واضاف السید مرتضی الکشمیري ان الصلح مهّد لثورة الامام الحسين (ع) وحقن دماء المسلمين وحفظ التشيع، وفي اثره كانت الفتوى بالجهاد الكفائي ووحدة ارض العراق اليوم والعراقيين بكل مكوناتهم واطيافهم
جاء حديثه امس الجمعة في مركز القائم (عج) في مقاطعة سلاو البريطانية، معزيا العالم الاسلامي بذكرى شهادة ثاني ائمة المسلمين الامام الحسن بن علي (ع)، متحدثا عن جانب من حياته الحافلة بالعطاء والجهاد والمظلومية، وابرز ما ذكره منها حفاوة القران والسنة النبوية والتاريخ لشخصية الامام (ع) .
فمن القران ذكر (اية المباهلة) و(اية المودة) و(اية الطاعة) و(الابرار) وغيرها من الايات الكثيرة التي شملته (ع) مع اخيه الامام الحسين (ع) بمضمونها ومفهومها، وتعرض سماحته الى اراء المفسرين واقوال المؤرخين طبق ما ذكروه في تفاسيرهم وتواريخهم.
اما من السنة الشريفة فهنالك العديد من الاحاديث الواردة عن النبي (ص) التي ذكرتها صحاح القوم ومسانيدهم وهي على قسمين: منها ما خص بالامام الحسن كقوله (ص):
(من سرّه أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنّة ، فلينظر إلى الحسن بن علي)
(حسن سبط من الأسباط )
(الحسن سيد شباب أهل الجنة)
ومنها ما جاء في حقه وحق اخيه الحسين (ع) كقوله (ص):
(ابناي هذان إمامان ، قاما أو قعدا)
(الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما)
(إن ابني هذين ريحانتي من الدنيا)
والى غير ذلك من الاحاديث.
اما ما اشار اليه البعض من ان النبي (ص) قال (إن ابني هذا (يعنبي به الامام الحسن (ع) سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) فهو حديث مكذوب كغيره من الاحاديث المكذوبة على رسول الله (ص) في زمن معاوية.
وللاطلاع على تجارة الوضع في ذلك العصر يمكن الرجوع كتاب خمسون ومائة صحابي مختلق، وكتاب عبد الله بن سبأ للعلامة العسكري وما كتبه الشيخ الاميني في موسوعة الغدير وغيرها من الكتب.
واما التاريخ فخلده بعلمه وعبادته وجوده وكرمه وحلمه وخلقه وصلحه الذي كشف به القناع عن وجه معاوية واظهره للملأ على حقيقته خصوصا بعد قول الاخير (ما قاتلتكم لتصلوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا، وقد أعرف إنكم تفعلون ذلك، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون).
فظهر لنا من هذا وغيره ولعامة الناس كذب معاوية وافترائه على رسول الله (ص) من انه كاتب الوحي وان جبرائيل جاءه بقلم من ذهب واعطاه الى النبي (ص) ليعطيه اياه ليكتب به ايات القران الكريم، وانه خال المؤمنين، وغير ذلك من الاحاديث التي وضعها مما دونته مصادر التاريخ في باب الموضوعات ، وبمثل هذا وغيره قد دس العشرات من الاحاديث المفترات على رسول الله (ص) ورصد لها الاموال الطائلة من بيت مال المسلمين حتى اصبح لهذا الوضع سوق رائجة يتاجر بها باعة الدين والضمير، وفي قضية واحدة دفع الى سمر بن جندب اربعمائة الف درهم لتزوير قوله تعالى ((ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد)) والذي هو باجماع المسلمين نازل في حق علي (ع)، لينسبها الى ابن ملجم.
فوثيقة الصلح بينت كذب وادعاءات معاوية وكشفت زيف اقواله التي لا اساس لها من الواقع، وانه لا يريد الا الحكم والتسلط على المسلمين شاؤوا ام ابوا، وذلك بصريح قوله (إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم …).
مضافا الى هذا فان عملية الصلح مهدت لثورة الامام الحسين (ع) وحقنت دماء المسلمين وحفظت التشيع وبقائه الى هذا اليوم، والا فمعاوية ما كان ليتورع عن القضاء على الشيعة وعن نبش قبر امير المؤمنين (ع) وقبور الصحابة كحمزة (ع) عم النبي (ص) وشهداء احد بذرائع متعددة، لكن الصلح اوقفه عند حده وكشفه للناس على حقيقته واثبت اكاذيبه واباطيله التي ما اراد بها الا الدكتاتورية واعادة حكم الجاهلية .
هذا وما اشبه اليوم بالبارحة حيث الفتوى الكفائية التي اصدرتها المرجعية العليا وحفظت بها العراق والتشيع ومقدساته ، وما الانتصارات التي ظهرت على داعش وغيرها الا بسبب هذه الفتوى التي اقتبست بركتها من صلح الامام الحسن (ع)، والا فداعش كان مخططها القضاء على كل مقدس للمسلمين وغيرهم، لكن شاءت الحكمة الالهية ان توقف هذا الوحش عند حده والقضاء عليه بحمد الله، وبقيت هذه الفتوى تؤتي اكلها كل حين بأذن ربها، فحافظت اليوم وبحمد الله على وحدة العراق والعراقيين بكل مكوناتهم.
ومن المؤسف جدا اننا نسمع في هذه الايام بعض الاصوات المنكرة تشكك بمصداقية المجاهدين الذين حموا العراق والعراقيين ومقدساتهم ولم يمييزوا بين مسجد او حسينية او كنيسة او معبد او اي مكوّن من اطياف المجتمع العراقي، فالكل كان عندهم سواء ، بينما يأتينا البعض من خارج الحدود ليطالب بعودة هؤلاء الابطال الى ما ورائها وكأنهم جاؤوا من الترك او الديلم ولم يكونوا من ابناء العراق ومواطنيه الذين قضوا على داعش وطهروا الارض من رجس الاعداء وهم اليوم على ابواب تحرير كامل الاراضي العراقية باذن الله، وكان الاجد بصاحب هذا الطرح ان يرجع هو من حيث اتى كونه ليس بعراقي.
وختام الحديث، ان صلح الامام الحسن (ع) وقيام الامام الحسين (ع) مكملان لبعضهما البعض لبقاء الاسلام وديموميته والحفاط على عقائد المسلمين الحقة، لان الائمة (ع) لا يتحركون الا بتخطيط رباني ووحي الهي على لسان نبيه الكريم (ص).
فسلام الله عليك با ابا محمد يوم ولدت ويوم عشت ويوم صالحت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.
(۹۸۶۳/ع۹۴۰)