وجه سماحة الشيخ تاج الدين حامد الهلالي مفتي عام استراليا الأسبق ورئيس مجلس إدارة موقع وجريدة الوسطية المصرية خطابا مفتوحا إلى إدارة شؤون المسجد الحرام.
وفيما يلي نص الخطاب:
تحية السلام والرحمة والبركات
وبعد:
فلمّا كانت القضية تتعلق بإمامة أول بيت وضعه الله للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين، هذا المكان المبارك الذي شرفكم الله برعايته، وخدمة ضيوفه وذلك هو الفضل العظيم.
فإننا نرفع لحضراتكم هذه الشكوى التى كنا نودُّ تقديمها منذ سـنوات.. غيْرة على بيت الله الحرام، وصونا لكتاب الله من نفور المسلمين، وحرصا على تطبيق ســنَّة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام .
السادة الأكارم: من الفِـطَرِ التى فَطَرَ اللهُ عليها قلوبَ عباده حُـبُّ الاستماع إلى الصوت الحسن، وإعراضها ونفورها من الصوت القبيح.... فمما لاشك فيه أن للصوت الحسن أثره وتأثيره في ترغيب السامع إقبالا وإدبارا .. ذلك أن الصوت الحسن يستميل القلوب، ويسـتأنس النفوس للإصغاء والتدبر والخشوع عندما يجتمع [ الجلال مع الجمال] جمال الصوت مع جلال كلام الله عزَّ وجـل.
وكما أن الله تعالى قد فاضل بين الناس في أرزاقهم، وخلقتهم، وأخلاقهم.... فإنه سبحانه قد ميَّز بعض خلقه بجودة في أصواتهم ورنين حناجرهم فضلا منه وكرما... ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.... ولما كان الصوت هو( الوعاء ) الذي يُقَـدَّمُ فيه وبه القرآن الكريم فإن السـنة النبوية المطهرة قد أكدت وحرصت على مشروعية الصوت الحسن المُؤَهَّلَ لتلاوة القرآن الكريم حفظا وأحكاما وتجويدا وإتقانا.
ونذكر من التوجيهات والتعاليم النبوية ما أخرجه الشيخان وغيرهما من أحاديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم:
1. ما أذِنَ الله لشـئٍ ما أذِنَ لنبي حسـن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به (متفق عليه).
2. من لم يتغنَّ بالقرآن فليس منا: التغني / هو الترنم بالقرآن وتحسين الصوت به مع مراعاة أحكامه،، ولا يعارضه أيضا أن يسـتغني به عن الناس.
3. زيّنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حُـسْـناً.
4. لكل شئٍ حِلْـية وحِلْية القرآن الصوت الحسـن.
5. قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي موسى الأشعري: لورأيتني وأنا أسـتمع لقراءتك البارحة؟ لقد أوتيتَ مزمارا من مزامير آل داود.. فقال أبو موسى: يارسول الله لو أعلم أنك تسـمعه لَـحَبَّرتُـه لك تحبيرا (متفق عليه).
6. حديث مشروعية بداية الأذان: وكيف أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.. لم يأذن للصحابي الجليل عبد الله بن زيد... ولا لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما برفع الأذان ليسمع المسلمون منهما نداء الحق مع أنهما قد سمعا ألفاظه مناما وقال للأول: علّم بـلالا فإنه (( أندى )) صوتا منك .. فإذا كان الصوت الحسن مطلوبا لرفع الأذان فإنه مطلوب للتلاوة والإمامة من باب أولى.
إننا عندما نستمع إلى تلاوة قرآنية من صوت حسن يشـدُّ نياط القلوب ويأخذها إلى واحة الأنس والخشوع نقول: بسم الله ماشاء الله... تبارك الله,,,, أما عندما يكون الصوت قبيحا نشازا رديئا مُنفرا قلنا بلسان الحال: نعوذ بالله.... ولا حول ولا قوة الا بالله.
وقد ورد في الحديث: ثلاثة لايقبل الله لهم صلاة.... ( منهم ) إمامُ قومٍ وهم له كارهون..... الحديث
كما ذمَّ الله تعالى الصوت الأجش القبيح فقال تعالى {وإن أنكر الأصوات لصوت الحمير} .. وإيماء إلى ماذكرنا نقول: إن بلاد الحجاز المباركة مهد الرسالة المحمدية، وإليها يأرزُ الإيمان... غنية وحافلة بالحفظة الكرام الأثبات المهرة من ذوي الأصوات الشجية الحسـنة بارك الله فيهم جميعا .. فهل يجوز شرعا أن نُحرم المسلمين من الاستماع اليهم وأن نفرض عليهم إماما ربما يكون من أهل العلم والتقى والصلاح، ولكنه غير مؤهَّلٍ البتَّةَ . لاصوتا ولا أداء ولا أحكاما ليؤم المسلمين في الصلاة الجهرية وبخاصة في صلاة الفجر (المشهودة ) التي تشهدها ملائكة رب العالمين والملايين من عباد الله المؤمنين؟ وأشـهد الله تعالى أنني وغيري من المأمومين ولعدة مرات قمنا بقطع صلاتنا خلف هذا الإمام. مستغفرين ومحوقلين ومحسبلين وأنا أجهر بصوت عال ارحمونا يرحمكم الله... ومما لاريب فيه أن صدور مثل هذا داخل المسجد الحرام أمر منكر ومشين ولا نرضى به... ولكن من المسـئول عن هذا؟؟؟؟؟ وقد سـألتُ عن اسم هذا الامام فعلمتُ أنه الشيخ / صالح آل حميد... متعه الله بالصحة والعافية ورزقه التوفيق والسداد لخدمة دينه وأمته بعيدا عن إمامة المسجد الحرام وبخاصة الصلاة الجهرية.
وختاما فإن الحق أحقُّ أن يُتَّبع، وفوق كل ذي علم عليم.. إن نريد إلا الإصلاح ماستطعنا وما توفيقنا جميعا إلا بالله عليه نتوكل وإليه ننيب.. وفقكم الله ورعاكم وسـدَّد على طريق الحق خطاكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم في الله
تاج الدين حامد الهـلالي
خادم الدعوة الإســـلامية، مفتي عام استراليا الأســـبق ورئيس مجلس إدارة موقع وجريدة الوسطية القاهرة(۹۸۶۳/ع۹۴۰)