25 April 2018 - 13:08
رمز الخبر: 443140
پ
السيد الصافي:
خلال حفل ختام مهرجان ربيع الشهاد الثقافي العالمي الرابع عشر، والذي أقيم عصر الثلاثاء في صحن ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) كانت هناك كلمة للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية القاها المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي.
 السيد أحمد الصافي

ولکم نص الخطبة:

"ابعث السلام الى الاحبة والاعزة الذين اسعدونا بحضورهم الكريم بأرواحهم قبل اجسادهم، سواء من حلَّ ضيفا كريما ام كان من اهل الدار قائلا له السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ها نحن اقتطعنا من وقتكم الثمين اياماً قليلة كانت لنا عونا على ما عندنا من عمل، فحفظناها في النفوس والقراطيس واستفدنا منها فوائد عديدة سواء في اللقاءات او البحوث او في السياحة بين المكتبات وهي تجود علينا بكل جديد وثمين وعميق، وعسى ان يكون ذلك لكم ايضا وعسى ان تكون هذه الايام لكم فيها مغانم كما هي لنا، فشكرا ثم شكرا متواصلا لحضوركم ومشاركتكم".

وأضاف "فإن نفترق لا عن ملالة لكن هذا حال الدنيا وهذه سنتها ولن تجد لسنة الله تبديلا، والشكر للافاضل المشاركين في البحوث والمناقشات التي اغنت المطالب وافاضت عليها من أنواع التحقيق والتدقيق، والشكر للأعزة في اللجنة التحضيرية بشخوصها المعروفة او بالجنود المجهولة من ورائهم، وقبل هذا وذاك الثناء لادارة العتبتين المقدستين بمسمياتها وللإخوة اصحاب المكتبات الذين التزموا بكل المعايير التي ذكرت لهم وكذلك للإخوة الاعلاميين الذين نقلوا هذه الصور الجميلة الى فضاءات اوسع والشكر لكل من ساعد بفقرة واضاف التفاتة متوجا بالانحناء لاهل القرآن الذين شنفوا المسامع بالحان السماء وللاخوة الشعراء الذين اتحفونا بقصائد فشكر الله مساعيهم الجميلة ".

وتابع السيد الصافي "اغتنم هذه الفرصة العزيزة علينا ايها الاخوة لانوه الى امر مهم جدا وهو ان الفتوى المباركة فتوى الدفاع الكفائي التي اطلقتها المرجعية العليا كانت حاضرة في هذا المؤتمر بشكل خاص ولعلها كانت هي الغالبة حتى في عنوان وشعار المؤتمر وهي تستحق بلا شك، ولا ريب بأن تقرأ بأكثر من قراءة ويبحث عنها ويبحث حولها في اكثر من بحث واجدني مضطرا الى ان اتطفل على وقتكم لبيان بعض الامور المتعلقة بالفتوى على نحو العجالة ".

وبيَّن " لاشك ان للفتوى قراءة فقهية وقراءة اجتماعية وقراءة عسكرية وقراءة سياسية وقراءة اقتصادية، لعل الشيء المهم هو ان ارهاصات الفتوى مهمة جدا، وقراءة الاحداث ما قبل الفتوى مهمة أيضا لفهم الفتوى، فالاحداث التاريخية تبقى ناقصة اذا قرأنا الحدث فقط، لكن اذا قرأنا ما قبل الحدث ستكتمل الصورة، اذا اضفنا لها ايضا ما بعد الحدث لذلك فمن باب الاطلالة السريعة على تاريخ سريع فإن المرجعية ضمن عشرات التوجيهات والوصايا والتحذيرات سواء في البيانات الصادرة منها بشكل مباشر او من خلال خطب الجمعة اذا قرأناها بدقة فإنا سنرى ان الانهيار كان وشيكا نتيجة عدم البناء الصحيح للمؤسسة العسكرية ولوجود الفساد المستشري في بعض المؤسسات".

وتابع " وفعلا قد انهار جزء من البناء في التاسع والعاشر من حزيران وهذا المعنى ضمن قراءات تاريخية يكون من الامور المهمة خصوصا ونحن الان في ضيافة سيد الشهداء (عليه السلام) كما قرأنا واقعة الطف ما قبل 61 للهجرة، ثم قرأناها ما بعد 61 للهجرة، بالاضافة الى قراءتنا الخاصة في يوم الطف في العاشر من محرم، فان الصورة اصبحت واضحة المعالم ان اسعفتنا النصوص التأريخية لحقيقة ما كان يجري وحقيقة ما جرى بعد واقعة الطف اعتقد ايها الاعزة والاخوة جميعا يحتاجون دائما ان يراجعوا التاريخ ما قبل الفتوى ليجدوا اهمية صدور هذه الفتوى في وقتها المحدد واثارها الايجابية.

