27 April 2018 - 17:55
رمز الخبر: 443209
پ
السيد فضل الله دعا لعقلنة الخطاب الانتخابي:
ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين.
السيد فضل الله

ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما ورد عن رسول الله عندما سأل أصحابه: "أتدرون ما المفلس؟"، فقالوا: "المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع"، فقال الرسول: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار".

أضاف: "إننا أحوج ما نكون، وفي أجواء التوتر والانفعال، إلى الالتفات جيدا إلى كلماتنا وأفعالنا، كي لا تنزلق بنا إلى ما حذر رسول الله منه.. مما يذهب برصيد تعبنا من المستحبات وبذلنا للخيرات، ويسقطنا بعد ذلك في مهاوي النار.. فلنبذل جهدنا لعدم الوقوع بها.. لنكون أكثر دقة ومسؤولية، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات".

وتابع: "البداية من لبنان، الذي من الطبيعي أن يشهد حدة في الخطاب الانتخابي مع اقتراب موعد الانتخابات، وهي بدأت بالمغتربين، حيث سيبقى كل فريق يستنفد كل الوسائل في الفترة المتبقية لتأمين فرص نجاحه، لبلوغ سدة الندوة البرلمانية أو لتعزيز موقعه فيها".

وقال: "نحن ما زلنا ندعو، ورأفة بهذا البلد، إلى عقلنة الخطاب الانتخابي، بأن لا تستثار فيه، كما يحدث الآن، الحساسيات الطائفية والمذهبية والعشائرية والمناطقية والأحقاد، والخوف من هذا الفريق أو ذاك، والاتهامات والاتهامات المضادة، ما يزيد من تأزيم الواقع. إننا نريد لهذا الخطاب أن يرتقي إلى مستوى التحديات التي تواجه البلد في اقتصاده وأمنه وسياسته والقادم عليه.. فالبلد ليس بألف خير، والمحيط من حوله ليس في ظروف طبيعية".

واشار الى "ان كثيرا من الخطاب الذي يعرض على الشاشات، وفي مواقع التواصل، وفي المهرجانات، فيه ما يسيء إلى صورة اللبنانيين، ويظهر استخفافا بوعيهم وتطلعاتهم، ولن ندخل في التفاصيل".

وقال: "إن اللبنانيين مدعوون مجددا إلى أن يعبروا عن هذا الوعي والعقلانية بالممارسة، وأن يظهروا بأنهم جديرون بهذا الوطن وبمستقبله، عندما يقترعون بناء على مواصفات يلزمون أنفسهم بها، يقترعون للصادقين والأمناء، لمن كانوا في الشدائد حريصين عليهم وأوفياء لهم، ممن لم يخذلوهم ولم يجلسوا على التل عندما واجهوا التحديات، يقترعون للذين لم يتلوثوا بفساد ووقفوا في وجهه، لمن كانوا يغلبون الشأن الوطني على الشأن الطائفي والمذهبي، لمن كانوا يعملون لتوحيد اللبنانيين لرص صفوفهم، في الوقت الذي كان هناك من يدعو إلى الاصطفافات المذهبية والسياسية الحادة على حساب الوطن.. لمن يملكون عقلا وحسن إدارة في الموقع الذي سيشغلونه".

اضاف: "إن على اللبنانيين، وخلال الساعات أو الأيام المقبلة، أن يخلدوا إلى أنفسهم، وأن يفكروا جيدا فيمن يختارون لتحمل المسؤولية، إلى أن يخرجوا أنفسهم من دائرة التوتر والانفعال.. وأن لا يكونوا صدى لآخر خطاب أو آخر لقاء انتخابي.. بل يفكروا بهدوء، كما أشار الله في قوله تعالى: {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا}. وفي الموقع نفسه، نعيد دعوة أهلنا وأعزائنا إلى أن يؤكدوا مجددا أنهم على مستوى القيم التي يحملونها.. أن تكون قيمهم حاضرة عند الاختلاف، وفي إطار التنافس.. فالمؤمن يتوتر ويغضب ويعذر، ولكن غضبه لا يخرجه عن قول الحق والتحرك بوحيه".

