03 July 2017 - 18:12
رمز الخبر: 431721
پ
الشيخ قبلان:
شارك المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في مؤتمر حوار إسلامي - مسيحي في جامعة سيدة اللويزة زوق مصبح، بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، والقى كلمة قال فيها:"بمنطق الله، ليست القضية متى أصبح مواطنا، بل كيف أكون إنسانا، لا على قاعدة أن الله لا يحترم المصالح الوطنية، بل لأن المنطق الحقوقي عند الله يبدأ بالإنسان، فإذا تأنسنت الحقوق تعززت الأوطان".
الشیخ احمد قبلان

 وتابع:"المشكلة الأساس في هذا المعنى تكمن بالتعددية الثقافية والدينية وغيرها، بخلفية أن الطريق إلى الله باب وليس أبوابا، فيما رسول الله محمد يقول:الطريق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، بسعة (فأينما تولوا فثم وجه الله).

لذلك نحن على مستوى الدين الإسلامي، نؤمن بالمبادىء التالية فيما خص الآخر مهما كان الآخر في الساحتين المحلية والدولية:

أولا:الإنسان هو أكبر المقدسات عند الله تعالى، وهو أكبر معاني قوله (إني جاعل في الأرض خليفة)، تقديرا منه لخصوصية وعظمة الإنسان.

ثانيا: التعدد والتنوع الفكري والديني والطائفي ظاهرة متجذرة في الأرض، وهي بواحدة من أسبابها نتيجة للجدل العقلي، وأشكال الارتباط مع عالم السماء، وفيه قال الله (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين).

ثالثا: لا يمنع التنوع والتعدد خاصة الديني من بناء الأوطان، بل لم يخل وطن للأنبياء من التعددية والتنوع والمعيار فيه (لكم دينكم ولي دين)، وليس المعيار لكم وطنكم ولي وطني.

رابعا: ليس في دين الله أن حدود الكيانات الدولية والمحلية يجب أن تتمايز بالانتماء الديني والعرقي والطائفي وشبهه، لأن مبدأ الله بالإنسان قوله تعالى (خلقكم من نفس واحدة)، وفي النبوي المشهور: كلكم لآدم، كأساس للوحدة الشاملة للتنوع ووفق قوله تعالى (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) أي لتتعايشوا بسلام وأمان رغم التنوع والاختلاف".

 

اضاف: "الأهم من ذلك، لا يريد الله وطنا محسوبا عليه، فيما أكثر خلق الله منفيون أو منبوذون بخلفية أنهم ليسوا من طائفة الله، لذلك أرسى الله مبدأ المصالح النوعية للبشر بقوله (ولقد كرمنا بني آدم) كأساس ضامن لمطلق الناس، لأن المبدأ عند الله أحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله، وفي الخبر عن أمير المؤمنين الإمام علي كافر عادل خير من مسلم ظالم، لأن القضية في دين الله كيف تؤمن مصالح الناس، وتنفعهم وليس كيف تقتلهم وتقصيهم".

 

تابع: "لذلك في المبادىء الأولية نزل القرآن (بما ينفع الناس)، مطلق الناس، لأن رأس بعثة الأنبياء قوله (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن) فيما برامجهم يختصرها قوله تعالى (وافعلوا الخير) مطلق الخير لمطلق إنسان، (لعلكم تفلحون).

بتعبير آخر، منطق الدولة بمفهوم الله يبدأ بضمان المصالح الجامعة للناس، مطلق الناس، فإذا خرج عن هذا المبدأ، لم يعد لله بهذه الدولة أية حاجة. وتطبيقا لهذا المعنى، وكعنوان شرعي أسأل عنه أمام الله سبحانه وتعالى، ودليله قرآني وسنة نبيي محمد فإن المسيحي أو الزرادشتي أو الأيزيدي، بل حتى الملحد الضامن لمصالح الناس هو يمثل ديني إن ضمن مصالح الناس على رأس مشروع حكومي ضامن (تماما كالنجاشي وقول النبي لاصحابه اذهبوا الى الحبشة فان فيها ملكا لا يظلم عنده أحد)، لأن فلسفة الله بالنظام السياسي تبدأ بالمصالح الضامنة لمنافع الناس وحاجاتهم. فمن تحققت على يده منافع الناس شمله قول رسول الله محمد خير الناس أنفعهم للناس".

 

وقال:"لذلك، وليس تسجيلا لموقف، أقول: نحن في لبنان مع دولة المصالح الوطنية العابرة للطوائف والحاكمة عليها، مع خيار المواطنة كعنوان لمؤسسة سياسية مجيرة لخدمة المواطن كإنسان وليس كطائفة أو ملة، مع المجموعة الحقوقية التي تضمن المسيحي والمسلم، بل حتى الملحد، على قاعدة الجامع الحقوقي والتنوع الديني والفكري وفق مبدأ (لا إكراه في الدين) وبسعة المقرر من قوله تعالى (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) مقابل مشروع السلطة المأخوذ فيه مبدأ:(فاستبقوا الخيرات) مطلق الخير لمطلق إنسان، بكافة مستوياته، السياسية والأخلاقية والاجتماعية والمعرفية، بمفاد أن الله يريد من مشروعنا السياسي أن يضمن خير الناس، وعدالتها، بعيدا عن خصوصية دينها وملتها وطائفتها.

