الجهة الأولى هي علماء الدين، الذين طلب منهم:
أولاً أن يكونوا القيمين الأمناء على هذا الموسم العاشورائي عبر الإشراف الشرعي على كل المراسم التي يجب أنْ تخضع للضَّوابط الشَّرعيَّة والفقهيَّة كي لا تنحرف عن مساراتها الصَّحيحة، مشدداً على أنه لا يصح إطلاقا أن تترك ممارسات عاشوراء لمزاجات الشارع ولاجتهادات عوام الناس الأمر الذي يؤدي إلى إقحام ممارسات دخيلة.
ورأى أن مسؤوليَّة علماء الدِّين الواعين في حراسة هذا الموسم العاشورائيِّ والحِفاظ على سمعته وتنقية ممارساته كبيرة لا يجوز التَّفريط فيها مهما كانت المبررات والمسوِّغات. وأن المطلوب من العلماء امتلاك جرْأة في قول الكلمة الموجِّهة لجمهور عاشوراء بلا مداهنة ولا مجاملة.
وثانيًا الحراسة على خِطاب الموسم وقال إنه من الخطر أنْ تغيب هذه الحراسة والقيمومة العلمائيَّة على خطاب الموسم، فيما هي مضامينُهُ، وأفكارهُ، وطروحاتُه، ومرويَّاتُه، ونقولاتُه، وقصصُه، وتصوُّراتُه، وفيما هي لغتُه ومفرداتُه، وأساليبُه، وأدواتُه، فهذا الخطابُ وفق العلامة الغريفي هو الَّذي يصنع وعي الجمهور العاشورائيِّ، ويصوغ وجدانَهم، ويوجِّه كلَّ سلوكهم وممارساتهم. في حين إذا انحرف الخطاب أو التبس أو أخطأ كانت مردوداتُه الخطيرة جدًّا على واقع هذا الجمهور.
ثالثًا أن على علماء الدين ممارسة الدَّور الفاعل للحفاظ على نظافة أجواء الموسم العاشورائيِّ من خلال ممارسة دور فاعل بعيدًا عن كلِّ التَّلوُّثات الأخلاقيَّة والسُّلوكات السَّيِّئة الضَّارة بسمعة هذا الموسم.
كما وجه العلامة الغريفي دعوة إلى العلماء لـتخصيص الأسبوع الأخير من شهر ذي الحجة موسمٍ للإعداد العاشورائيِّ من خلال تكثيف محاضراتهم في التَّهيئة لموسم عاشوراء،بحيث تنظِّم المآتم ملتقيات عاشورائيَّة وندوات ومحاضرات يشارك فيها علماء بارزون وخطباء مؤهَّلون وكفاءات وقُدُرات عاشورائيَّة، مشترطاً أن تتجنَّب هذه الملتقيات العاشورائيَّة أيَّ جدل يُوتِّر أجواء الموسم العاشورائيِّ، وأيَّة لغة تؤجِّج الخلافات.
وفي حديثه، رأى العلامة الغريفي أن الجهة الثانية التي يتوجه إليها الخطاب هم خطباء المنبر والشُّعراء والرواديد، ورأى أ، المطلوب منهم الأمانة على أهداف عاشوراء وعدم الإساءة إلى سمعتها ومؤازرة العلماء في حراسة أجواء عاشوراء من كلِّ التَّلوُّثات الأخلاقيَّة والممارسات الضَّارة بسمعة هذا الموسم كالاختلاطات غير المشروعة، والسُّلوكات غير الملتزمة. أضف إلى أن المطلوب من خطاب المنبر والمواكب وكل المواقع العاشورائية التصدي للاختراقات الضارة بسمعة الشعائر الحسينية وإلى الدعوة للوحدة وعدم التفرقة.
أما الجهة الثالثة التي وجه إليها العلامة الغريفي خطابه فهي إدارات المآتم، والمواكب والفعاليات التي تمثل القوى التَّنفيذيَّة المشرفة على مراسيم الموسم العاشورائي. وقال إن المطلوب منها أن تحمل المسؤولية بأمانة وصدق وأن تتعاون مع المواقع المعنيَّة بعاشوراء أضف إلى توثيق العلاقات بالجمهور العاشورائيِّ وإلى التَّعاون بين العلماء والخطباء والإدارات في توجيه الجمهور العاشورائيِّ وفي توجيه المراسم العاشورائيِّة وتنقيتها من كلِّ ما هو خطأ وضارٌّ بسمعة عاشوراء وبسمعة المذهب.
الجهة الرّابعة التّي وجَّه إليها الخطاب هي الجمهور العاشورائيُّ المطلوب منه بحسب العلامة الغريفي أن يكون له حضورٌ كبيرٌ في موسم عاشوراء، فهذا الحضور الكبير يعطي للموسم قوَّةً وعنفوانًا وشموخًا.
وذكر الغريفي أنه إذا كان التَّخلُّف عن المشاركة في المجالس، والمواكب، والفعاليات العاشورائيَّة بلا عذر، فإنَّ مجرَّد التَّواجد في الشَّوارع إذا كان محكومًا للضَّوابط الشَّرعيَّة، فهو عمل مشروعٌ إلَّا أنَّه لا يُعدُّ حضورًا عاشورائيًّا كما هي المشاركة في المجالس، والمواكب، والفعالية العاشورائيَّة.
ورأى أن الإطعام على حبِّ الإمام الحسين (عليه السَّلام) عملٌ مشروعٌ، وفيه أجرٌ عظيم وهو ممارسة عاشورائيَّة إلَّا أنَّ ظاهرة المضايف الشَّائعة في هذه الأيَّام تحتاج إلى ترشيد إذ لا يصحُّ إذا كانت هذه المضائف قريبة من الحسينيَّات أنْ تزاحم مجالس العزاء، كما هو ملاحَظ في الكثير من المضايف، حيث تزدحم عندها أعداد كبيرة من النَّاس، تاركين الحضور في المجالس العزائيَّة.
وفي هذا الإطار توجه العلامة الغريفي بالنصيحة كي لا تعطل هذه المواقع عملها ما دام المجلس العزائيُّ القريب منعقدًا. وحذر في حديث الجمعة من ظاهرة الاختلاط عند هذه المضائف لما قد تؤدي إلى الوقوع في المخالفات الشرعية.
وفيَّ ختام حديثه قال العلامة سماحته ُّإنهَّ يتم طرح فكرة المضائف الفكريَّة والرُّوحيَّة وتوزع الكتيِّبات والكاسيتات والإصدارات التي تقدِّم ثقافة ورسالة ونهج عاشوراء كي يتغذَّى النَّاسُ ثقافيًّا وروحيًّا ووجدانيًّا وأخلاقيًّا لأن هذا الأمر أهم بكثير من أن يتم ملء البطون بالأطعمة والأشربة.(۹۸۶۳/ع۹۴۰)