وأضاف، "قد عبرت عن هذه الأجواء مجريات الحركة السياسية، بدءا بانتخاب رئيس للجمهورية إلى تأليف الحكومة، والسرعة في إنجاز بيانها الوزاري، وأخذها الثقة خلال وقت قصير، حيث لم تحتج إلى نقاش مستفيض، أسوة بالحكومات السابقة المماثلة، أي ما سمي بحكومات الوحدة الوطنية. ويعود السبب في ذلك إلى عوامل إقليمية ودولية أرادت للبنان الاستقرار والهدوء وسهلت الحل، ووعي متجدد لدى القوى السياسية، بأن لا خيار أمامها سوى التلاقي والوحدة لبناء الدولة وتحريك المؤسسات، وترك القضايا الخلافية التي قضت مضاجع اللبنانيين طويلا".
وقال: "نحن في الوقت الذي نؤكد ضرورة العمل لتثبيت هذا الجو الإيجابي وتدعيمه، حتى لا يكون طارئا وخاضعا لحسابات آنية، فإننا نأمل أن يستمر، وأن ينعكس على الأداء الحكومي، للإسراع في حل القضايا الملحة والمطروحة على جدول أعمال الحكومة، ومن بينها القانون الانتخابي، وملء الشواغر، ولا سيما في المواقع العسكرية، أو سلسلة الرتب والرواتب، ومعالجة القضايا الحيوية التي تهم المواطنين من الماء والكهرباء والصحة، ومعالجة أزمة النفايات، وتأسيس قواعد البدء بمعالجة الفساد المستشري".
ولفت الى "ان اللبنانيين يعرفون أن هذه الحكومة التي جاءت محملة بآمال ووعود كثيرة، لن تستطيع أن تنجز ذلك في الفترة القصيرة، ولن يحملوها أكثر من طاقتها، ولكنهم يريدون منها أن تكون جادة في العمل، بعيدا عن المناكفات والحسابات والمصالح الخاصة على حساب الوطن، وأن تبذل أقصى طاقتها للتخفيف من معاناتهم، وحل مشكلاتهم، وتعويض ما فاتهم خلال أزمة الفراغ الرئاسي، وتحقيق الإنجازات العملية التي تجعلها تحصل على الثقة الحقيقية من الشعب".
وقال: "ونبقى في لبنان، لنعبر عن أهمية العمل واستنفار جهود القيادات الدينية والسياسية والفعاليات، للحد من ظاهرة الثأر بين العشائر والعائلات في البقاع، نظرا إلى خطورتها على الواقع الاجتماعي في البقاع، وتداعياتها الإنسانية، وأثرها في العدالة عندما يقتل غير القاتل، أو يقتل القاتل من دون أن تراعى ظروف القتل أو المبررات التي أدت إلى ذلك، فضلا عن خطرها على الاستقرار، وإساءتها إلى صورة هذه المنطقة التي كانت ولا تزال عنوانا للعنفوان وللقوة وحمل القضايا الكبرى"، مؤكدا "اننا نريد للدولة أن تقوم بدورها في معاقبة المجرم أيا كان. ومتى حصل ذلك، فإنه سيساهم في جعل الدولة خيار الجميع، ولن يأخذ بعد ذلك أحد حقه بيده، وسيخفف كثيرا من حالات الثأر".
وتابع: "وإلى سوريا، حيث سررنا بالإعلان الصادر عن الجيش السوري وفصائل المعارضة، بوقف إطلاق النار، والذي تم برعاية روسية وتركية ومباركة إيرانية، ليساهم في إيقاف نزيف الدم والدمار المستمر منذ أكثر من ست سنوات، والذي اكتوى بناره الشعب السوري، وجعله يتوه في داخل بلده وخارجه، وليمهد ذلك لحل سياسي لا بديل منه لاستقرار البلد، وإنهاء حالة الانقسام التي يعيشها، ليعود بعد ذلك، كما نريده، بلدا موحدا قويا بجيشه وتلاحم شعبه، وليؤدي دوره الريادي المعهود".
واضاف: "وإلى فلسطين، التي تلقى فيها العدو الصهيوني صفعة هذه المرة من راعيه الأميركي، عندما امتنع عن استخدام حق نقض الفيتو ضد القرار الصادر عن مجلس الأمن، الذي يقول بعدم شرعية المستوطنات في الضفة الغربية والقدس. ونحن في الوقت الذي نؤكد أهمية صدور مثل هذا القرار، رغم تأخره وعدم فعاليته في مواجهة الكيان الصهيوني، لكونه يعطي الفلسطينيين بعض الحق الذي سلب منهم، وما زالوا يريدون منه الكثير.. لكننا نرى أن ما جرى، لم يكن لحساب الشعب الفلسطيني، بل لحساب الرؤية الأميركية، التي تريد حل القضية الفلسطينية حفظا لهذا الكيان في هذه المرحلة، حيث الضعف العربي والإسلامي والتشتت الفلسطيني على أشده. ورغم هذا الأمر، ضربت إسرائيل القرار الدولي بعرض الحائط، وقالت إنها ستستمر في بناء وحدات سكنية جديدة في الضفة الغربية، وهنا يطرح السؤال: كيف ستتصرف أميركا والدول الغربية والأمم المتحدة حيال الكيان الصهيوني؟ وماذا لو كانت الدول العربية والإسلامية هي التي تخرق القرارات الدولية؟".
واعلن انه "من المفارقات، أنه في الوقت الذي بدأت تمارس بعض الضغوط الدولية على الكيان الصهيوني، تفتح أبواب التطبيع في البحرين، التي استقبلت وفدا صهيونيا أقام حفلا غنائيا يتضمن دعوة إلى إعادة بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى. وفي الوقت الذي ندين أي مظهر للتطبيع مع هذا العدو، الذي يستمر في احتلاله لفلسطين، وإجرامه بحق الشعب الفلسطيني، ويعمل على إيجاد مناخات للفتن التي تعانيها الشعوب العربية والإسلامية، فإننا لا نرى في ذلك صورة لشعب البحرين الذي نعرفه، والذي كان دائما في مقدمة الشعوب التي تناهض هذا الكيان واحتلاله".
وختم: "أخيرا، وعلى أعتاب بداية سنة جديدة، نتوجه بالتهنئة إلى جميع اللبنانيين، سائلين الله أن يجعل مستقبل سنتنا خيرا من ماضيها، وأن ننعم فيها بالأمن والسلام والوحدة، وأن نقف متراصين في مواجهة كل الذين يكيدون لهذا البلد، ويريدون العبث باستقرارنا وثرواتنا ومستقبلنا".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)