وأضاف: "إنّ فنّ الخطابة هو من الصناعات الخمس التي ذُكِرت في علم المنطق، بالإضافة الى صناعة البرهان والجدل والمغالطة والشرح، وصناعة الخطابة هي فنّ والخطيب يستعين بقابليّاته الذاتيّة في سبيل إقناع الجمهور بوجهة نظره، وهذه القابليّات تحتاج الى صبر وتربية وتحتاج الى جرأة، وقد استمعنا اليوم الى هؤلاء الفتية فكانوا نعم التربية سواءً كان في الأداء أو المضمون، ومن ورائهم لا شكّ الأساتذة الأفاضل الذين بذلوا جهداً كبيراً في أن يتجاوز هؤلاء الأبناء مجموعة حواجز منها حاجز الارتباك والحياء".
وبين: "لا شكّ أنّ هؤلاء الطلبة سيكونون من خطباء المستقبل كلٌّ بحسب اختصاصه، ولكن هذه المقدرة الخاصّة التي يتمتّعون بها لإيصال أفكارهم الى الآخرين هي مهمّة، وإنّ من جملة ما تميّز به أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) أنّهم تمتّعوا بالفصاحة، وكان أمير المؤمنين(عليه السلام) يُنعت بأنّه سيّد البلغاء والنبيّ(صلى الله عليه وآله) هو أفصح مَنْ نطق بالضاد، وهذه القدرة على البيان والقدرة على مواجهة الأحداث إذا نمت عند هؤلاء الأولاد فإنّها لابدّ أن تنمو".
وتابع السيّد الصافي: "العراق بالإضافة الى معالمه التراثيّة فهو بلد الكفاءات والعلماء وبلد الشعر والخطباء وقد قطع شوطاً كبيراً وكثيراً في هذا المجال وتربّع على مجموعة فنون".
وطالب السيد الصافي المشرفين على هؤلاء الطلبة: "أن لا يتوقّفوا معهم عند هذا الحدّ وإنّما يستمرّوا معهم بين فترةٍ وأخرى تشجيعاً لهم وبذل المزيد من الوقت لإذكاء هذه الحالة المعنويّة الماديّة عندهم، ولا بأس أن تكون هناك مسابقات على مستوى كبير في هذا الفنّ، كما للشعر مسابقةٌ كذلك للخطابة مسابقة".
وأوضح: "العتبة العبّاسية المقدّسة قد نهجت من خلال مشروع فتية الكفيل الوطني نشاطات متعدّدة وبين فترة وأخرى يفاجئنا المشرفون عليه بمشاريع وابتكارات الغرض منها هو تنشئة هذا الجيل وفق الأسس البلاغيّة الأدبيّة العربيّة".
وبيّن السيد الصافي: "إنّ اللّغة العربيّة قد تُهجر من خلال ما تفتقر الى سوق رائجة لها، والواقع نحتاج الى أن تسترجع عافيتها، ولعلّ من جملة استرجاع العافية هو الاحتفاظ بالنصوص الأدبيّة القديمة التي تُحاكي ذات اللّغة العربيّة بعيداً عن الإسفاف غير المقبول وبعيداً عن اللهجات الدخيلة عليها، طبعاً العامّية لها سوق ولها مجال وهذا لا بأس من الاهتمام به، لكن اللّغة العربيّة أيضاً لابُدّ أن يكون الاهتمام بها أيضاً كبيراً، فهي لغة الضاد ولغة القرآن الكريم، والنصوص العربيّة القديمة التي تعطي هذه المعاني الخاصّة ولا يفهمها إلّا الذي يتعمّق فيها، فهناك لذّة في النصوص العربيّة سواء كانت في آيات القرآن الكريم أو في نهج البلاغة أو في الصحيفة السجّادية".
وأكّد: "المرجوّ الاهتمام بحفظ النصوص العربيّة الأصيلة التي تصلح أن تكون شواهد سواءً كانت شواهد في النحو أو شواهد في بقيّة الأساليب العربيّة، أعتقد أنّ الأطفال أو الأولاد الذين في مثل هذا العمر هم أقدر على حفظ هذا التراث والترويج له خصوصاً في المسابقات الكبيرة، والأساتذة الأفاضل أيضاً هم أقدر على أن يُطعّموا هذه القدرات بهذا اللّون من اللّغة، ولا شكّ أنّ الأولاد يستمعون الى معلّميهم كثيراً كما شاهدناه الآن".
واختتم السيّد الصافي قائلاً: "الشكر الى العوائل الكريمة التي شجّعت أولادها على هذا الاهتمام، ولا يوجد عندنا خاسر الكلّ بحمد الله تعالى فازوا بهذه المشاركة، وأسمعوا اللّجنة والحضور تحفاً من الكلام وتحفاً من الصياغات وتحفاً من الأساليب والقدرات التي تجعلهم يتحكّمون في أصواتهم بطريقةٍ أو بأخرى لغرض إقناع المشاهد أو المستمع بما يجود به".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)