وبحسب الموقع الإعلامي "آستان نیوز" ألقى سماحة السید إبراهیم رئیسي کلمة في مؤتمر "الشباب المؤمن الثوري" والذي أقیم في یوم ذکرى شهادة الإمام الجواد علیه السلام؛ وبمشارکة الآلاف من النخب العلمیة في مدارس البلاد، هذا المؤتمر أقیم في قاعة القدس للمؤتمرات في الحرم الرضوي الطاهر. سماحته بیّن فی کلمته مکانة العمل والفکر الثوري وأهمیتهما، وأوضح أنّ الشباب السیاسي والثوري یجب أن یکون ملما بظروف زمانه وأن یتحلى بالشعور بالمسؤولیة، وأن یؤدي دوره وفق ما تتطلبه طبیعة الظروف المحیطة، وقال: الفکر والعمل الثوریین هم عبن المنطق والتعقل، فالعمل الثوري لایعني أبدا النظر إلى المنافع الآنیة؛ بل یعني الاهتمام بالمصالح المستقبلیة الحقة، والاهتمام بالمنافع الوطنیة، ومنافع الإسلام ککل؛ ولیس المنافع الفردیة والشخصیة.
عضو مجمع مصلحة تشخیص النظام أضاف: للأسف یتصور البعض أنّ العمل الثوري وصفة الثوریة في الفکر والعمل تعني النظرة العاطفیة والاهتمام بالمنافع الآنیة والتهور، في حین أنّ اتصاف الشخص بالثوریة فهذا یعني تحلیله الصحیح للأمور والمسائل، ویعنی الاتصاف بالعقلانیة والمنطق والمحاسبات الدقیقة.
*مراتب الجهاد
سماحته أشار في کلمته إلى مراتب الجهاد؛ فقال: الإنسان إذاما ما جاهد العدو الخارجي فهذا هو الجهاد الأصغر، وإذا ما جاهد هوى النفس والشهوات الشیطانیة فهذا هو الجهاد الأکبر، والجهاد الأکبر یکون للناس العادیین، والجهاد الأوسط یکون لعباد الباري تعالى الخلصاء، في الجهاد الأوسط یکون العشق الإلهي والانقطاع له سبحانه؛ فیکون سیر الإنسان وسلوکه سلوکا مخلصا وخالصا لوجهه تعالى.
عضو الهیئة الرئاسیة لمجلس خبراء القیادة بیّن أنّ العبودیة والتدین لیست إلا العشق والمودة، وقال: الکثیر من الأمور إذا لم نقم بها بمحبة وإخلاص فإنّ القیام بها سوف یکون صعبا جدا، وهذا الأمور لیس منحصرا بالأمور الدنیویة؛ بل هو جار في الأعمال العبادیة، والباري تعالى یقول: (وَ إِنَّها لَکَبیرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعینَ)؛ فالإنسان إذاما صار خاشعا ومحبا للعبادة؛ فحینها العبادة لن تصبح سهلة ویسیرة وحسب بل سیکون في أدائها اللذة وانشراح الصدر للإنسان.
سماحة السید رئیسي استشهد في کلمته بقول الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام: "إِنَّ الجِهادَ بابٌ مِن أَبوابِ الجَنَّةِ فَتَحَهُ اللّه ُ لِخاصَّةِ أَولیائِهِ"، وقال: نظرة العشق للجهاد تیسر التضحیة بالرأس في سبیل الله تعالى کما فعل الشهید حججي، وتیّسر تلقي الرصاص وتیسر تحمل الهجمات المادیة والمعنویة، الشهید المجاهد حججي کان شابا یعیش في إحدى أحیاء مدینة نجف آباد الصغیرة؛ ولکن الباري تعالى شاء أن یعلی من اسمه ومن شأنه؛ وقد حاز هذا البطل المجاهد على مقام شامخ عند الشعب الإیراني وجمیع الأحرار في العالم مقام وصفه سماحة السید قائد الثورة بالقول:" الباري تعالى جعل من الشهید حججي حجة وضعها أمام أعین الجمیع".
*حیاة الإمام الجواد علیه السلام استمرار لحرکة الإمامة والولایة
واشار متولي العتبة الرضویة المقدسة في جزء آخر من کلمته إلى المقام الرفیع للإمام الجواد علیه السلام، وقال: ورد على مجلس الإمام الرضا علیه السلام یوما صبي یافع، فقال علیه السلام: "هذَا الْمَوْلُودُ الَّذي لَمْ یُولَدْ مُوْلُودٌ اَعْظَمُ بَرَکَةً عَلی شیعَتِنا مِنْهُ"، وهذا الکلام یثبت المقام الولائي والمعنوي السامي والعظیم لمولانا الإمام الجواد علیه السلام.
