وخلال خطبة الجمعة، لفت الى "أننا مع الكثيرين في هذا البلد، نخشى أن يُدفع البلد نحو المجهول، بفعل اللعب على حافة الهاوية، بحيث تتقلص الخيارات المتاحة بين الفراغ، والتمديد، والعودة إلى قانون الستين، فإذا لم يتم التوصل إلى قانون جديد، سيقع الوطن بين فكي التمديد والفراغ، الأمر الذي قد يفرض العودة إلى الستين مع تعديله، حفظاً لماء وجه الرافض له.. وقد ارتفعت أصوات عديدة تطالب الطبقة السياسية باعتماد هذا القانون".
وأوضح انه من المعيب أمام هذا المأزق القائم، أن يقال عن القوى السياسية اللبنانية إنها غير قادرة على إدارة شؤونها، وهي تحتاج دائماً إلى من يدير لها شؤونها.. ويفرض عليها الصيغة التي يلتزم بها الجميع، إلا إننا نثق بأن القوى السياسية قادرة دائماً على الخروج بحلول، عندما تخرج من حساباتها الخاصة إلى حسابات الوطن، ومن الحسابات الطائفية إلى قيم الأديان.
وأكد انه في هذا الوقت، تستمرّ معاناة اللبنانيين في الأزمات التقليدية في الكهرباء والماء والصحة والنفايات والواقع الاجتماعي الصعب، حيث يزداد الفقراء فقراً، ولا من مجيب، في الوقت الذي طفت على السطح خلال الأسبوع الماضي عدة تحركات مطلبية، كتلك التي نفذها المياومون في شركة الكهرباء أو المتعاقدون أو مزارعو التفاح، الذين لم يعطوا ما وُعدوا من مستحقات، أو أصحاب الشاحنات، وإن كان البعض قد وضع هذه التحركات في الإطار السياسي، مشيرا الى اننا لا نرى في ذلك إلا نتيجة لإدارة الدولة ظهرها لمصالح مواطنيها، وعدم إيجاد الحلول الناجعة لهم، ولذلك من الطبيعي أن تحمل الأيام القادمة تحركات مماثلة، ومن مسؤولية الدولة التي باتت تستسهل إيقاف جلسات مجلس الوزراء وجلسات مجلس النواب، أن تحرك جهودها لمعالجة مشاكل مواطنيها الملحة، وأن لا يشغلها عن ذلك شاغل.
وأشار الى انه لا بد لنا في إطار التحركات الشعبية، من تنبيه المواطنين إلى عدم إقفال الطرقات، كوسيلة لتحصيل الحقوق أو للاحتجاج على أمر معين، نظراً إلى تداعيات ذلك على مصالح الآخرين وأعصابهم، وإلى المشاكل التي قد تترتب عليه، بما يؤدي إلى تأليب الناس ضدهم، وإلى تحقيق مصالح الجهات التي لا تريد تحقيق مطالبهم.
ولفت إلى حرمة ذلك على مستوى الحكم الشرعي، فلا يجوز لأحد قطع طريق الناس، ونحن ندعو أصحاب المطالب والاحتجاجات إلى التعبير بوسائل أكثر حضارية وأقل ضرراً على المواطنين الذين قد يعيشون المعاناة نفسها. ونبقى في الشأن اللبناني، لنؤكد على القوى السياسية الارتقاء إلى مستوى الأخطار التي تحيط بالساحة اللبنانية، سواء الاقتصادية أو النقدية أو تلك القائمة على الحدود الشرقية أو الحدود الجنوبية.
وفي الملف السوري سوريا، اشار الى انه يستمر الصراع على هذا البلد، لتقاسم النفوذ فيه بين القوى الدولية والإقليمية المتصارعة، وفي هذا الإطار، تدخل اسرائيل مجدداً على خط هذا البلد، لتضرب عاصمته وتؤكد حضورها في هذه الساحة ومشاركتها فيها، ومع الأسف، يجري ذلك في ظل صمت عربي، في الوقت الذي يعرف الجميع أن السكوت على استباحة عاصمة عربية أو بلد عربي، ومهما كانت المبررات، سيمهد لاستباحة دول عربية وغير عربية أخرى من هذا الكيان أو غيره.
واكد اننا أمام ذلك، نعيد دعوة الدول العربية إلى اليقظة، ووعي ما يجري لبلد هو من عمق العالم العربي، والالتفات إلى الضرر الذي سيصيبه ويصيب مستقبله، بعد أن يصبح لقمة سائغة في أيدي الدول الكبرى، لافتا الى انه لا بدَّ من أن نتوقّف عند اليمن، لنشير إلى استمرار معاناة الشعب اليمني، التي لا تقف عند حدود ما يتعرض له من قتل، بل تتخطاه إلى المجاعة، حيث تشير الأرقام التي نشرتها أخيراً منظمة الأمم المتحدة، إلى أن أكثر من واحد وعشرين مليون يمني يعانون انعدام الأمن الغذائي، جراء استمرار الحرب على هذا البلد، وانهيار النظام الزراعي والصحّي فيه.
ونحن هنا نسأل: ألا يدعو كلّ هذا الدّمار والجوع إلى إيقاف هذا النزيف، والإسراع في إيجاد حل يعيد لليمن وحدته واستقراره، ويوقف المأساة التي تجتاحه؟
وعن فلسطين، اشار الى انه "يستمرّ إضراب الأسرى عن الطعام لليوم الثاني عشر على التوالي، رغم الضغوط الكبيرة التي يقوم بها الكيان الصهيوني للتضييق عليهم، للعودة عن هذه الخطوة، نظراً إلى تداعياتها على صورة هذا الكيان"، لافتا الى انه في هذا الوقت، يستمرّ الحراك الداعم للأسرى الفلسطينيين داخل المدن الفلسطينية في الضفة وغزة وأراضي 48، فيما يستمرّ خجولاً في العالم العربي والإسلامي، وكذلك من جانب الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، ونحن هنا، نطالب كلّ هؤلاء بوقفة جادة مع معاناة الأسرى وتضحياتهم.(۹۸۶۳/ع۹۴۰)