وأبرز ما جاء في الكلمة:
من دواعي السرور أن نقف أمام الإخوة الأعزّاء وهم يملأون شعورنا بحالة من الإبداع والتطوّر، سائلين الله تبارك وتعالى لهم دوام التسديد، ونسأله تعالى أن تكون هذه الجهود جهوداً مباركة وهي تضع لبناتها الفكريّة والإبداعيّة في بناء هذا البلد، لكونه يحتاج الى أبنائه ليس في هذه المرحلة فحسب وإنّما في جميع المراحل، وبحمد الله تعالى أنّ هناك دعوات وهناك إبداع ونوايا صادقة من أجل البناء، لذا يجب على المعنيّين وأهل القرار أن يوفّروا الأجواء المناسبة لكي تجد هذه النتاجات من الإبداع طريقها الى الواقع المعاش حتّى يستفيد منها مَنْ يستفيد.
مؤكّداً: إنّ الإبداع يُبنى على أسسٍ والأساس الأوّل هو الثقة بالنفس، لأنّ الإنسان المُبدع لديه ثقة بنفسه أنّه يستطيع أن يرتقي الى معاني علميّة لم يسبقه إليها أحد، وهذه الثقة بالنفس سيُلازمها عدم المهزوميّة الذاتيّة، الإنسان في بعض الحالات يشعر بالانهزاميّة في داخله لسبب أو لآخر، وغالباً ما تكون هذه الانهزاميّة الداخليّة عامل إحباط للإنسان، أمّا المبدع فهو خلاف ذلك يشعر بالثقة بالنفس أنّه يستطيع أن يصنع أو يبتكر ما لم يصنعه الآخرون.
مضيفاً: هناك خصيصة ثانية للمُبدع هي أنّه يستفيد من التجارب الماضية، وأنّ الأوائل كما عملوا وكما اكتشفوا لنا وهذا ليس نهاية المطاف إنّما عليه أن يُكمل، وخصوصاً العلوم التطبيقيّة، الإنسان عليه أن يرى وعليه أن يبدع وعليه أن يفكّر وعليه أن يدقّق بسرّ هذا الكون لعلّه من خلال ذلك سيكتشف أشياء كثيرة لها نتاجات علميّة ينعكس جزءٌ منها بالفائدة عليه وعلى مجتمعه.
مشدّداً: نحن نؤكّد على مطلبٍ مهمّ ألا وهو أنّ العقل العراقيّ عقلٌ مفكّر ولعلّنا ذكرنا هذا الموقف في بداية افتتاح الجامعة، وعلى الإخوة أن يخطوا الخطى لكي يُبدعوا، الوقت مهمّ بالنسبة للأعزّاء فهذه الروح الشبابيّة مهمّة جدّاً، الإنسان عليه أن يستثمر الطاقة التي عنده وأن يستغلّ الوقت استغلالاً أمثل كلّ دقيقة وكلّ ثانية عليه أن يستثمرها، لأنّ الإنسان في تقادم الأيّام قد تضعف عنده هذه الروح البحثيّة من البحث والتطوير، خصوصاً عندما لا يرى من يهتمّ بهذه الإبداعات، لكنّ المأمول من الإخوة الأعزّاء والأخوات أن يكونوا خلاف ذلك، وربّ فكرةٍ ليس لها رواج الآن لأنّ سوق الإبداع أو سوق الإنتاج والإبداع معطّلة لسببٍ أو لآخر، لكن هذه الفكرة قد يُكتب لها النجاح مستقبلاً إذا جاء الظرف المناسب والله تعالى يهيّئ من يكون سبباً لنجاحها.
موضّحاً: قسمُ العلاقات العامّة في العتبة العبّاسية المقدّسة، ومشروع فتية الكفيل يتمتّع باهتماماتٍ واسعة على المستويات التعليميّة المختلفة التي تبدأ من رياض الأطفال وتنتهي بالدراسات العُليا، لأنّنا نعتقد أنّ العلم يبدأ ولا ينتهي أي له بداية لكن ليست له نهاية، فعلى الإنسان أن يستكثر من العلم، لذا كان الاهتمام من هذه الشعبة المباركة شعبة فتية الكفيل، سواءً كان الاهتمام في المراحل الدراسيّة أو في المخيّمات الصيفيّة أو في الاحتفال المركزي الذي تقيمه العتبة المقدّسة في كلّ عام مرّة، وتستقبل فيه جميع أبنائها الطلبة من العراق ومن كلّ الجامعات في المراحل المنتهية، بهذا الاهتمام نُشعِر أبناءنا الطلبة أنّهم أهل لتحمّل المسؤوليّة.
