ولكم فيم يلي نص البيان الختاميّ الذي قرأه سماحة آية الله حسينيّ بوشهريّ نائب رئيس رابطة مدرّسي الحوزة العلميّة في قم وأمين سرّ المؤتمر العامّ وذلك في صالة المؤتمرات:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبيّنا محمد وآله الطاهرين سيّما بقية الله في الارضين.
عقد الاجتماع العاشر لجماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة في قم وعلماء البلاد الأعلام لتبادل الآراء حول "الحوزة العلميّة الثوريّة؛ المتطلّبات والأساليب" وبدأ المؤتمر أعماله في ذكرى استشهاد الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) على مشارف ذكرى تولي ولده الكريم الإمام الحجّة بن الحسن المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) الإمامة.
واستمع المشاركون كلمات المرجع الأعلى سماحة آية الله سبحانيّ (دامت بركاته) وسائر الأساتذة الكرام وأهل العلم من أرجاء البلاد حول موضوع المؤتمر وتبادلوا الآراء مؤكّدين على النقاط التالية:
1ـ إنّ المؤسّسة العلميّة الأصيلة والثوريّة هي وريث الأنبياء العظام (سلام الله عليهم أجمعين) وأوصيائهم الكرام، وهدفها الرئيسيّ إعلاء كلمة التوحيد وتحقيق القيم الإلهيّة وهذا أساس أهداف الثورة الإسلاميّة أيضاً، ومن أجل ذلك كانت الثورة الإسلاميّة ونظام الجمهورية الإسلاميّة المقدّس وليد حركة ثوريّة في المؤسّسة العلميّة الأصيلة. وعليه فإنّ علماء الدين والحوزات العلميّة لم تكن ولن تكون غير مكترثة بالنسبة إلى مستقبل الثورة الإسلاميّة ومصيرها.
2ـ إنّ دعم نظام الجمهوريّة الإسلاميّة المقدّس وإرشاده والرقابة عليه هي من أهمّ وظائف واهتمامات الحوزات العلميّة وعلماء الدين كما يعتبر المساس بهذه الروحيّة مؤامرة لإقصاء الدين عن السياسة.
3ـ من أهمّ متطلّبات العالم الإسلامي في عصرنا هو الحفاظ على الوحدة والتماسك والتآخي بين المسلمين. فنحن ندين المحاولات الغادرة من قبل نظام الاستكبار والهيمنة العالميّ وخصوصاً عملاءه كالنظام السعوديّ السفّاك والوهّابيّة المنحرفة ومرتزقتهم التكفيريّن والإرهابيّين لشقّ عصا الأمّة الإسلاميّة، ونعتبر أنّ السبيل الوحيد لتفكيك مؤامرات الأعداء هو التعاون والإخاء بين علماء المسلمين وطرد العناصر العميلة وتجنّب طرح المسائل المضللة.
4ـ إن الحركة المستقيمة والمسرعة لقافلة الثورة الإسلاميّة مدينة لقيادة المرشد الأعلى للثورة الإسلاميّة سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ (مدّ ظلّه الوارف) الحكيمة وكذلك مشاركة الشعب الإيرانيّ المسلم والعلماء والحوزات العلميّة، وكما نثني على الدور الفريد للقائد في صدّ الفتن وهداية الثورة ومجابهة مطامع نظام الهيمنة والاستكبار العالميّ ونؤكّد على حفظ استقلال النظام والحفاظ على القيم السامية للثورة الإسلاميّة ودعم النظام الجمهوريّ الإسلاميّ المقدّس وركنه الرفيع ولاية الفقيه ونعتبر ذلك واجباً أبديّاً لنا.
5ـ لم تزل ولا تزال مرجعيّة الشيعة بوصفها أعلى ركن وموقع في الحوزات العلميّة رائدة في الدفاع عن كيان الإسلام المحمّديّ (صلّى الله عليه وعلى آله) الأصيل والثورة الإسلاميّة، فنحن نعتبر دعم وتبعيّة أركان العلم والدين هذه واجباً أبديّاً كما نثمّن جهودهم الفاعلة في حفظ الأصول والقيم الإسلاميّة، وندعوا الجميع خصوصاً المسؤولين إلى اتّباع إرشاداتهم النابعة من الحرص على الإسلام والثورة الإسلاميّة.
6ـ إنّ الغزو الثقافيّ والسياسيّ والدعائيّ من قبل نظام الاستكبار والهيمنة العالميّ في وسائل الإعلام والمجال الافتراضيّ حقيقة لا ريب فيها تتطلّب فهماً وعزماً من المسؤولين التنفيذيّين والثقافيّين وكلّ حريص على النظام الإسلاميّ لمواجهة الغزو حيث يعاني المجتمع مشاكل اجتماعيّة ناشبة عنه. والحوزات العلميّة بوصفها منطلقاً للحضارة الإسلاميّة ولإحياء قيمها الدينيّة تعتبر مواجهة هذا الغزو الشامل واجبها الرئيسيّ والذاتيّ وتعتقد بأنّ صدّ الغزو ودفع آثاره السلبيّة لا سيّما الاجتماعيّة لا يتيسّر إلا من خلال التعاطف بين الجميع والتخطيط الصحيح لذلك اعتماداً على مقتضيات الإسلام وعطاء الثورة الإسلاميّة. ومن الضروريّ مشاركة العناصر المؤمنة بالإسلام والثورة الإسلاميّة والعناصر الكفوءة والمتخصّصة في شأن الثقافة لتحقيق هذه الغاية.
