ورحب محمد في مقابلة مع الأناضول، بانخفاض أعمال الإسلاموفوبيا في فرنسا من 905 في 2015 إلى 581 في 2016، أي بتراجع قدره 35.9 %، إلا أنه أعرب عن مخاوفه بشأن الدوافع الحقيقية الكامنة وراء هذا الإنخفاض المفترض، والذي "لا يبعث على الإطمئنان أبداً"، على حد تعبيره.
وأوضح محمد أنّ التراجع المعلن يستبطن "عزوفا من قبل بعض الضحايا عن الإبلاغ عن تلك الأعمال، لفقدانهم الثقة في السلطات العامة وفي دفاع الأخيرة عنهم لاستعادة حقوقهم".
وتصديقاً لما تقدّم، لفت إلى أنه "كلما صادقت المؤسسات (الحكومية الفرنسية) على بعض أشكال معاداة الإسلام، إلا وتعمّقت أكثر مشاعر فقدان الثقة والشكوك ».
وعلى صعيد آخر، أشارت أحدث تقارير المنظمة الفرنسية إلى ظهور إسلاموفوبيا وصفها بـ "الأمنية"، تشرّع لـ"ممارسات" تستهدف بطريقة ممنهجة العائلات المسلمة، تحت غطاء مكافحة الإرهاب.
ولفت محمد الى أن منظمته أحصت في 2016، 247 حالة إقامة جبرية، وعمليات تفتيش وحظر تعسفي للخروج من البلاد، استهدفت «أسراً بريئةً»، وفق تعبيره، «ليس لأنها ارتكبت عملاً منافياً للقانون، وإنما استهدفت على أساس معايير غير موضوعية ذات صلة بممارسات تلك الأسر الدينية».
وبالنسبة لمحمد مروان، فإن جهاز مكافحة الإرهاب «غير فعال»، محذراً من تأثيره «المدمر على آلاف العائلات البريئة».
وفي معرض حديثه عن الدور الذي تلعبه منظمته بهذا الصدد، شدد المسئول على أن ما تقوم به يتعدى مجرد دعم الضحايا ليشمل مجالات أوسع، خصوصاً في ما يتعلق بتوعية الرأي العام.
واعترف بأن التضامن مع ضحايا الأعمال المعادية للمسلمين يشهد ارتفاعاً بفضل «جهود الأكاديميين والصحفيين والجمعيات، إلى جانب التأثير الردعي والتربوي للقوانين».
وبما أنه من الضروري معاقبة مرتكبي الأعمال التمييزية، شدد محمد، في الآن نفسه، على أهمية الوقاية المعتمدة بالأساس على تنظيم «دورات تدريبية لتوعية الناس بحقوقهم»، وتحذير السلطات العامة، بهدف وضع حد لتلك الأعمال».
فـ«توعية الرأي العام حول واقع ظاهرة الأسلاموفوبيا في فرنسا»، يتابع، «تعتبر إحدى أولويات الجمعية الفرنسية لمناهضة الإسلاموفوبيا، سعياً نحو إخراج المسلمين من دائرة اعتبارهم قضية سياسية وإعلامية».
وعلاوة على ما تقدم، سلط مدير المنظمة الفرنسية الضوء على جانب آخر من الموضوع لا يقل أهمية عن سابقيه، وهو «استغلال هذه الظاهرة لأغراض انتخابية».
وقدر محمد أن "التركيز الواضح للساسة في العديد من البلدان الأوروبية، بينها فرنسا، على معاداة الإسلام، إنما يرمي من ورائه الساسة إلى استقطاب ناخبي اليمين المتطرّف ».
وتوضيحاً للجزئية الأخيرة، قال إن "اتهام الخصم السياسي بالرضا عن أي شكل من أشكال الإنتماء الإسلامي، أو بعدم مشاركة الخطاب المعادي للإسلام ، يزن انتخابياً"، وهذا الأمر يشي بالكثير حول "تأثير الإيديولوجيا المعادية للإسلام على النقاش السياسي في فرنسا».
واستشهد محمد، في هذا السياق، بالهجمات الشرسة التي شهدتها الانتخابات التمهيدية لليمين واليسار الفرنسيين، لاختيار مرشحيهما للرئاسية المقبلة، والتي استهدفت المرشحين آلان جوبيه (يمين) وبنوا آمون (يسار)، على خلفية ما اعتبره البعض «تواطؤا مزعوماً مع المسلمين».
وعلاوة على تأثيرها الانتخابي والإجتماعي، رأى محمد أن الاسلاموفوبيا من الظواهر التي تتسبب في تراجع الحريات الأساسية في أي مجتمع تستهدفه، بما أن تداعياتها تشمل جميع مكونات المجتمع، ولا تقتصر على المسلمين».
فقانون 2004، والذي نص على حظر ارتداء الحجاب في المدرسة، قاد نحو «منع ارتداء جميع الرموز الدينية في المدارس الحكومية»، كما يقول.
واستنكر محمد، في ختام حديثه، ما أسماه بـ «السخط الإنتقائي إزاء الضحايا المسلمين للإرهاب»، أي أنه حين لا تثير الهجمات الإرهابية التي تستهدف تركيا ذات السخط والغضب في أوروبا مقارنة بهجمات مماثلة في بلدان أخرى، فلأن الضحايا في الحالة الأولى مسلمون وفي بلد مسلم».
وتعنى الجمعية الفرنسية لمناهضة الإسلاموفوبيا، والتي تأسست العام 200، بتوفير الدعم لضحايا الأعمال المعادية للمسلمين، وتيسير حصولهم على حقوقهم. (۹۸۶۳/ع۹۴۰)