وبحسب وكالة أنباء الحوزة، استضاف منتدى السيدة المعصومة الثقافي بقم المقدسة سماحة آية الله الشيخ عباس الكعبي، وقد تحدث عن مشروع الحضارة الإسلامية في نظر الإمام الخامنئي وإليكم تلخيص لمحاضرته:
(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم).
عندما نتحدث عن فكر السيد القائد فإننا نتحدث عن فكر يمثل الإسلام الأصيل نظريا وعمليا للأمة الاسلامية في الواقع المعاش.
لا نتكلم عن نظريات وترف فكري، عطاء القائد المعظم مجسد في الساحة الإسلامية وهو متعلق بمصير الأمة، فينبغي أن نعرف التكليف الشرعي تجاه هذا المشروع ونتعايش معه.
الحضارة تقوم على ركنين:
1. الشكل: الإعمار والتقنيات والعلوم والفنون.
2. المضمون: الفكر والمبدأ والثقافة التي تبتني عليها الحضارة.
الحضارة المادية الحاكمة لعالم اليوم مثلا جاءت نتيجة للفلسفة الاجتماعية الغربية القائمة على:
أ. العقل التجربي.
ب. فصل الدين عن السياسة.
وقد برزت عدة مشاريع لكيفية التعاطي مع هذا الواقع:
المشروع الأول: الحضارة المادية التي أنتجت الإلحاد، المشروع الغربي وإن كان بارزا في التكنولوجيا من مختلف المجالات، ولديه أيضا جانب ثقافي رائد، لكنه مشروع يتهاوى ويعيش سنواته الأخيرة، ويتمظهر عندنا على مستويات عدة منها على مستوى الحكومات التي تطمع في استنساخ النظام الغربي في الحكم والحياة السياسية ونتيجة لذلك تصبح عميلة بالكامل وذائبة ضمن مشروعهم، وعلى مستوى مثقفي الناس بحيث يتمنى الفرد أن يتخرج من جامعة راقية في الغرب ويعيش حياة غربية، أما ظهوره على مستوى عموم الناس فيظهر في الأنماط السلوكية الحياتية حيث سيطرة الانموذج الغربي للحياة على المشهد العام.
هذا المشروع يتهاوى وليس له مستقبل كما يعبر مفكروه.
يقول جوزيف ناي صاحب كتاب "الحرب الناعمة" و"مستقبل القوة للقرن الواحد والعشرين": أمريكا انتهت، لا مستقبل لها وستكون القوة في القرن الواحد والعشرين في منطقة غرب آسيا. طبعا كلامه مبني على تحليل اقتصادي بحت، ولكننا نرى أن القوة في المستقبل من نصيب من يكون له مشروع حضاري.
المشروع الثاني: نسميه مشروع التدمير وهو ما قام على الظاهرية والانغلاق وتدمير الحضارة، وهو ما برز على يد السلفية الجهادية، وقد بالغ الاستكبار العالمي لتلبيس الإسلام هذه الصورة لتشويهه وإظهاره كنظام غير صالح للحياة أصلا، ولذلك قد اعترفوا بأن من خلق داعش هم أنفسهم.
المشروع الثالث: هو عملية تلفيقية بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية فيكون قشره صبغة إسلامية، وباطنه وركائزه ثقافة غربية، وهذا ما يجري في تركيا، وهو المشروع المعروف ب"الحكومات المعتدلة" و"الإسلام المعتدل" وهذا أيضا روج إليه ودعمه الاستكبار العالمي في محاولة لتحويل الحكومات الإسلامية إلى هذا النمط. أي الإسلام الليبرالي والعلماني.
المشروع الرابع: نسميه مشروع الإحياء، يؤمن بأن الاسلام قادر على بناء مشروع حضاري، لا يقوم على الإلتقاط من هنا وهناك، بل يعتبر الإسلام مصدرا وحيدا للتشريع، وهذا ما يؤمن به الإمام الراحل ويتبناه الإمام القائد عمليا، ويقوم على بناء أمة إسلامية.
وما الثورة الاسلامية إلا ثورة حضارية أسست البنى التحتية لهذه الحضارة.
في خطاب للقائد سنة 2001 يقول: ما هو الاتجاه العام للنظام الاسلامي ؟
الخط العام للنظام الاسلامي الذي نتجه نحوه هو تحقيق الحضارة الاسلامية، نعم الاسلام حضارة قابلة للتحقيق.. عصر بقية الله هو بداية العالم.. هو العصر الذي فيه يتنفس البشر الصعداء.. الثورة الاسلامية هي تمهيد للحضارة الاسلامية الحقيقية، وآفاق هذا التمدن:
الآليات: العلم والصناعة والاقتصاد والسياسة والاعلام والأمن.
المضمون: النمط الاسلامي للحياة من الزواج الإسلامي وبناء الأسرة ونوع السكن واللباس والأكل والمصرف والترفيه والكتابة واللغة والعمل والسلوكيات في الحياة العامة.
وهذا يتحقق بعناصر:
1. الاجتهاد الفقهي المستمر من الكتاب والسنة مع الأخذ بعين الاعتبار دور الزمكان في الاستنباط وأسلمة العلوم.
2. توليف العلم والايمان، يعتقد القائد أن الحضارة الغربية علم بلا إيمان والحضارة الاسلامية علم إيمان ومقاومة.
3. التوجه إلى الموضوعات المعقدة في عالم الاقتصاد والسياسة ودراستها بعمق حتى يساهم ذلك في استنباط الأحكام الشرعية لها.
4. الدور المحوري القيادي لولاية الفقيه الذي يجب أن يكون له الدور القيادي في جميع مؤسسات الدولة.
5. التشريعات القانونية لا بد أن تنشأ من الاجتهاد الفقهي، لا يكفي أن يصاغ القانون بشكل لا يخالف الاسلام، بل لا بد أن ينشأ من الاسلام.
6. هيكلية إدارية في الدولة الإسلامية متولدة من رحم الإسلام. (۹۸۶/ع۹۴۰)