وأشار في خطبته الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت اليوم داخل الصحن الحسيني الشريف، إلى الصعوبات والعراقيل والتحديات التي تواجهها القوات المشاركة في عمليات تحرير الموصل.
ورأى الكربلائي أن أهمها " تحدي الحفاظ على أرواح المدنيين الذين يحتمي بهم العدو".
وقال سماحته "نذكر بفخر واعتزاز الأداء الرائع للمقاتلين الأبطال في مساعدة أهلنا العالقين في ساحة العمليات وما أحرزوه من انضباط عالٍ".
طالب القوات العراقية بـ "الاستمرار على هذا النهج الإنساني في التعامل مع المدنيين وتبرز صوره في وسائل الإعلام بشكل موسع لإسكات بعض الأفواه التي لا تنفك عن محاولة الإساءة الى القوات العراقية"، على حد تعبيره.
كما دعا ممثل المرجعية العليا القوات الأمنية إلى تطوير أدائها الأمني والاستخباراتي لمنع تكرار الخروقات الأمنية.
وكانت مدن عراقية قد شهدت في وقت سابق، استهدافاً من قبل انتحاريين أبرزها سامراء شمال العراق وعين التمر غرب كربلاء والشوملي في بابل.
وقال الشيخ الكربلائي "على الاخوة في الاجهزة الامنية المختصة ان تواكب في ادائها ما حصل من تطور ونجاحات في اداء القوات المقاتلة في جبهات القتال حتى نصل الى الخلاص النهائي من عصابات داعش وذيولها التي تستهدف المدنيين الابرياء – ان شاء الله تعالى-".
كما حذر سماحته من ظاهرة وصفها بـ "الخطيرة" تهدد الكيان الأسري بالتفكك والانحلال، وقال إنها تشكل خطرا على التماسك الاجتماعي، في إشارة إلى ارتفاع معدلات حالات الطلاق في العراق وفقاً لإحصائيات رسمية.
وكانت السلطة القضائية الاتحادية قد اعلنت عبر وسائل الإعلام عن ارتفاع حالات الطلاق لشهر تشرين الاول الماضي وقالت إنها بلغت اكثر من (5200) حالة في حين بلغت حالات الزواج التي سجلت رسمياً لنفس الشهر (8341) حالة.
إلى ذلك، دعا الكربلائي إلى تضافر الجهود الحكومية والشعبية لمعالجة ظاهرة الطلاق ودراسة أسبابها.
واعتبر أن "المؤسسات الحكومية ولأسباب متعددة لا تخفى على الجميع غير قادرة على التأثير الفعال في معالجة هذه الظاهرة".
وأكد على أن المسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية تحتم على الآخرين من المبلغين والخطباء ومؤسسات المجتمع المدني والإباء والأمهات وإدارات المدارس والجامعات أن تنهض بأداء مسؤولياتها في هذا المجال.
إليكم النص الكامل للخطبة الثانية من صلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في 2/ربيع الاول/1438هـ الموافق 2/12/2016م:
الأمر الاول:
تتواصل الانتصارات المجيدة في الصفحات المتلاحقة لمعارك تحرير محافظة نينوى من الارهابيين الدواعش وتتعزز معها الثقة بقدرات وارادة وعزيمة قواتنا المسلحة البطلة ومن يساندهم من المتطوعين الميامين ورجال العشائر الغيارى وقوات البيشمركة الباسلة على تحقيق النصر النهائي في وقت غير بعيد – ان شاء الله تعالى- على الرغم من كل الصعوبات والعراقيل والتحديات التي تواجهها القوات المشاركة في العمليات واهمها تحدي الحفاظ على ارواح المدنيين الذين يحتمي بهم العدو،
ويتباطأ لأجل تقليل الخسائر في صفوفهم تقدم القوات المقاتلة في اكثر من جبهة، ونذكر هنا بفخر واعتزاز الاداء الرائع للمقاتلين الابطال في مساعدة اهلنا العالقين في ساحة العمليات وما احرزوه من انضباط عالٍ في هذا المجال آملين ان يستمر هذا النهج الانساني في التعامل مع المدنيين وتبرز صوره في وسائل الاعلام بشكل موسع لإسكات بعض الافواه التي لا تنفك عن محاولة الاساءة الى القوات العراقية.
كما نأمل من القوات الامنية المكلفة بحماية المدن والتجمعات السكانية من التفجيرات الارهابية من الانتحاريين وغيرهم وان تطور اداءها الامني والاستخباري لتمنع من تكرار بعض الخروقات التي وقعت مؤخراً كالذي حصل في سامراء وقبله في قضاء عين التمر والشوملي،
فعلى الاخوة في الاجهزة الامنية المختصة ان تواكب في ادائها ما حصل من تطور ونجاحات في اداء القوات المقاتلة في جبهات القتال حتى نصل الى الخلاص النهائي من عصابات داعش وذيولها التي تستهدف المدنيين الابرياء – ان شاء الله تعالى-.
