وقال أن "أحد الأسباب الأساسية للمشكلة، هذا الاختلال في العلاقة بين السلطة والشعب، التي تأسّستْ على مصادرة السلطات لحقوق المواطنين، واستناد بعضها إلى غطاءٍ ذي بعدٍ طائفيٍ، بالشكل الذي يجعلها موضع استفزازٍ لكلّ ألوان الطيف الوطني، وموضع تهديدٍ للتنوّعات الاجتماعيّة والطائفيّة الّتي لا يكاد يخلو منها بلدٌ من البلدان".
وفي كلمة له خلال الندوة التي نظَّمها ملتقى الأديان والثقافات واتحاد الحقوقيين العرب بعنوان "المواطنة في مواجهة الطّائفية والإرهاب" اوضح السيد فضل الله أن "الطائفة تقوم في جوهرها على قيمٍ أخلاقيةٍ وإنسانيةٍ، فلا مشكلة فيها، وإذا كان من مشكلةٍ، فهو في تفريغها من مضمونها القيمي والإنساني، وتحويلها إلى حالةٍ عصبويةٍ تنغلق على ذاتها، فيما يعنون بالطائفية، وهي بطبعها هجوميّةٌ إقصائيّةٌ إلغائيّةٌ تبتغي الغلبة وتحسين مواقعها والاستيلاء على الدولة، ولو على حساب الآخر.. وإن لم تنجح تهدّد بالانفصال، وهي بذلك تنتج طائفياتٍ وعصبياتٍ مقابلة تهدد الوحدة الوطنية والاستقرار الداخلي".
وأشار إلى أنَّ "استشراء الطائفية يلغي المواطنة، بحيث يلحق المواطن بطائفته لا بوطنه، ويتحول إلى رقمٍ في قطيع الطائفة، وتصبح حقوقه رهينة بمصالح زعماء الطوائف، ويلغي الدولة التي تقوم في الأساس لخدمة المصالح المشتركة، الأمر الذي يجعل الدولة موضع تنازعٍ وتقاسمٍ، لتتحول ساحات الوطن إلى مواقع حربٍ متبادلةٍ تهيئ الظروف لدعوات الغلبة والانفصال والتقسيم، ما يفتح الأبواب للاستعانة بالخارج، حتى لو كان شيطاناً تتقوى به لتعينها على الطوائف والفئات الأخرى.. وهذا ما سمعناه مراراً في لبنان، وحتى خارج لبنان، ومنْ أكثر من رمزٍ طائفيٍ".
وتوقَّف السيد فضل الله عند علاقة الطائفيّة بالإرهاب، الذي تتضاعف خطورته في ظلّ الأنظمة ذات الطابع الطائفي أو المذهبي، فهو يتغذى من الحساسيات الطائفية والمذهبية وانقساماتها من جهة، ويسعى إلى تعميقها من جهةٍ أخرى، وهو يعطي الانقسامات ذات المضمون العصبوي والسياسي عنواناً دينياً، ليمنح شرعيةً وقداسةً لنفسه ويبرر العنف الأقصى، ولو أدى ذلك إلى إلغاء الآخر المختلف، أياً كان مجال الاختلاف وطبيعته".
وأعتبر" أنَّ ما يحدث فتح شهية القوى الإقليميّة الدوليّة على التدخل والامتداد في بلادنا حتى باتتْ أسيرةً ومستتبعةً للخارج الذي بات يتحكّم بشكلٍ شبه كاملٍ بمسار الصراع وحدوده وتوقيته وحلوله، وهو ما يزيد الأمور تعقيداً"، داعياً "إلى إعادة الاعتبار إلى مفهوم الدولة التي تمثّل طموحات المجتمع وتستوعب تنوعاته، وهي دولة العدالة والحرية والمساواة.. دولة المواطنة.. دولة الإنسان.. الدّولة الّتي يتساوى فيها جميع المواطنين أمام القانون، فلا تتحكّم طائفةٌ بطائفةٍ، أو قوميّةٌ بقوميّةٍ، أو فئةٌ بفئةٍ، أو فردٌ بشعبٍ".(986/ع940)