لذلك نحن مع الدولة الضامنة وليس مع الشخص الضامن، مع الدين الأشمل لمصالح الناس ولسنا مع الدين الضيق عن مصالح الناس، مع حماية التعددية والتنوع، مع المشروع السياسي الذي يؤمن حق المواطن بعيدا عن ملته ودينه وفكره، ضمن مشروع مؤسسات وقوانين وآليات أكبر من الأشخاص، وقضاء أكبر من الطوائف والزعامات السياسية، وسياسات اجتماعية أكبر من الولاءات السياسية والمناطقية والنفوذية، مع أطر لتداول السلطة تمنع الاستبداد الصريح والمقنع، نحن مع قانون انتخاب ودوائر تعطي المواطن أكبر قدر من التأثير، وتلزم المسيحي والمسلم والمختلف الآخر بالشراكة الإنسانية والسعي لتحقيق المصالح الوطنية والأهداف الانسانية، نحن مع الدين الذي يرد الناس إلى آدم، كأساس للشراكة، مع تنشئة مدنية تقول "المسيحي والمسلم والمؤمن والملحد وغيرهم كلهم خلق الله"، وتضمن فلسفة النبي محمد من قوله:الطريق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق".

 

واضاف:"نحن مع المسيحي المظلوم ضد المسلم الظالم، مع الأقلية التي تحكم بالعدل ضمن مشروع عادل وضد الأكثرية الظالمة، لأن العدل عدل ببعد النظر عن صاحبه والظلم ظلم ببعد النظر عن صاحبه، أيضا نحن مع العدالة الاجتماعية في الغرب وضد أكثر العدالات الاجتماعية في الشرق، نحن مع مصالح الإنسان الجامعة وضد كل فساد أو عدوان اجتماعي أو سياسي أو عسكري أو فكري أو قضائي يطال مطلق إنسان ببعد النظر عن دينه وملته، لأن الله تعالى يقول (وما الله يريد ظلما للعالمين) مطلق العالمين، بحدود (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) أي مطلق الناس، ببعد النظر عن ملتها وطائفتها ولونها وعرقها وجنسها لأن أكبر ما جاء به النبي محمد عن المولى سبحانه وتعالى:رأفته ورحمته وضمانه لمصالح العالمين.

وفي نفس الوقت نحن ضد الطائفية، والضمانات الشخصية على حساب المؤسسة الحكومية، ونحن لسنا مع الاعلام التاجر، والتسيب الفكري، والتسويات السياسية بحجم الأطر والزعامات، وتسليع الإنسان وخاصة المرأة، وكسر مقولة الآداب العامة، لأن فصل الوطن عن الإنسان خيانة، وفصل الإنسان عن مبدأ وجوده نحر له، والإنسان بدين الله يعيش بالإنسان وينتفع به، وفصله عن السماء كفصل جسده عن روحه، والمبدأ بتعدد الأديان (إن حسابهم إلا على ربي) فيما المبدأ بمصالح الأوطان (يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق)، مطلق الحق، لمطلق إنسان، ذلك هو رأس فلسفة الإسلام بما خص المواطنة والتنوع، وتعدد الملل والأديان، لأن المبدأ الاجتماعي عند الله اختصره نبيه بقوله:الخلق عيال الله وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله".

 

وختم:"لا شك أن العالم اليوم يعيش لغة العدوان واستنزاف السلام، خاصة بمنطقة الشرق الأوسط وبلاد العرب، مع أن فريضة الله بأهل الإسلام ألا يكونوا ضحية لعبة دولية أو مشروع عداوة إقليمية، أو يعيشوا عقدة الحقد ضد أي آخر مختلف، لأن رأس القيمة الحقوقية عند الله قوله:(لا تسفكون دماءكم)،(لا تعتدوا)، (لا تعثوا في الأرض مفسدين)، لذلك نؤكد أن دم الإنسان على الإنسان حرام، ودم المسلم على المسلم حرام، حرام دمه وعرضه، وأمنه، وحقه بالشراكة، وسلام كيانه وإنسانه، حرام أن تخاصم العرب العرب، حرام أن تلتهم النار بلاد العرب، حرام ذبح الإنسان ودمار البلاد وخيانة الأوطان، أقول: عودوا إلى الكعبة لتجمعكم بالله، وأقصروا فإن الحقد يولد الحقد، والمحبة بالمحبة، والسلام بالسلام".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.