وقال: "لذلك نحذر من الكيد السياسي، ومن لعبة التحالفات الضيقة على حساب الشعب، كما نؤكد دور الدولة كضامن ومصالح وطنية، علما أن ظروف البلد والمنطقة لا تساعد على خوض معارك ثأرية، نحن لسنا ضد المعارك السياسية، لكن نريدها بمردود وطني، وليس بمكاسب شخصية وانتخابية لأن أي انقسام سياسي ينعكس في الشارع والمؤسسات العامة والملفات الحكومية، وهذا أمر كارثي إذا تطور وتحول إلى عقلية ثأرية ومعارك شخصية".
وأضاف: "يبدو أن الخصومة السياسية في طور الفرز لأحلاف انتخابية، لكن أن تتحول إلى أحلاف ثأر، فهذا لا يطمئن أبدا لأنه يكرس الطائفية من جديد، ويساههم في فرز الملفات والتعطيل، ويدعم فكرة النكاية والكيد وشل المؤسسات، ويزيد من أزمة الشعب والدولة ويحول دون إصلاح سياسي حقيقي ويجعل من الانتخابات النيابية أزمة طائفية أكثر منها موسم انتخابات وطنية. والحل للجميع أن تقدموا مصالح البلد على المصالح الشخصية والخاصة، لأننا في مركب واحد، وأي خرق فيه يعني غرقنا جميعاً ونهاية البلد".
وتابع: "هناك مقولة، تقول إذا لم تستح فاصنع ما شئت، هذه المقولة تنطبق تماما على العديد من هذه الطبقة السياسية في لبنان، بحيث لم يعد هناك حياء، لا في السياسة ولا في الاقتصاد وحتى في مصير البلد ومستقبل الناس، لم يعد هناك من يخجل أو بالحد الأدنى لم يعد هناك من يقول أيها اللبنانيون لقد أخطأنا بحقكم، وآن الأوان كي نعترف بهذه الحقيقة المرة والقاسية التي لم تعد مقبولة ولا مغفورة، إذ بات لزاما عليكم أيها السياسيون المتعنتون والمتجرئون على اللبنانيين وعلى الوطن وعلى الدولة وعلى حقوق الناس أن تعتذروا وأن تكفروا عن ذنوبكم وخطاياكم وجرائمكم بحق هذه الدولة التي سيبتموها وحولتموها إلى جثة هامدة بسبب خلافاتكم ونزاعاتكم وخصوماتكم وتطاولاتكم على القانون وعلى الدستور الذي أصبح حبرا على ورق، تعودون إليه عندما تجدون فيه ما يخدمكم، وتتجاوزونه عندما لا يلبي طموحاتكم وغاياتكم، فأي سلطة هذه وأي نظام هذا وأي فساد هذا الذي أغرقتم البلد فيه، ولا زلتم تصرون على هذه المنهجية المتخلفة والساقطة التي لا يمكن أن تصلح شيئا أو تغير شيئا، لأن الأنظمة التي لا تطعم شعوبها ولا تغنيهم من جوع ولا تؤمن الكهرباء والماء والدواء، لماذا يجب أن تكون وبأي منطق يجب أن تستمر وما هو مبرر وجودها؟ البلد كله فساد، والدين العام إلى ارتفاع، والبطالة بلغت أرقاما قياسية وأنتم تتحدثون في الميغا سنتر والبطاقة البيومترية، وتخوضون في التحالفات الانتخابية، تتنافسون على ماذا؟ على خدمة الناس وبناء الدولة أم على احترام القانون وتطبيق الدستور؟ أم على من يسرق أكثر وينهب أكثر ويجوع الناس أكثر؟".
وأشار إلى أننا "قد تفاءلنا خيرا ببعض الإنجازات التي تمت في بداية هذا العهد، وظننا أن مسيرة الدولة قد انطلقت وأن ما خسره اللبنانيون سيعوض، وأن الأمن والاستقرار والإصلاح والمحاسبة وكل ما تحتاجه الدولة ومؤسساتها وإداراتها سيكون موضع اهتمام ومتابعة وتعزيز من قبل كل الأطراف وكل القيادات والزعامات، ولكن بأسف شديد وجدنا أنفسنا من ورطة إلى ورطة، ومن مشكلة إلى أصعب، ومن صفقة إلى أختها، لم يتغير شيء، نعم ما تغير هو أرقام الدين العام وانخفاض نسبة النمو وازدياد البطالة وأعداد الفقراء والمحتاجين، وارتفاع أقساط المدارس، بحيث قد يصبح التعلم في لبنان مسألة في غاية الصعوبة على أبناء الفقراء، وقد يكون المطلوب أن يبقوا جاهلين وأميين حتى تستمر هيمنة أصحاب السلطة والنفوذ متسلطة ومتحكمة بالبلاد ورقاب العباد".
واعتبر المفتي قبلان أننا "أمام مرحلة سوداوية، لأن الرهان على قيام الدولة يقارب العدم في ظل هذه الصراعات والتحديات ومحاولات البعض خرق الدستور والقفز فوق الشراكة وتجاوز الميثاقية، وكأن إعادة بناء الدولة تتم بالتحدي والفرض والإرغام، هذا منطق مدمر ورؤية غير سليمة، ومن يريد وطنا للجميع ودولة حاضنة وعادلة ومجسدة لطموحات وآمال اللبنانيين وإدارات نظيفة ومحاسبة دائمة ووظائف وفق الأهلية والكفاءة وقضاء نزيه، ويسهر على تطبيق القانون، عليه أن يبدأ بإصلاح نفسه وأن يكون المثل والقدوة في تحمل المسؤولية وحفظ الأمانة الوطنية". (۹۸۶۳/ع۹۴۰)