نوجّه الشكر الى الأساتذة الذين وضعوا أياديهم بأيادي الطلبة حثّاً منهم على العلم وعلى الإبداع، كذلك أوجّه الشكر الى من قد يكونون جنوداً مجهولين، عندنا أملٌ كبير أن نرى إخوتنا الأعزّاء في المستقبل القريب يكونون في مسيرة بناء البلد بالشكل الصحيح، ويبنون هذا البلد على أساس الكفاءة والنزاهة ومحبّة الأوطان، فإنّ محبّة الأوطان من الدين وإنّ وطننا يحتاج الى كلّ قطرة عرقٍ أن تكون في سبيله، كما كانت كلّ قطرة دمٍ سُفكت وأُريقت في سبيل أن يبقى هذا البلد بحمد الله منيعاً عن أيّ تمزيق أو عن أيّ حالة تشويهٍ، أو تدنيس لأرضه ومقدّساته وأناسه وهذا كلّه بفضل دماء عزيزة، على الإخوة أيضاً أن لا ينسوا أنّ الكثير من دماء الشهداء بدأت تُنسى من خلال الكثير من وسائل الإعلام وهذا في الحقيقة عدم وفاءٍ للشهداء، ونحن علينا أن نستذكر دائماً خصوصاً أنّ الكثير من الشهداء غير معروفين عندنا جميعاً، هناك عوائل قد لا تملك ملكاً في هذا البلد ونحنا قد زُرنا الكثير من العوائل وقد وجدنا حالة الفقر الذي يعيشونه، وقد كانت لهم ردود كبيرة في محبّة البلد ولا أريد أن أقارن بينهم وبين غيرهم لكن الواقع هو هذا، هؤلاء يحتاجون أن يُذكروا وكلّ واحدٍ منّا عندما يقرأ وعندما يبدع وعندما يعيش وعندما يتنفّس يجب عليه أن ينظر نظرة واقعيّة، وأن يقف بداخله إجلالاً وإكباراً الى تلك الأمّهات اللاتي أنجبن هؤلاء الأبناء، واقعاً كلّما نرى تصارعاً من جهة أو نرى حالة من التأخّر في البلد أو تقصيراً في هذه الخدمات أو تلك نستذكر الأعزّة الشهداء والدماء الزكيّة التي أُريقت، الإنسان عندما يعتقد أنّ من ورائه هذه الدماء قطعاً هذا سيُساعد على الإبداع، وأنا أعتقد أنّ أيّ واحدٍ من الإخوة الأعزّاء عندما يبدع وعندما يكمل ما جادت به أفكاره، بينه وبين نفسه يقول: لولا هؤلاء لما كنت أنا الآن قد وُفّقتُ لما قد وُفّقتُ له، عليه دائماً أن يستذكر أنّهم قد أعطوا أعزّ ما يملكون من أجلنا، فعلينا إخوتي أن نستذكرهم، حتى في البحوث العلميّة وحتى في قاعات الدراسة، جزء من التوثيق أن تبقى هذه الأسماء محفورةً في ذاكرتنا، نوع من الوفاء أن لا ننسى تلك الدماء وأن لا ننسى الجرحى، بعض الجرحى قالوا: يا ليتنا كنّا مع الشهداء، وهذه الحالة النفسيّة للجريح وهو شاهد عدل على ما جرى من جرائم لهذا البلد، وقفوا أمامها ودافعوا بشرف وبسالة، وبحمد الله وإن شاء الله نتجاوز جميع الأزمات الأمنيّة والخدميّة، أكرّر الشكر لطلبتنا الأعزّاء ولوزارة التعليم العالي والبحث العلميّ لمؤازرتها لأبنائها ودعمها لهذه الجامعة ولبقيّة الإخوة الأعزّاء، كما أوجّه الشكر لأقسام العتبة الذين ساهموا برفد هذه المسابقة العلميّة بالجانب الطبّي والهندسيّ، وإن شاء الله الى مزيدٍ من الإبداعات ومزيدٍ من الاستقرار والأمان. (۹۸۶/ع۹۴۰)