الأمر الثاني:
تشير الاحصائيات الصادرة من السلطة القضائية الاتحادية الى تصاعد حالات الطلاق في العراق بصورة لم تكن مسبوقة من قبل،
حيث اعلنت السلطة القضائية الاتحادية – كما ورد في بعض وسائل الاعلام – عن احصائية تتعلق بعدد حالات الطلاق لشهر تشرين الاول الماضي فبلغت اكثر من (5200) حالة في حين بلغت حالات الزواج التي سجلت رسمياً لنفس الشهر (8341) حالة،
ويلاحظ بالاضافة الى ذلك التصاعد في عدد حالات الطلاق المسجلة منذ عام 2004 ولغاية هذا العام بحيث ازداد العدد المسجل قضائياً في كل سنة مقارنة بما قبلها.
ان هذه الظاهرة تعد ظاهرة خطيرة في المجتمع العراقي تهدد الكيان الاسري بالتفكك والانحلال وتشكل خطراً على التماسك الاجتماعي اضافة الى ما تتركه من آثار نفسية ومجتمعية واخلاقية ذات ابعاد مخيفة بصورة عامة –
ومن هنا فان من الضروري دراسة الاسباب الحقيقية والاساسية لبروز هذه الظاهرة وتضافر جهود جميع الجهات والمؤسسات القادرة على معالجتها والحد من تصاعدها. واذا كانت المؤسسات الحكومية ولأسباب متعددة لا تخفى على الجميع غير قادرة على التأثير الفعال في معالجة هذه الظاهرة فان المسؤولية الدينية والاخلاقية والانسانية تحتم على الاخرين من المبلغين والخطباء ومؤسسات المجتمع المدني والاباء والامهات وادارات المدارس والجامعات ان تنهض بأداء مسؤولياتها في هذا المجال وتشمر عن ساعد الجد لوضع خطط مناسبة للمساهمة في تضييق دائرة هذه الظاهرة وفي الحد الادنى عدم السماح باستمرارها في التصاعد،
ولابد لذلك من دراسة اسباب بروزها وهي كثيرة نشير الى بعضها:
ضعف الوعي الديني والاجتماعي بما يتعلق بالحقوق والواجبات ليس فقط على مستوى العلاقة بين الزوجين بل بين افراد الاسرة بأجمعهم أي بين الاب وابنائه والام وابنائها والاخوة والاخوات فيما بينهم وكذلك الزوج والزوجة،
مضافاً الى ذلك عدم وعي كثير من الازواج بالآثار الخطيرة للانفصال ولاسيما على اطفالهم واعتبار الطلاق امراً هيناً تأثراً بالثقافات والعادات والرؤى الدخيلة على مجتمعنا والتي غزت عقول وقلوب الكثير من الرجال والنساء بل المجتمع بصورة عامة.
الاستخدام السيء لوسائل التواصل الاجتماعي بدلا ً من توظيفها للمنفعة العلمية والفكرية والاجتماعية كونها وسيلة اريد منها تسهيل التواصل بين الاشخاص والاسراع في ايصال المعلومات بما ينفع المجتمع الانساني ولكن تستخدم مع الاسف لدى الكثيرين في غير ما اريد لها.
والاخطر من ذلك انجذاب العديد من الازواج والزوجات لبعض الافلام والمسلسلات التي تروج لمنهج لا ينسجم مع ثقافتنا وعاداتنا بل حتى مشاعرنا وعواطفنا واستبدالها بمفاهيم وعادات وتقاليد بعيدة عن جوهر ديننا واصالة تقاليدنا حتى اضحت بعض الامور المستهجنة لدى المجتمع العراقي وفق معاييره الدينية والاخلاقية اموراً مقبولة لا تستنكر وصارت ظاهرة بدأت تسري لدى افراد المجتمع بصورة سريعة.
تصاعد ظاهرة البطالة والازمة الاقتصادية التي يعاني منه العراق فان لها تأثيراً ملموساً في تزايد حالات الطلاق،
وبهذا الصدد لابد من التثقيف على تحمل هذه الاوضاع الاستثنائية وتجنب الانفصال لدواعي الضيق في المعيشة وقلة الموارد المالية للازواج حفاظاً على النسيج الاجتماعي للمجتمع العراقي وتجنيباً لأفراد الاسر خصوصاً من هم في مراحل الطفولة من المستقبل المجهول والمظلم احياناً للبعض منهم – اضافة الى تحصينهم من المخاطر النفسية والاجتماعية والاخلاقية التي يمكن ان تتركها هذه الظاهرة عليهم.
ونشير هنا الى ان مقتضى المسؤولية الدينية والوطنية والاخلاقية ان تعمل الجهات القضائية المختصة بقضايا الطلاق على محاولة اصلاح ذات البين وتقريب وجهات النظر بين الازواج وعدم التسرع في ايقاع الطلاق برجاء ان يصلح الطرفان اوضاعهما ويعودا الى رشدهما.
كما ان من الضروري ان يقوم الاباء والامهات بما يقتضيه الحفاظ على الكيان الاسري من التدخل الايجابي لدى الزوجين وعدم السماح لتفاقم المشاكل فيما بينهما بل السعي لإصلاح حالهما مهما امكن.
اللهم اصلح ذات بيننا واجمع شملنا ووحد كلمتنا والهمنا الرشد والصواب انك على كل شيء قدير.(۹۸۶۳/ع۹۴۰)