وأوضح أنّ حیاة الإمام الجواد علیه السلام کانت استمرارا لحرکة الولایة والإمامة، وقال: في زمن الإمام الرضا علیه السلام ظهرت حرکة الواقفیة بین أتباع المذهب، وقد تشکلت هذه الحرکة من اشخاص یدعون أنّهم من أتباع الإمام الکاظم علیه السلام، وکان في أیدیهم أموال الشیعة؛ ولکنهم وقعوا في الفساد المالي، وامتنعوا عن تسلیم الأموال المجباة من الشیعة والموالین للإمام التالي للإمام الکاظم علیه السلام وهو ابنه الإمام الرضا علیه السلام.
*الفساد الاقتصادي یؤدي إلى الفساد السیاسي وإلى الانحرافات الدینیة
وصرح عضو المجلس الأعلى للحوزة العلمیة في خراسان: الفساد الاقتصادي یؤدي إلى الفساد السیاسي وإلى الانحرافات الدینیة، والمثال الأبرز على ذلك حرکة الواقفیة والفکر الواقفي، وهي الحرکة التي ظهرت بعد شهادة الإمام موسى الکاظم علیه السلام، وأصحابها شککوا بإمامة الإمام الرضا ومن بعده الإمام الجواد علیهما السلام.
وأوضح أنّ أئمة الهدى علیهم السلام أکدوا جمیعا على أصول عامة وثابتة، ومنها إثبات حرکة الولایة والزعامة، ومواجهة الفساد والظلم، وقال: الأئمة لم یساوموا أو یهادنوا المستکبرین والظلمة؛ نعم کان لکل واحد من الأئمة الأسلوب المختلف في مواجهة الظلم؛ وذلك بحسب مقتضیات الزمان، ولکن مواجهة الظلم ومحاربته کانت أصلا ثابتا عند جمیع الأئمة الأطهار سلام الله علیهم.
واعتبر السید إبراهیم رئیسي اعتبر أنّ مواجهة الاستکبار هي أصل من أصول الدین الهامة، وقال في هذا الشأن: کانت مواجهة الاستکبار وعلى الدوام جزءاً لایتجزء من سیرة أئمة الدین ومناهجهم، وهناك مقولة مشترکة بین جمیع أولیاء الدین، وهي: الدعوة إلى التوحید ومحاربة الاستکبار والظلم.
وأشار إلى کتاب "إنسان بعمر 250 عاما" لسماحة السید قائد الثورة، وقال: خطاب الأئمة الأطهار علیهم السلام ومقولتهم واحدة، وکما ورد في هذا الکتاب القیّم للسید قائد الثورة: الأئمة المعصومون کأنّهم رجل واحد عمره 250 عاما.
*الإمام الجواد(ع) مظهر الجود والکرم الإلهي
وقال: الإمام الجواد علیه السلام مظهر للجود والکرم الإلهي، وعلى الشباب أن یعلموا أنّ الشرط الأول لإیجاد الکرامة عند الإنسان وشرط ارتباطه بالباري تعالى هو امتلاك الفکر التوحیدي والإخلاص للباري تعالى في کلّ حین وحال.
وأضاف: علینا أن نعلم ما هو محور الاعتدال في المجتمع الدیني، فمقولة أنّ الإفراط سيء والاعتدال جید ومطلوب مقولة صحیحة، ولکن یجب أن نعلم ما هو محور والاعتدال ومعیاره، وأین هو الخط الذي یحدد الابتعاد عنه الإفراط أو التفریط؛ فکل شخص یمکن أن یضع لنفسه معیارا وشاخصا للاعتدال، وهذا أمر غیر صحیح، فالمعیار الصحیح للاعتدال وللابتعاد عن الإفراط والتفریط هو المعیار الذي یحدده ویضعه الإمام ومقتدى الأمّة وقائدها.
وأوضح متولي العتبة الرضویة المقدسة أنّ الولي الفقیه هو الذي یحدد معیار وشاخص الاعتدال في المجتمع، وقال: نرى بعض الأشخاص یضعون ما یحلو لهم من معاییر، ولکن الباري تعالى یقول: (لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَکُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِیِّ)، فشاخص الاعتدال هو تنظیم الحرکة بناء على أساس مقام الولایة، والمیزان والشاخص هو ولي الله.
وختم السید إبراهیم رئيسي مشيرا إلى أهمیة الصالح والمصلح ومکانتهما في المجتمع، وقال: العلم الصائب والعمل الصالح لیسا کافیین لتحقیق الفلاح والسعادة، فالیوم یجب على الإنسان أن یکون مصلحا، وطریق إصلاح المجتمع هي قاعدة «کُلُکُّم راعٍ و کُلُکُّم مَسؤولٌ عن رعیته»؛ فطلب الإصلاح وإحساس المسؤولیة تجاه شؤون المسلمین، والاهتمام بأمورهم هي وظائف من صلب الإسلام، ولاتنفك عنه.(۹۸۶۳/ع۹۴۰)