31 August 2017 - 13:08
رمز الخبر: 433292
پ
الإمام الخامنئي:
اكد قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، ان العدو الصهيوني يثير الفتن في قلب جغرافيا العالم الاسلامي المنشغل بحروب داخلية في سوريا والعراق واليمن وليبيا والبحرين، داعيا رؤساء ونخب العالم الاسلامي الى العمل للوحدة والتحذير من النزاعات القومية والطائفية.
قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي

وفيما يلي نص النداء الذي وجهه سماحة قائد الثورة الاسلامية الى حجاج بيت الله الحرام والذي تمت قراءته اليوم في صعيد عرفات:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي سيدنا محمد خاتم النبيين، وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين.

أحمد الله العظيم إذ مَنّ هذا العام أيضاً على جموع المؤمنين من أنحاء العالم كافة بتوفيق إقامة الحج والانتهال من هذا المعين العذب الفياض، والاعتكاف في الأيام والليالي ـ التي تُعدّ ساعاتها المغتنمة المباركة إكسيراً معجزاً بوسعه تغيير القلوب وتطهير الأرواح وتجميلها ـ في جوار بيت الله العظيم وفي مواقيت العبادة والخشوع والذكر والتقرّب.

الحجّ عبادةٌ زاخرةٌ بالأسرار والرموز، والبيت الشريف موضعٌ طافحٌ بالبركات الإلهية ومظهرٌ لآيات الحق تعالى وبيّناته. وللحجّ أن يرتقي بالعبد المؤمن الخاشع المتدبّر إلى الدرجات المعنوية، وأن يصنع منه إنساناً سامياً نورانياً، وأن يجعل منه عنصراً ذا بصيرة وشجاعة وإقدام ومجاهدة. كلا الجانبين: معنوياً وسياسياً، أو فردياً واجتماعياً واضحان بارزان في هذه الفريضة المنقطعة النظير، والمجتمع الاسلامي اليوم بأمسّ الحاجة لكلا الجانبين.

من جهة يعملُ سحرُ النزعة المادية علي الإفساد والإغراء باستخدامه الوسائلَ المتطورة، ومن جهة ثانية تنشط سياسات نظام الهيمنة لاختلاق الفتن وتأجيج نيران النزاعات بين المسلمين وتحويل البلدان الإسلامية إلي جحيم من الخلافات وانعدام الأمن.

للحجّ أن يكون دواءً شافياً لكلا هذين الابتلائين العظيمين الذَين تعاني منهما الأمة الإسلامية، فهو يطهّر القلوب من الأدران، وينوّرها بنور التقوى والمعرفة، ويفتح كذلك العيون على واقعيات العالم الإسلامي المُرّة، ويُرسّخ العزائم لمواجهتها، ويُعزّز الخطوات، ويجعل الأيدي والأذهان مجنّدة للعمل.

يعاني العالم الإسلامي اليوم من انعدام الأمن أخلاقياً ومعنوياً، وكذلك سياسياً. والسبب الرئيس لهذا هو غفلتنا وهجمات الأعداء الشرسة. نحن لم نعمل بواجبنا الديني والعقلي مقابل هجوم العدو اللئيم. لقد نسينا (أشداء على الكفار) ونسينا أيضاً (رحماء بينهم). والنتيجة هي أنَّ العدو الصهيوني ما زال يثير الفتن في قلب جغرافيا العالم الإسلامي، ونحن غافلون عن الواجب المؤكد لإنقاذ فلسطين، وانشغلنا بحروب داخلية في سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، والبحرين، وبمواجهة الإرهاب في أفغانستان وباكستان وأماكن أخرى.

يتحمّل رؤساء العالم الإسلامي والنخب السياسية والدينية والثقافية في العالم الإسلامي واجبات جسيمة منها: واجب تحقيق الوحدة وتحذير الجميع من النزاعات القومية والطائفية؛ وواجب توعية الشعوب بأساليب العدو ومكائد الاستكبار والصهيونية؛ وواجب تعبئة الجميع لمواجهة العدو في شتّي ساحات الحروب الناعمة والخشنة؛ وواجب الإيقاف الفوري للأحداث الكارثية بين البلدان الإسلامية من قبيل أحداث اليمن التي سبّبت صورها الشنيعة اليوم، الحزن والاعتراض في كل أرجاء العالم؛ وواجب الدفاع الحاسم عن الأقليات المسلمة المضطهدة كمظلومي بورما وغيرهم؛ والأهمّ من كل ذلك واجب الدفاع عن فلسطين والتعاون والتضامن، من دون قيد وشرط، مع شعب يكافح منذ نحو سبعين عاماً من أجل وطنه المغتصب.

هذه واجباتٌ مهمة تقع على عاتقنا جميعاً، وعلى الشعوب أن تطالب حكوماتها بها وعلى النخب أن يسعوا بعزمٍ راسخ ونيّةٍ خالصة لأجل تحقيقها. إنَّ هذه الأعمال لهي تجسيد قاطع لنصرة دين الله التي ستقترن مع النصرة الإلهية وطبقاً للوعد الإلهي بلا شك.

هذه جوانب من دروس الحجّ آمل أن نفهمها ونعمل بها.

أسأل الله تعالى لكم جميعاً حجّاً مقبولاً، وأحيّي ذكرى شهداء منى والمسجد الحرام، وأسأل الله الرحيم الكريم لهم علوّ الدرجات.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السيد علي الخامنئي

7 شهريور 1396 هـ ش

7 ذي الحجة 1438 هـ ق

(۹۸۶۳/ع۹۴۰)

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.