وشدد آية الله الشيخ محسن الاراكي خلال كلمته في "المؤتمر الدولي للازمات الجيو سياسية في العالم الاسلامي"، الذي عقد في جامعة الشهيد بهشتي: أن أزمة الشرخ الاجتماعي التي يعاني منها العالم الاسلامي اليوم، تعد واحدة من اكثر الازمات شدة وتعقيداً في التاريخ الاسلامي.
ولفت سماحته الى أن ثمة تأكيد ملفت في القرآن الكريم على مبدأ ان المجتمع الانساني كيان واحد، مضيفاً: أن اساس تشكل المجتمع الواحد رهن هوية المجتمع الواحدة، وان مبنى وحدة الهوية الاجتماعية يكمن في وحدة القيادة السياسية.
واشار آية الله الاراكي الى قوله تعالى « یوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ » موضحاً: في الروايات وفي تفسير هذه الآية، تم الاخذ بالاعتبار مبدأ أن هوية الافراد والهوية الاجتماعية للاشخاص تتشكل بناء على الارادة السياسية الحاكمة في ذلك المجتمع، وان المراد بالارادة السياسية الارادة التي باستطاعتها أن تسخّر الارادة الجمعية للمجتمع لإتّباعها والاقتداء بها.
وأوضح الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية: عندما يتمتع المجتمع بارادة سياسية قوية قادرة على احتضان فئات المجتمع، حينها تصبح تلك الارادة ارادة بانية للهوية، وبالتالي يتشكل مجتمع ذو هوية، وأن لون وطبيعة هذه الهوية تحددها الارادة السياسية الحاكم في المجتمع.
وأضاف سماحته: القرآن الكريم يلفت الى أن الارادة السياسية التي بوسعها ايجاد هوية واحدة للمجتمع الانساني، تكمن في الذات المقدسة.
وتابع سماحته: الارادة السياسية يجب أن تكون بيد الله تعالى، ذلك ان الارادة الالهية هي التي توجد الهوية الواحدة للمجتمع البشري، وبالتالي يكون الانسجام في المجتمع الانساني مرهوناً باتباع هذه الارادة الالهية – السياسية، وفي غياب ذلك لا تتوفر امكانية ظهور المجتمع الانساني الواحد.
واستطرد آية الله الاراكي: أن مهمة تأليف القلوب وايجاد الوحدة وتشكيل الهوية الواحدة في المجتمع البشري، لن تتحقق بمعزل عن اتباع الارادة الالهية.
وأشار سماحته الى قوله تعالى «قالَ رَبُّکَ لِلْمَلائِکَةِ إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً» موضحاً: أن المراد بالخليفة هو الذات المقدسة للنبي الاكرم (ص)، وفي الحقيقة أن خليفة الله في الارض واحد لا غير وهو الرسول الاكرم (ص) .
واضاف آية الله الاراكي: ارادة الله تعالى في الارض تتجلى في ارادة الرسول الاكرم، وهو (ص) أبّ المجتمع البشري، وان الإخوة بين المؤمنين إنما هي لكونهم ابناء أب واحد، وذلك هو وجود نبي الاسلام العظيم.
وأوضح سماحته: وهنا تولد الهوية الواحدة، وتستمد نظرية الوحدة جذورها من هنا.
ولفت الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، الى أن جذور الفساد تكمن في الاخلال بالنظم الالهي للمجتمع البشري، موضحاً: الانبياء كافة بعثوا من أجل الاصلاح، مما يعني أن نظم المجتمع البشري أمر في غاية الاهمية. ولهذا يعد الاصلاح مبنى واساس وحدة المجتمع الانساني.
وتابع سماحته: اذا ما تشكل المجتمع الانساني على اساس النظم يكون مجتمعاً واحداً، واذا ما ابتعد عن النظم حينها يتعذر اعادته اليه. وفي هذا الصدد يشير القرآن الكريم الى أن اساس النزاع الذي يطرأ على المجتمع الاسلامي، إنما هو وليد الابتعاد عن طاعة الله والرسول.
وخلص آية الله الاراكي للقول: لا شك أن نعمة القيادة الصالحة تعد اسمى النعم الالهية التي تهنأ في ظلالها جميع النعم. فاذا ما حرم المجتمع من نعمة القيادة الصالحة، فأنه لن يهنأ بأية نعمة أخرى.(9863/ع940)