7ـ نكث أمريكا المتكرّر للعهود والالتزامات في شأن الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني ناشئ من حقد وخبث متأصّل لدى نظام الاستكبار والهيمنة العالميّ برئاسة أمريكا ومن جملتها القرار الأخير لفرض العقوبات في الكونغرس الأمريكيّ وهذه عبرة ورسالة لمسؤولي البلاد نصّها أنّ السبيل الوحيد للحفاظ على العزّة والكرامة هو الاتّكاء على القدرات الداخليّة والاقتصاد المقاوم. وعلى أمريكا أن تعلم بأنّ إقرارها لفرض العقوبات التي تعتبر نقضاً صريحاً للاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيرانيّ سيواجه ردّاً حاسماً وقاصماً من قبل إيران الإسلاميّة.
8ـ نحن ندين اعتداء النظام السعودي على اليمن وعمليّات القتل المتكرّرة المستمرّة ضدّ شعبه الأعزل وكذلك ضدّ شيعة المملكة السعوديّة والشعب البحرينيّ وتصدير التكفير والإرهاب إلى دول المنطقة وزعزعة الأمن، وندعو مسلمي العالم الأحرار خصوصاً العلماء والمثقّفين إلى عدم السماح لمن ثبت تقاعسه وفشله في إدارة الحرمين الشريفين كراراً ومن تخبّط في دماء المسلمين في العراق ولبنان وسوريا بأن يوهن صورة الإسلام المحمّديّ (ص) الأصيل بجرائمه وأفكاره الوهّابيّة المصطنعة المنحرفة.
9ـ طالما كانت قضيّة التبليغ مهمّة العلماء والحوزات العلميّة وإنّ هجوم الشبهات والحاجات الثقافيّة في العالم الإسلاميّ وكذلك تزايد دور المجال الافتراضيّ يتطلّب اهتماماً بصدّ بأضراره وآثاره الاجتماعيّة المدمّرة وذلك ممّا يحتاج جهداً مضاعفاً من المسؤولين الثقافيّين ومن الحوزات العلميّة، ومن أجل ذلك نرى أنّنا بحاجة إلى سياسات وبرامج في هذا الخصوص ناظرة إلى المتطلّبات الجديدة وتعتمد مناهج وأساليب حديثة تؤدّي إلى توسّع في القابليّات والتعاون واغتنام الفرص والمجالات الجديدة بدقّة وسرعة.
10ـ التطوّر في الحوزات العلميّة معناه الجهوزيّة والاهتمام بمتطلّبات العالم المعاصر، وإنّ ذلك من أهمّ الموضوعات التي تعنى به الحوزة العلميّة الكفوءة ولطالما أكّد سماحة المرشد الأعلى للثورة الإسلاميّة ومراجع التقليد العظام (دامت بركاتهم) على ذلك، ومن هذا المنطلق يجب على الحوزات العلميّة الاهتمام بهذه القضايا الهامّة حتّى حصول الغاية المطلوبة.
11ـ ونحن إذ نقدّر الجهود المبذولة لكبح التضخّم والعناية بالمحرومين والطبقات الضعيفة وخصوصاً الإصلاح في مجال الصحّة، ولكن تبقى الأوضاع الاقتصاديّة لعموم الناس وخصوصاً الطبقات الضعيفة والفقيرة همّاً عالقاً نطلب من المسؤولين في السلطات التقنينيّة والتنفيذيّة الإسراع في التخطيط الصحيح وأمثل لاستخدام قدرات ومواهب البلاد الماديّة والمعنويّة وبإدارة متحمّسة جهاديّة في سبيل تحقيق الاقتصاد المقاوم والعمل الدؤوب على تنفيذه.
12ـ وختاماً نكرم ذكرى الإمام الخمينيّ الراحل (قدّس الله سرّه) والشهداء وكلّ من جاهد في صفّنا فيما مضى دفاعاً عن القيم الإسلاميّة والثورة، ونسأل الله سبحانه الصحة وطول البقاء للمرشد الأعلى للثورة الإسلاميّة ومراجع التقليد العظام (دامت بركاتهم) والتعجيل في ظهور مولانا صاحب العصر (أرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء)، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
محمّد يزديّ
رئيس المجلس الاستشاريّ الأعلى لرابطة مدرّسي الحوزة العلميّة في قم
8/ربيع الأول/1438 هـ
(۹۸۶۳/ع۹۴۰)