیّة التی تهیمن الیوم على المفاصل الرئیسة فی مؤسّسات الدولة الأمریکیّة وصنع القرار الأمریکىّ لم ولن تفکّر فی خدمة مصالح المسلمین سنّة کانوا أو شیعة، عرباً کانوا أو کرداً; إذ یکفی تأریخهم الطویل فی عداوة الشعوب وسرقتهم وإذلالهم وقتلهم لکشف هذه الحقیقة، وما جرائمهم فی غزّة عنّا ببعیدة، بل قال الله تعالى فیهم وهو أصدق القائلین: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِینَ آَمَنُوا الْیَهُودَ وَالَّذِینَ أَشْرَکُوا﴾. المائدة: 82.
 
واُوجّه خطابی فی هذه اللحظة التأریخیّة العصیبة إلى المتصدّین للمسؤلیّات بمجموعهم وعلى کافّة المستویات من السیاسیّة والتنفیذیّة والبرلمانیّة والقضائیّة.. بأنّهم فشلوا فی تحمّل الأمانة، وأداء المسؤولیّة تجاه شعبهم ووطنهم، وأخصّ بالذکر منهم الحکومة التی اتّجهت فی مواقفها الوجهة المنفّذة للمشروع الأمریکىّ فی البلد، فلابدّ من تصحیح المسیر والعودة إلى السراط القویم، ولیعلموا أنّ الشعب العراقىّ الأبىّ قد یمهل ولکن لا یهمل.
 
ویا رجال الأحزاب والتنظیمات والتجمّعات السیاسیّة.. اعلموا إذا اتّقیتم الله فی هذا الشعب المظلوم، وتمسّکتم بحبله تعالى، واجتمعت کلمتکم على خدمة هذه الاُمّة العراقیّة المظلومة، فالخیر کلّ الخیر معکم، وقد ندبکم الله تعالى إلى الاعتصام بحبله، ونهاکم عن التفرّق، فإن استجبتم لله تعالى، أنزلت السماء برکاتها على العراق، وأخرجت الأرض ثمارها، وقد قال تعالى وهو أصدق القائلین: ﴿وَمَا کَانَ رَبُّکَ لِیُهْلِکَ الْقُرَى بِظُلْم وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾. هود: 117.
 
ویا علماء الاُمّة الکرام، ویا طلاب العلم فی الحوزات العلمیّة المبارکة.. قد حان وقت الإنذار وتثقیف الاُمّة بمسؤولیّاتها والعمل على إفشال المشروع الأجنبىّ المناهض لمصالح الاُمّة.
 
ویا من ولّى وجهه شطر أمریکا من رجال الداخل والمنطقة، فکان لسانها الناطق ویدها العاملة.. اعتبروا بعاقبة من سار قبلکم فی هذا الطریق; إذ إنّ سیاسة أمریکا الماکرة کانت وما زالت لا تفهم قیماً متعالیة، ولا أخلاقاً متسامیة، ولا مبادئ حقّة ثابتة، بل تدور ما دارت مصالحها القومیّة، واقتضته سیاستها الخارجیّة، فهی على استغلال طاقات من کان قبلکم ممّن استهوته قوّتها وجبروتها، فإذا استوفت غرضها وبلغت بغیتها طرحته کما تطرح فضلات طعامها.. فالرهان على وعودها ومشاریعها رهان فاشل عند کلّ ذی عقل سلیم.
 
اللّهمّ اشهد: أنّی أدّیت الأمانة، وبلّغت الرسالة، فـ﴿یَا قَوْمِ إِنْ کُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ فَعَلَیْهِ تَوَکَّلُوا إِنْ کُنْتُمْ مُسْلِمِینَ * فَقَالُوا عَلَى اللّهِ تَوَکَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِینَ﴾. یونس: 8٤-8٥. والحمد لله ربّ العالمین.
 
19 / ربیع الثانی / 1٤37 هـ 
 
 کاظم الحسینیّ الحائریّ
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.