جاء حديث السيد مرتضى الكشميري هذا بمناسبة المولد النبوي الشريف وميلاد حفيده الإمام الصادق عليه السلام.
وقال السيد الكشميري إن العالم الإسلامي يحتفل بأسبوع الوحدة من كل عام بيومي الثاني عشر والسابع عشر من ربيع الأول بمولد خير البرايا الرسول الأعظم محمد (ص) وحفيده الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) الذي صادفت ولادته نفس اليوم. ولعله ليس من باب الصدفة أن تحصل المناسبتان في يوم واحد لولا وحدة الهدف والمنهج، فالمؤسس النبي (ص) الذي وضع الاسس والقواعد لهداية البشر وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وبعد عقود من الزمن جاء المجدد الامام الصادق (ع) فأوضح معالم تلك المدرسة وجلّاها بمناهجها التشريعية والتربوية والاخلاقية والعلمية وغيرها.
وبين ممثل السيد السيستاني: اذا استنطقنا انفسنا عن سبب الاحتفال فالجواب يكون إنما نحتفل بهذه المناسبة إعظاما وإكراما للنبي (ص) والعترة الطاهرة (ع)، واقتداء بهم، وإبرازا لحبهم، وإدخالا للسرور عليهم، وفي الاحتفال بالمولد نصرة للنبي وأهل البيت (ع) وفرح لفرحهم. ولكن يا ترى هل كل من يحتفل بالمولد ينطبق عليه هذا الثناء، ويكون محباً لهم حقيقة؟
وأضاف: الجواب لا؛ لأن قسما من المحتفلين إنما هم أعداء أو شديدو الأذى لهم؛ لأنهم مصرون على ارتكاب بعض المعاصي كعقوق الوالدين وقطيعة الرحم والكذب والغيبة والسب ونشر الفتنة والفرقة والبغض ما بين المسلمين، وهذه كلها من المعاصي الكبيرة، والمصر عليها عدو لله ولهم ، وهو بهذا يتعدى حدود الله ويعمل عكس أوامره ونواهيه، والمصر على الذنوب خوّان لله تعالى ؛ لأن الله ائتمنه على جوارحه بأن لا يعصيه بها ، ولكنه خان الأمانة حين عصاه.
وأشار السيد الكشميري: إن أهم مظاهر الاحتفاء بهذه المناسبة الكريمة هو الحفاظ على الوحدة بين المسلمين ونبذ الضغينة فيما بينهم، لقوله تعالى: (( واعتصموا بحبل…))، (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم))، خصوصاً في هذا العصر الذي انتشرت فيه ظاهرة الإرهاب والتطرف الفكري القائم على استخدام العنف وعدم القبول بالتعايش مع الآخرين، وما تبع ذلك من تصرفات شوهت سمعة الإسلام وسببت إراقة الكثير من دماء المسلمين وعدم الاستقرار في عدد من دول المنطقة.
وحذر رئيس مؤسسة الإمام علي في لندن من اتساع هذه الظاهرة واستمرارها إلى دول وشعوب اخرى كما هو الحال، ودعا جميع العلماء والمبلغين والساسة في العالم والرياديين مكافحة هذه الأفكار، واعتماد الفكر المعتدل الذي بني عليه الإسلام ودعت إليه الديانات السماوية كأساس في التسامح والتعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع وأطيافهم.
وقال السيد مرتضى الكشميري: من هنا نرى التعاليم الإسلامية التي وردت على لسان نبينا محمد (ص) والأئمة الأطهار من عترته (ع) تأمرنا بأن نتعامل مع الناس بالإحسان والمودة والمحبة؛ ومن طرح القران والأحاديث الواردة عن النبي (ص) وأهل بيت العصمة والطهارة (ع)، لا تبقى لمسلم ولا مسلمة ذريعة في ارتكاب ما يسخط الله ورسوله وأهل بيته (ع)، فإن نحن طبقنا والتزمنا بهذه الوصايا والتعاليم كنا قد احتفلنا بالمولودين الكريمين كما يريده الله ورسوله والأئمة الطاهرين (ع).
وفي الختام أهاب سماحته بالعلماء والمبلغين ومن لهم شأن في المجتمع ان يحافظوا على وحدة المسلمين بعيداً عن الفتاوى التكفيرية والتفريقية، لأن الاختلاف في الفكر والعقيدة والمذهب لا يبيح للانسان الاخر أن يستحل دم أخيه وعرضه وماله، خصوصا ما نراه ونسمعه اليوم من ارتكاب الجرائم والمجازر بأسم الاسلام والتوحيد والرسالة مما يندى له الجبين، في حين أن الاسلام من ذلك بريء.(۹۸۶۳/ع۹۴۰)