أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في كلمة له خلال تأديته صلاة عيد الاضحى الى ان "المقاومين قدموا أرواحهم في سبيل الله، فهجروا العيال ويتّموا الأطفال، وذاقوا مرّ المعارك في مواجهة إسرائيل والإرهاب، وحقّقوا أكبر نصر، وحرّروا البلاد والعباد، وأكّدوا استقلال وسيادة لبنان مرتين، تطبيقاً لمبدأ "أحبّهم لله أنفعهم لخلقه وعياله"، وهو العنوان نفسه الذي بذل فيه الإمام المغيب موسى الصدر كلّ طاقاته وإمكانياته، ليؤكّد حقيقة الدين ومشروع الله بالإنسان والاوطان، ولا شكّ أنّ الامام الصدر هو ركن وطني وقومي وإسلامي، بل هو منارة في بلاد العرب والمسلمين، وقضيته أكبر من وطن، ورمزيته بحجم فكره، لذلك لا بدّ من متابعة قضية اخفائه وكشف مصيره كأمانة ووفاء منّا لهذه القامة الوطنية والإسلامية التي كانت وستبقى مدرسة للعزة والكرامة"، مثمنا غالياً "ما قامت به المقاومة وما قدّمته من تضحيات لحماية المنطقة من السقوط، ولمنع الحرائق الهستيرية عن لبنان، كما نعتز بما قدّمته لإسقاط مشاريع الإبادة والفظاعات المدعومة من جهات إقليمية ودولية، عاشت وتعيش على الفتن والمذابح".
واضاف ان "الجيش اللبناني الذي خاض معركة استكمال التحرير، ببسالة وشرف ووفاء، كتفاً الى كتف مع المقاومين، تأكيداً للدفاع الاستراتيجي، وتثبيتاً لهذه الذهبية الوطنية التي جعلت من لبنان قلعة صمود في مواجهة المخطّطات التي تُحاك في الغرف السوداء الإقليمية والدولية، والتي تعيش اليوم حسرة هزيمة الدواعش وأخواتها".
أمام هذه الانتصارات الوطنية، دعا "الأفرقاء السياسيين الى عدم تشويه هذا النصر، فهو نصر لنا جميعاً فلا تضيّعوه، ولا تبخسوا حقّ الذين استشهدوا من أجل أن يكون للبنانيين وطناً سيّداً مستقلاً، بسجالات ومواقف لن تحقّق مكسباً لأحد، كما نطالبهم بأن يتعاطوا مع ما يجري في المنطقة، وبالخصوص ما يجري في سوريا بما يخدم المصلحة الوطنية، ويحمي لبنان ويعزّز الوحدة بين اللبنانيين، ويحقّق الشراكة الكاملة والتعاون المطلق، من أجل بناء الدولة القوية والقادرة والعادلة التي تراقب وتحاسب وتعطي كل ذي حقّ حقّه، وأوقفوا كل هذه الخصومات وهذه النزاعات، وليكن ما تحقّق من نصر وطني كبير على عصابات الإرهاب والتكفير، فرصة وحافزاً يدفعنا باتجاه مصارحة ومصالحة وطنية شاملة، تؤسّس لخطى ثابتة وواعدة باتجاه لبنان الوطن الانموذج والمواطنة والرسالة".
وطالب "العهد وبالخصوص هذه الحكومة، بأن تكون على قدر تضحيات هذا الشعب، وعلى مستوى طموحاته بالعيش الكريم، وأن تنصرف الى معالجة القضايا الحياتية، في العمل على حماية اليد العاملة اللبنانية، ومحاربة حيتان المال، ووقف الهدر، وصون المال العام، وإلغاء الصفقات المشبوهة، وتفعيل الهيئات الرقابية، ومكافحة الغلاء، وتعزيز السلم الأهلي والمجتمعي كأساس لرد الجميل لهذا الشعب اللبناني المقاوم، الذي لم يعد قادراً على التحمّل، لأنّ المزيد من الإهمال والحرمان وإدارة الظهر لقضاياه المحقّة، سيؤدي حتماً الى المزيد من خسارة الحكومة لحيثيتها ووظيفتها"، ومؤكدا على "ضرورة حفظ فلسطين من الضياع، والقدس من التهويد، والعرب من الخصومة، والأوطان من الخراب، وهذا يفترض الانتهاء من الخلافات العربية العربية، والعربية الإسلامية، ومنه ضرورة حلّ الخلافات بين طهران والرياض"، ومطالبا "بعلاقات وثيقة بين دول أهل الإسلام، والإقلاع عن لعبة الاتهام، والعودة الى الله لإنهاء فتنة الدم في بلداننا العربية والإسلامية، ونؤكّد على ضرورة عودة العرب لأصل نخوتها، والمسلمين للإسلام، للمّ الشمل، وتوحيد الجهود، وحجب الدماء، وتوثيق القربى، ومنع القطيعة، وأخذ درس تاريخي مما جرى جرّاء فتنة المنطقة، لأن كسر العرب للعرب يعني نهاية العرب، وقطيعة المسلمين للمسلمين يعني فتن وإبادة وخسارة لا حدّ لها".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)