وأكد ان "علينا جميعا ألا تشغلنا الانتخابات عن الهموم والملفات الأخرى التي أثقلت البلد، كملف الكهرباء وغيره، وما هو مطروح الآن في ملف النازحين، الذين نصر على التعامل معهم بناء على المصلحة الوطنية وقواعد الأخوة، مع الحذر لما تخطط له الدول الغربية، والتي لا تفكر إلا بمصالحها، لا بمصالح لبنان واللبنانيين".

ووفي مجال آخر، قال: "نلاحظ تصاعد نبرة الابتزاز المتصاعدة من الرئيس الأميركي في تعامله مع الدول العربية والخليجية بالخصوص لحساب إدارته، وهو الذي قال قبل أيام: "على الدول الثرية في الشرق الأوسط أن تتكفل بالمصاريف الكبيرة التي تنفقها الولايات المتحدة الأميركية لحمايتها".. ومع الأسف، فإن هذه الدول لا تأخذ ذلك على محمل الجد، ولا تعمل على أن تدرس تبعاته عليها وعلى شعوبها".

اضاف: "إن هذه المواقف تتطلب بذل كل الجهود للابتعاد عن هذه السياسة الدولية التي تتعامل مع المنطقة كمركز مالي وبقرة حلوب لها، والعودة سريعا إلى بناء تضامن عربي وإسلامي ينهي هذه المآسي الداخلية المستمرة، والحروب العبثية في الداخل العربي والإسلامي، ويوفر على الدول العربية والإسلامية هذا الابتزاز".

وأعلن انه "في هذا الوقت، يستمر العدوان على اليمن، والذي حصد المزيد من الضحايا، فضلا عن آثاره الصحية والإنسانية الخطيرة.. في الوقت الذي نجد العالم يتفرج على ما يجري، ولا يغدق على هذا البلد الجريح إلا أصوات الاستنكار والإدانة للمجازر"، وقال: "لقد آن الأوان لهذا العالم أن يستيقظ، وأن يرفع الصوت عاليا لإيقاف هذه الحرب التي غالبا ما تطاول المدنيين في تجمعاتهم وأعراسهم ومنازلهم، كما رأينا أخيرا".

وقال: "في ملف آخر، نريد للجميع ألا يتناسوا العدو الإسرائيلي الذي يقفز فوق كل الضجيج والصخب في المنطقة، ويواصل اغتياله للكوادر والطاقات العلمية، كما فعل "الموساد" قبل أيام في اغتيال فادي البطش في ماليزيا، حيث لم يخف العدو فرحته بالعملية، وملاحقته لكل العقول العربية والإسلامية، ومحاولته تقديم ذلك كانتصار على المقاومة".

واكد أن "هذا العدو الذي اغتال المهندس التونسي محمد الزواري في تونس، وقبلها محمود المبحوح في الإمارات، وعشرات العقول والطاقات العربية والفلسطينية، هو الذي ينبغي للجميع أن يحذروه ويعملوا لمواجهته، لا أن يدفنوا رؤوسهم بالرمال، ولا يتطلعوا إلا للفتن التي تنهش أجسادهم؛ الفتن المذهبية والسياسية على السواء".

وقال: "نحن على أبواب عيد العمال، الذي نلتقي به في الأول من أيار، نتوجه بالتهنئة إلى كل العمال، رجالا ونساء، الذين كدوا وتعبوا لبناء العزة لأوطانهم وعيالهم، في أي موقع من مواقعهم. إن من حق العمال في لبنان على وطنهم أن يحتضنهم، وأن يشملهم بالرعاية والاهتمام، وأن يكرمهم في حقوقهم وعيشهم الكريم وحياتهم كلها، لا أن يفرض المزيد من الضرائب عليهم، ويحملهم أعباء الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، في الوقت الذي يحرمون من أبسط ضروريات العيش، فيما تتزايد ثروات القلة المترفة التي تعتاش على حسابهم وعلى حساب بقية الكادحين من أبناء شعبنا. ومن حق الذين يريدون العمل، وهم لا يجدونه، أن تؤمن لهم الفرصة لذلك". (۹۸۶/ع۹۴۰)

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.