ودعا سماحته في خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، الجميع اليوم إلى "إقفال ملف الخصومات، ووقف ثقافة الانقسام والنزاعات السياسية؛ وتوحيد الجهود، وتوظيف ما تحقق في استكمال مشروع الدولة الذي يحتاج إلى مصالحات وطنية حقيقية، وارتقاءات فعلية في إدارة الشأن العام، فالاستمرار في لعبة السجالات وشدّ الحبال مضيعة للوقت، وهدر للفرص، وتضييع للإنجازات، في الوقت الذي تتحضّر فيه إسرائيل، وتحاكي أكثر من سيناريو للانقضاض على لبنان وسرقة انتصار اللبنانيين". كما حذّر "من خطورة تمييع القضايا الحياتية والاجتماعية، ومقاربتها ببازارات وصفقات ومزايدات تدفع بالاقتصاد وبحياة الناس إلى المزيد من التدهور والمعاناة. وندعو الجميع إلى تضامن تام وتعاون مطلق، وتأكيد والتزام بأن الدولة يجب أن تنطلق، وأن الدستور يجب أن يطبّق، وأن الانتخابات النيابية يجب أن تتم، من دون حجج أو ذرائع، لا بالبطاقات الممغنطة ولا بالأصوات التفضيلية، لأن عملية تداول السلطة أمر ضروري، وواجب وطني".
داعياً الجميع "لأن يكونوا حرصاء وأمناء عليها، بما يؤمّن حياة سياسية وديمقراطية، تضع حداً لهذا التسيّب ولهذه الفوضى التي نخرت أساسيات قيام الدولة، بما فيها من مؤسسات يجب أن تفعّل، وإدارات يجب أن تأخذ دورها، وتتحمّل مسؤولياتها في إدارة شؤون البلد، لاسيما في هذه المرحلة الصعبة التي تتطلّب الكثير من الجهود المضاعفة، والكثير من العفّة ونظافة الكف، كي نتمكّن من العبور إلى دولة تحفظ كرامة الناس، وتعمل على تأمين كل المتطلبات والمستلزمات الاقتصادية والاجتماعية، وفق رؤى مجدية ومحفّزة تحمي الاقتصاد، وتزيد من نسبة النمو، وتخلق فرص عمل تخفّف من نسبة البطالة، دون أن ننسى بأننا أمام بداية عام دراسي، نرى الدولة فيه هي الأضعف، والسلطة كأنها في كوكب آخر، الأمر الذي قد يحرم الآلاف من أبنائنا من الدخول إلى المدارس، وهذا أمر لا يجوز بأي شكل من الأشكال، فعلى الحكومة معالجة هذا الموضوع بأسرع وقت. أما الكهرباء، هذا اللغز الكبير المستعصي والذي لا نعرف كيف بدأ ومتى ينتهي، فكفى تلاعباً بأعصاب الناس، وسرقة وهدراً للمال العام، كفى صفقات ومناقصات ودراسات، فالناس بحاجة إلى كهرباء، إلى طرقات، إلى مدارس، إلى طبابة، بل إلى وقف كل أنواع الفساد".
وتطرق سماحته للأوضاع الإقليمية بالقول:"إننا أمام تحوّلات وتحديات إقليمية مهمّة، وعلى السلطة وكل القيادات السياسية في لبنان أن تحسن القراءة، وأن تتخذ مواقفها وقراراتها بجرأة وشجاعة، كي تحجز دورها كشريك إقليمي لسوريا، لا أن تبقى ناعقاً بأصوات من خسروا الحرب. وهنا لا بد من التنويه بمن شارك ودعم وآزر وضحّى لحماية المنطقة من السقوط بيد تجار ومخرّبي الأوطان، كما لا بد أن نخصّ المقاومة بأعزّ التحيّات والتبريكات، لأنها كانت السبّاقة يوم تردّد الجميع، وقاتلت يوم خاف الجميع، واقتحمت يوم اضطرب الجميع، وانتصرت لأنها لم تخض حرباً إلا عن بصيرة، وأهل البصائر صنّاع النصر في كل زمان ومكان".
أما في موضوع اليمن، فقد أكّد المفتي قبلان أنه "آن الأوان لوقف هذه الحرب المشؤومة، لا لأن اليمن تعيش أزمة قتل وجوع ووجع فحسب، بل لأنها ما خسرت حرباً لتخسرها اليوم، وشهر المحرّم على الأبواب، وحقن الدماء واجب، وترك الخصومة دين الله، فاتقوا الله أيها العرب بالدماء والبلاد، فإنها أصعب السؤال يوم القيامة".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)