09 December 2016 - 18:51
رمز الخبر: 426157
پ
الشیخ احمد قبلان:
ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة ذكر فيها "أن السلطة في التعريف الاجتماعي تعني خدمة الإنسان وتحقيق مصالحه، وأي فشل في ذلك يسقط شرعيتها"، مؤكدا أن "المشكلة ليست بمقدرات الدولة وإمكانياتها، بل بالأولويات والعقليات التي لا تدير ملفات الناس على قاعدة أن الإنسان هو الأساس والسبب في وجود السلطة وشرعيتها"، معتبرا أن "المواطن إذا جاع أو ضاع فهذا يعني أن الدولة قد ضاعت، وأن السلطة تعاني من فساد في الرؤية أو فساد في التطبيق".
المفتي أحمد قبلان

 ولفت الشيخ قبلان إلى "الإحصاءات التي تجريها بعض المؤسسات الاجتماعية وتبين حجم الكوارث الأسرية في لبنان، إذ أن أكثر من 60% من الأسر اللبنانية تعاني من فقدان الحد الأدنى من الاحتياجات الضرورية، ما يؤدي إلى حصول اختلالات تربوية واجتماعية وأسرية وانحرافات مختلفة تدفع نحو ارتكاب الجرائم وتعاطي المخدرات وبالتالي ضياع جيل الشباب".

 

ونبه "من خطورة غياب البرامج الوطنية الفاعلة، ومن عدم قيام السلطة بمسؤولياتها"، محذرا من "مغبة التراخي والإهمال"، رافضا أن "تكون السلطة مخفرا أو سجنا فقط"، داعيا إياها "لأن تكون فرصة عمل وحبة دواء ومقعدا دراسيا"، مطالبا "السلطة بتأمين الإنسان وتوفير كل الضمانات والكفالات الاجتماعية وإلا فإن الكارثة ستكون كبيرة والمسؤولية تقع على عاتق السلطة وفسادها السياسي".

 

أضاف الشيخ قبلان:"أمام ما نعيشه من خضات، وما نواجه من تعقيدات تتعاكس والسياقات الطبيعية والموضوعية لتسيير أمور الدولة وفق الأصول الدستورية والثوابت الوطنية، نجد أنفسنا مدعوين جميعا إلى ضرورة استنباط رؤى واضحة، ومسارات مؤسساتية سليمة، تنقلنا من الدولة المتهالكة والفاشلة إلى الدولة القادرة على تنظيم الحياة السياسية، وتصويب البرامج الاقتصادية والاجتماعية، وتفشيل كل محاولات التعطيل وتيئيس الناس، وإلا فنحن ذاهبون حتما إلى واقع أسوأ، تسوده الفوضى والانحلال، في ظل ظروف إقليمية ودولية سوداوية. لهذا، نحن نشدد على ضرورة الخروج من عنق الزجاجة، والإسراع، ليس في تأليف الحكومة فحسب، إنما بإقرار قانون انتخابي أيضا، يحول دون القطيعة السياسية ويضمن الحد الأدنى من الشراكة الوطنية، ويكون أساسا صالحا لإنتاج سلطة لا تستند إلى اصطفافات مصلحية، بل إلى توازنات يحكمها المعيار الوطني في إدارة شؤون الدولة، بعيدا عن الأطماع الطائفية والمذهبية، لأن من يريد وطنا لا يتطلع إلى حصة، ومن يطمح إلى دولة لا يقبل إلا بالكفاءة، أما الصراخ في بازار القسمة وتوزيع المغانم لن يحقق المرتجى، إنما سيفرض حالا من الحرمان والضياع يطاول الجميع. فما نشهده من تنازع وتصارع في عملية توزيع الحقائب الحكومية وغيرها من المناصب والمواقع، وبخاصة قانون الانتخاب، يظهر كم هو حجم التباعد بين الأفرقاء، ويؤكد أن التوجه الصادق والبريء لبناء الدولة لا يزال غير ناضج، وإنّ محاولة فرض الهيمنات الطائفية هو الغالب، الأمر الذي يجعلنا نخشى من المستقبل، ولا نتأمل خيرا، طالما أن ذهنية الفساد والسطوة هي من تدير البلد، وروحية الاستيلاب والاستئثار هي من تتحكم بمفاصل اللعبة السياسية".

 

وشدد الشيخ قبلان على "رفض سياسة العزل والإقصاء"ء مؤكدا على "الشراكة الوطنية التي تعزز الثقة التضامنية والتفاعلية بين اللبنانيين"، مطالبا "بالعودة إلى الدستور، وإجراء الإصلاحات الأساسية، وإلغاء الطائفية السياسية، وفصل الوزارة عن النيابة، وتفعيل مبدأ المحاسبة، والتشدد في محاربة الفساد وملاحقة الفاسدين والمفسدين، لأن الدولة لا يمكن أن تقوم على نهب المال العام، وتبادل الصفقات".

 

وختم موجها خطابه لهذا العهد بالقول:"إن آمال الناس كانت كبيرة ولا تزال، فلا تخيبوها، وليكن حرصكم على لبنان القوي بجيشه، والمنيع بوحدة شعبه، والمحصن بمقاومته أقوى من كل محاولات الاحتواء والإغراء التي قد تأتي من هنا أو هناك. فلبنان قوي، ونحن قادرون على النهوض بوطننا وبناء دولتنا، إذا ما توافرت الإرادة، وصدقت النيات، فالإمكانيات موجودة، والطاقات موجودة، وجيشنا موجود، وقد استطاع رغم قلة العتاد والعديد أن يسجل أكثر من انتصار، وأن يقوم بأكثر من عملية نوعية في منع الفتنة ومواجهة عصابات الإرهاب. لذا، ندعو الجميع إلى العمل على دعمه، وتوفير ما يلزم لتعزيز قدراته العسكرية والأمنية، لتثبيت الاستقرار وحماية البلد من أي عدوان".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)

 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.