وايضا من الملاحظات التي احب ان ابينها: ان المرجعيات الدينية قد افتت في ازمنة ماضية في وقت كان لابد ان تفتي لأنه لا توجد بدائل عن الفتوى مثلا فتوى تحريم التنباك ولنصطلح عليها فتوى اقتصادية وفتوى ثورة العشرين التي اطلقها المرجع في وقته ولنصطلح عليها فتوى عسكرية للحفاظ على السيادة الوطنية ومرجعيتنا العليا ايضا افتت، اذ لا يوجد خيار في حينها الا الفتوى".

وأوضح السيد الصافي "مقصودنا ان لا يوجد خيار غير الفتوى لا يفهم المعنى الحقيقي لهذه الجملة الا بالقراءة المتأنية الى ما قبل الفتوى وهذه الفتوى فلنسمها عسكرية سيادية دينية سمها ما شئت، لكن المهم ان هذه الفتوى لم يكن عنها اي بديل لإنقاذ البلاد والعباد، ولكن يبقى السؤال هو: ما الفرق بين هذه الفتوى وبين ما سبقها من فتاوى سواء كانت في ثورة العشرين ام غيرها؟

لعل النكتة البارزة في هذه الفتوى ان هذه الفتوى لم تتعامل مع عدو على نحو له كيان خاص، ففتوى ثورة العشرين تعاملت مع عدو كان له كيان خاص، وكانت له دولة وكان له رأس اما في مسألتنا فالسؤال من هي داعش او ماهي داعش وما تمثل داعش في المنظومة الدولية، وهل هي دولة؟ كلا فاذا هي خارجة عن مقاييس الانظمة والمعاهدات الدولية، فلا نستطيع ان نجرِّمها كدولة ولا يستطيع ثالث ان يتوسط لأنها ليست كيانا واضحا، كما تتوسط الدول اذا نشب نزاع بين دولة واخرى، فاذا داعش كانت وما زالت تمثل خطرا كبيرا ويصعب المسك به، لذلك كان لابد من الحنكة والدقة والحكمة في التعامل مع هذا الوجود الارهابي الشاذ.

وما كان غير الفتوى ان يتعامل مع هذا الوجود اصلا، لذلك هذه الفتوى بالاضافة الى القراءات المتعددة لها فإنها تميزت بهذا التميز، ولذلك في الوقت الذي نرى الاثر الايجابي الطيب من خلال الفتوى واندفاع ابناء الشعب العراقي والدماء العزيزة التي اريقت".

واستدرك قائلا " في الوقت الذي جنينا هذه الثمرة لكننا ايضا على تخوف من ان هذا الوجود الارهابي قد ينبع في مكان اخر؛ لان لا كيانَ دولة له فيحتاج الى مقدمات بعيدة وكثيرة لان ينبع، ولكن هو عبارة عن وجود ارهابي يمكن أن يحضر وينبع اذا وجد الارض الخصبة لذلك، ولذلك على الدول ان تكون دائما متيقنة فان (داعش) عبارة عن خطر كبير، فهو اشبه ما يكون بالسرطان الذي يسري في جسد الامة رويدا رويدا، الى ان يقضي عليها لا قدر الله او اشبه بحشرة الارضة التي تنخر في الجسم رويدا رويدا الى ان -لا سامح الله- ينهار الجسم ، لذلك نرى ان هذه الفتوى بالاضافة الى موقعها الديني المميز قد انطوت على دقة متناهية في التوقيت، بحيث لولا الفتوى لكانت الامور جرت على غير مجرى، بل انحصر الخلاص بالفتوى وهذا الخلاص ما كان ليتحقق لولا هذا الاندفاع الكبير الذي اوقف زحف داعش من جهة وقضى عليها من جهة اخرى.

اذن في هذه الفتوى الحنكة في وقتها أي الدقة في التوقيت، والحكمة عندما نتعامل مع هذا الوجود (داعش) يمكن ان ينهزم من جميع المعايير ولا توجد الزامات عليه؛ لأنه ليس بدولة، وغير داخل في معاهدات دولية، ويفعل ما يشاء وهذا العدو استطاع ان يدير التوحش بطريقة وحشية ولذلك كثير من الدول الان تخشى (داعش) وحق لها ان تخشاه لكن عليها ايضا ان تتمتع بالحكمة واليقظة والحنكة والدقة ان ارادت ان تقضي عليه". (986/ع940)

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.