وقال: "إن ولادة السيد المسيح بشارة بقدوم الخير وحلول السلام الذي جاهد وكافح صاحب الذكرى من اجله متحديا الصعاب والمشقات ومتحملا الاذى والمعاناة في سبيل نشر رسالة السلام القائمة على العدل والمساواة والصدق والاخلاص الى الله تعالى، شأنه كما كل الانبياء الذين سبقوه بالسير على النهج القويم والصراط المستقيم، فحارب المسيح الظلم وواجه الطغاة وطرد اللصوص من الهيكل وتصدى للمنافقين والمرابين والبغاة الذين قتلوا الانبياء وحاربوا الرسل، فكان السيد المسيح عنوانا للحق الالهي في مواجهة الباطل الشيطاني، فهو كما أمه مريم الطاهرة نبراس للفضيلة ومحطة من محطات الخير إذ حلت بولادته بركات السماء على الأرض لتبشر بولادة فجر جديد تتخلص فيه البشرية مما لحقها من عيوب وشرك فتنزع عنها رداء الرذيلة والمكر والخداع لتكتسي حلة الإيمان النقي وتفتح صفحة جديدة من كتاب السماء الذي خطه الأنبياء والمرسلون، فكان المسيح بشارة جديدة لدين جديد يؤسس لدعوة نبي جديد يبعثه الله رحمة للعالمين، من هنا فان المسيح ومحمد رسولا الله إلى البشرية جمعاء ويحملان قيم السماء ورسالتها فالنبي محمد رحمة والنبي عيسى محبة ورسالة السماء لا تقوم الا على الرحمة والمحبة، وعلى المؤمنين ان يجسدوا ايمانهم فعل ممارسة في القول والفعل والموقف، فينصروا الحق ويتحدوا الباطل ليفوزوا بالنصر المبين وينعموا بفيوضات الرحمة، مصداقا لقوله تعالى: ان تنصروا الله ينصركم".
أضاف: "في يوم ولادة السيد المسيح نطالب محبي المسيح من المسلمين والمسيحيين في لبنان وعلى مساحة العالم ان يعودوا إليه لينهلوا من تعاليمه فيسيروا سيره ويعملوا عمله ويتعاونوا على البر والتقوى ويكونوا محبين للخير عاملين به لتكون ثقافة المحبة والوئام والتعاون على الخير حاكمة في علاقات المؤمنين مع بعضهم البعض، فيتضامنوا في مواجهة الباطل والشر الذي نراه متجسدا في المشروع الاستكباري الذي غرس كيان الشر في بلادنا كما انتج العصابات التكفيرية لتعيث فسادا وخرابا وقتلا وتشريدا، ونخص بالدعوة اخواننا اللبنانيين والفلسطينيين وكل العرب والمسلمين الذين ابتلوا بما ابتلي به السيد المسيح من مكر الصهاينة الذين حاربوا المسيح في دعوته، وهم اليوم يستبيحون ارض الرسالات في فلسطين وينتهكون حرمة المقدسات ويشردون شعبا مؤمنا برسالة محمد وعيسى، انطلاقا من فكر تلمودي نسجته الاطماع الاستعمارية لاغتصاب كامل فلسطين، وما القرار الاميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب الا تتويجا للغطرسة الصهيونية في استيطان جديد وتشريد جديد في محاولة لتكريس واقع استعماري جديد تغيب فيه فلسطين عن الخريطة السياسية، وتضيع معها مطالب الشعب الفلسطيني المشرد بالعودة الى دياره، بيد ان دماء الشهداء في فلسطين ستكتب تاريخا جديدا تكون فيه الغلبة لشعبها واهلها".
وخاطب المجاهدين والمناضلين في فلسطين: "صمدتم وصبرتم وبرهنتم انكم اهل للصمود والتصدي، وكنتم عند حسن ظن ربكم بكم في الصبر والبأس اذ تقدمون القرابين على مذبح الحرية والكرامة والعزة فكونوا مع الله ليكون النصر حليفكم، ودافعوا عن انفسكم وارضكم وكرامتكم ليكون الشرف والعزة حصاد زرعكم ونتيجة صبركم، واعتصموا بحبل الله تعالى ووحدتكم الوطنية، ورابطوا وجاهدوا حفظا لارضكم ومقدساتكم، فالله مع المرابطين المتقين الصامدين، واعلموا ان طريق النصر تصنعه تضحياتكم وصمودكم وتمسككم بنهج المقاومة سبيلا للحرية ونيل الحقوق، والله سينصركم ويمدكم بالعون والسداد فمن كان مع الله كان سبحانه معه".
وطالب السياسيين بأن "يرمموا الثقة ببعضهم البعض من خلال المصارحة وصولا الى المصالحة الشاملة والانصهار في بوتقة العمل الوطني الجامع الذي يرتكز على المشاركة الحقيقية في الحكم بعيدا عن منطق العزل والاستئثار وتغليب المصلحة الفئوية على المصلحة العامة، من هنا نتطلع الى عمل وطني يصهر المواطنين في بوتقة الشراكة الحقيقية التي تعيد ثقة المواطن بدولته باعتبارها الراعي الصالح لهم، ولا سيما ان لبنان يحتاج الى نهضة وطنية لمكافحة الفساد وانصاف الشعب اللبناني الذي بات بأغلبيته في خانة الفقر يئن من الفساد والهدر والمحسوبيات. كما ونطالب الحكومة بالعمل الجاد لمعالجة الازمة الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، ولا سيما إن أعداد الفقراء في لبنان تتزايد بشكل كبير، وعليها تقع المسؤولية في مكافحة الفساد واستعادة المال المنهوب من الشعب".
وخلص إلى القول: "إن رسالة السيد المسيح تحملنا مسؤولية نشر ثقافة المحبة والتعاون لارساء السلام في ربوعنا فنعمل على توفير مقومات السلام من خلال صناعة المعروف والاهتمام بالإنسان الذي كرمه الله بأن جعله خليفته وهذا ما يحتم علينا أن نتضامن عربا ومسلمين ومسيحيين ولبنانيين لنبذ العنف والتعصب وإدانة الإرهاب الصهيوني ليكون شغلنا الشاغل الحفاظ على الإنسان بمنأى عن انتمائه الديني والطائفي والمناطقي فنوفر السبل لصون كرامة الإنسان وحفظ أمنه واستقراره منتهجين طريق العدالة والإنصاف لتحقيق السلام للانسان، مما يحتم على الجميع العمل لنصرة فلسطين وشعبها وبذل الجهد والجهود لحل النزاعات في اليمن وسوريا والبحرين بالتشاور والحوار تمهيدا لانتاج حلول سياسية توقف نزيف الدم والاضهاد والظلم بحق الشعوب المقهورة". (۹۸۶۳/ع۹۴۰)