ألقى الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية آية الله الاراكي، كلمة في جمع من طلبة العلوم الدينية بمدينة قم المقدسة ، استهلها بتلاوة الآية الشريفة « لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً» (آیه ۱۸۶ سوره آل عمران) ، موضحاً : في هذه الآية الكريمة يخبر الله تعالى بأن المجتمع الاسلامي سوف يواجه في المستقبل ثلاث تحديات : في الانفس و الاموال و الحرب النفسية . و بعبارة أخرى ، هناك ثلاثة أنواع من الحروب تهدد المجتمع الاسلامي ، حرب تهدد وجود و كيان المجتمع الاسلامي ، و حرب تهدد البنى الاقتصادية للمجتمع الاسلامي ، و الثالثة الحرب النفسية« حسب موقع التقریب .
و أضاف سماحته : بعد انتصار الثورة الاسلامية كنّا قد خضنا ضمار الحروب الثلاث . في البداية فرض علينا العدو خوض حرب الثماني سنوات ، و من ثم شنّ ضدنا الحرب الاقتصادية ، و ها هو اليوم يشن ضدنا الحرب النفسية التي تعد أبرز و اخطر من جميع هذه الحروب ، و تندرج الحرب الثقافية في اطار الحرب النفسية .
و لفت آية الله الاراكي الى أن الحرب الثقافية تهدف الى اقصاء الدين عن المجتمع الاسلامي ، موضحاً : لقد فرضت علينا الحرب النفسية و مازالت بثلاثة اشكال . الاول محاولة استهداف القدسية .و في هذا المرحلة يحاول العدو استهداف القدسية و التقليل من شأنها في المجتمع الاسلامي ، و في هذا الصدد يوجّه العدو سهامه الى المقدسات الدينية بما فيها الذات الالهية المقدسة ، و القرآن الكريم ، و الرسول الاكرم (ص) ، و الائمة المعصومين ، بل و مراجع الدين و الحوزات العلمية .
و أوضح آية الله الاراكي : في هذه المرحلة يحاول العدو مهاجمة كل ما هو مقدس في المجتمع الاسلامي ، و لهذا يتحمل علماء الدين مسؤولية توضيح القدسية للناس و توعيتهم بأبعاد الهجمة التي تستهدف المقدسات ، كي يتسنى لهم مواجهة هذه الهجمة الخبيثة الشرسة و التصدي لها .
و تابع سماحته : الشكل الآخر للحرب النفسية يتجلى في محاولة قطع الارتباط و التوصل بين ابناء المجتمع الاسلامي و المجتمع الشيعي ، و بين مراجع الدين و المؤسسة الدينية . عندما رأى الاعداء أن قوة المجتمع الاسلامي و اقتداره تتمحور حول مراجع الدين و المؤسسة الدينية ، لذا يحاولون بكل الوسائل استهداف الارتباط و التواصل بين المراجع و علماء الدين و بين الجماهير و اضعافه و الحد منه .
و أشار آية الله الاراكي : على سبيل المثال توجد في الوقت الحاضر عشرات مراكز الابحاث في جامعة تل أبيب ، تكرس نشاطها للبحث في هذ المجال و محاولة العثور على السبل المؤثرة بهذا الخصوص . و في هذه المرحلة لا يألو العدو جهداّ في الاستعانة بمختلف الوسائل والتقنيات المؤثرة نظير الجامعات ، ومراكز الابحاث و الدراسات ، و فنون الآداب ، و الافلام و ... الخ .
و اضاف الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية : أن تعدد القراءات للدين ، يمثل احد اساليب النفوذ للمجتمع الاسلامي و محاولة تقويض الارتباط والتواصل بين مراجع الدين و المؤسسة الدينية و بين ابناء المجتمع الاسلامي .
و لفت آية الله الاراكي : الشكل الآخر للحرب النفسية يكمن في محاولة خلق " مرجعيات دينية " ، الذي يعدّ أخطر محاور هذه الحرب . إذ يسعى العدو في هذه المرحلة الى تحقيق ما يصبو اليه ، من خلال ايجاد مرجعيات دينية وهمية مختلقة .
و اردف سماحته : بدورها لا تكف هذه المرجعيات الدينية المختلقة ، عن التأكيد على ضرورة الابتعاد عن السياسة ، ومحاولة تجاهل المؤامرات الاميركية والصهيونية وعدم ابداء أية ردة فعل تجاهها سواء على صعيد القول أو الفعل . ومما يذكر في هذا الصدد ، أن التيار المنحرف المحسوب على الشيعة لم ينبس ببنت شفه حتى الآن في قنواته الفضائية ، في شجب واستنكار المجازر التي ترتكبها اسرائيل . ولكنه لا يألو جهداً في معاداة الجمهورية الاسلامية في ايران ، وحزب الله في لبنان ، بل وانصار الله في اليمن .
وفي معرض اشارته الى الاساليب التي يعتمدها هذا التيار في الترويج لأفكاره ، لفت آية الله الاراكي : أن اول ما قام به هذا التيار المنحرف الذي يحسب على الشيعة ، بدافع النفوذ الى العالم الاسلامي ، تأسيس قنوات فضائية ، حيث يمتلك في الوقت الحاضر أكثر من 24 قناة ، و أن تكلفة كل واحدة من هذه القنوات تبلغ عشرات الآلاف من الدولارات ، و من غير الواضح من أين تأتي هذه الاموال ومن الذي يقوم بتمويلها .
وأضاف سماحته : يحاول هذا التيار المنحرف تشويه صورة الشيعة وهدم التشيع من الداخل ، وذلك أخطر اشكال الحرب النفسية، وأن محاولة التصدي له تعد من أكبر المعارك ، لأن الذين يتزعمون هذا التيار لا يؤمنون بالدين مطلقاً . ونظراً لأن هذا التيار يهدف الى السلطة والرئاسة،لذا يحاول الاعداء الاستعانة به والاستفادة منه لتحقيق اهدافهم .
وأوضح الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية : أن كل من أميركا وبريطانيا تحاولان اليوم الترويج لهذا النوع من المرجعية الدينية، وتصويره بمثابة توجّهاً عاماً متوارثاً .
ولفت آية الله الاراكي : لا شأن لهذا التيار لا باسرائيل و لا بأميركا ، و إن كل ما يهمه هو الاساءة الى الامام الخميني الراحل ، و الى سماحة القائد ، و معاداة الجمهورية الاسلامية و تشويه صورتها .
و خلص آية الله الاراكي: أن حرباً ثقافية شرسة تشن اليوم ضد الاسلام الاصيل وضد الشيعة والتشيع ، لابد من الالتفات اليها بشكل جاد والتصدي لها بقوة وحزم .