19 October 2018 - 17:50
رمز الخبر: 447151
پ
السيد علي فضل الله:
أكد السيد علي فضل الله "إننا أمام التقارير الخطيرة التي تتوالى حول الأوضاع الإنسانية في اليمن، وآخرها ما صدر عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الذي حذر من أن "الملايين في اليمن يواجهون أسوأ أزمة جوع في العالم".
 ​السيد علي فضل الله​

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي ونحن نستعيد الذكرى الأليمة لوفاة الإمام الحسن المجتبى، التي مرت علينا في السابع عشر من شهر صفر، بأن نتبع الأسلوب الذي تعامل به مع ذلك الرجل الشامي، ممن رباهم معاوية على العداء لعلي ولأهل البيت.
يقول هذا الرجل: "وصلت إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فرأيت رجلا راكبا على بغلة، لم أر أحسن وجها ولا سمتا ولا ثوبا منه، فمال إليه قلبي، فسألت عنه فقيل لي: هذا الحسن بن علي بن أبي طالب، فامتلأ قلبي له بغضا، وحسدت عليا أن يكون له ابن مثله، فصرت إليه وقلت له: أأنت ابن علي بن أبي طالب؟ قال لي: نعم، فرحت أشتم أباه وأشتمه، فلما انقضيت من كلامي، قال لي: "أحسبك غريبا"؟ قلت: أجل، قال: فإن احتجت إلى منزل أنزلناك أو إلى مال آتيناك أو إلى حاجة عاوناك.. ودعاني إلى بيته وأكرمني بضيافته.. فخرجت من عنده وما على الأرض أحب إلي منه، وما فكرت في ما صنع وصنعت إلا شكرته وخزيت نفسي".

اضاف: "فلنتعلم من الإمام أسلوبه، ولنقتد به، رغم صعوبة ذلك علينا، فهو يحتاج منا إلى صبر، فالواحد منا يحب أن ينفس عن غيظه، وأن يرد الإساءة بمثلها أو أكثر! ولكننا بالأسلوب الذي اتبعه الإمام الكاظم، نعالج الكثير من التوترات التي تعصف بساحاتنا بفعل الخلافات، وما أكثرها! الخلافات الدينية والمذهبية، والصراع السياسي والحزبي والعائلي، وصراع المصالح، والتنافس على المواقع، والسجال بين الأفكار والعقائد، واختلاف الآراء، وبه نحول الأعداء إلى أصدقاء، والمبغضين إلى محبين، ونثبت سلامنا الداخلي، بدلا من أسلوب رد الفعل الذي يزيد العداء عداء، ويثبت الأحقاد، ويزيد من التوترات. وبذلك، نبلغ ما بشر به الله الذين ينتهجون هذا الأسلوب عندما قال: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}، وقال تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله}. وبذلك، نصبح أكثر تماسكا وقوة وقدرة على مواجهة التحديات".

وتابع: "البداية من لبنان، الذي كبرت فيه الآمال بولادة الطبخة الحكومية، وبقدرة قادر، بعد تعثر استمر خمسة أشهر عاش خلالها اللبنانيون أجواء غلب عليها التشاؤم، ولم يعد سرا القول ان ما حصل لم يأت، ومع الأسف، من حرص من غالبية القوى السياسية على إخراج البلد مما عاناه ويعانيه من أزمات على المستوى الاجتماعي والمعيشي، ومن تداعيات خطيرة على المستوى الاقتصادي، بل جاء بعد الكلام الدولي الحامي الذي وصل إلى مسامع كبار المسؤولين، بأن كفى تلهيا بما يجري على صعيد تقاسم الحصص فيما البلد ينهار، وأن استمرار هذا الواقع قد يفقده أحد صمامات الأمان والنجاة التي تأمنت له خلال المؤتمرات التي حصلت، وآخرها سيدر.. ولا ننسى الأثر الإيجابي الذي تركته تطورات إقليمية ودولية على هذا المسار، والذي ساهم في انكفاء بعض الفيتوات التي كانت وضعت أمام تأليف الحكومة، والمساهمات التي حصلت من قوى سياسية في الداخل".

وقال: "إننا أمام ذلك، في الوقت الذي نقدر أي جهد يبذل للوصول إلى ما وصلنا إليه، ندعو إلى بذل مزيد من الجهود لحلحلة ما تبقى من عقد، وهي عقد لا نراها مستعصية، وهي حتى الآن لن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وإن كان الحذر سيبقى حتى بزوغ فجر الحكومة. بعد ذلك، سيبقى هاجس اللبنانيين: هل ستدخل القوى السياسية عندما تشكل الحكومة بعقلية الحرص على معالجة الكم الهائل من المشكلات وإنتاج الحلول، على حساب إيقاف النزيف الذي يعانيه البلد على كل المستويات، أو بعقلية تصفية الحسابات التي ظهرت في الفترة السابقة، والتي علا فيها ضجيج استنفار الغرائز الطائفية والمذهبية والحزبية، واستعيدت خلالها لغة الحرب التي يرفضها اللبنانيون، بحيث تتحول الحكومة التي ينتظرها اللبنانيون من كونها نعمة إلى نقمة إضافية عليهم؟".

اضاف: "وفي مجال آخر، وعلى الصعيد الإعلامي، لا بد من التوقف عند خطورة ما يعرض عبر وسائل الإعلام، المرئية منها بالخصوص، والذي ما يلبث أن ينسحب على وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي، من برامج تسيء إلى الجانب الأخلاقي، وتنال من المقدسات والرموز الدينية، لتداعياتها على بناء المجتمع وقوته ومناعته وتهدد استقراره الداخلي. إننا أمام ذلك، ندعو الوسائل الإعلامية، ومن ورائها الدولة اللبنانية، إلى أن تعي مخاطر ذلك على صورة لبنان، الذي نريده أن يبقى بلدا تحترم فيه القيم الأخلاقية والدينية، وهو لا يعني أننا نريد المس بالحرية التي نصر على أن تصان، ليبقى لبنان بلد الحريات، ولكن نريدها أن تكون مسؤولة وواعية، ولا تكون عبئا على لبنان وقيمه ومبادئه".

وتابع: "نبقى في لبنان، لنشير إلى خطورة جهاز التجسس الذي زرعته إسرائيل في محيط خراج شرقي بلدة الحلوسية، والذي سارعت طائرة استطلاع إسرائيلي إلى تدميره قبل اكتشافه، ما يشير إلى مدى الاستهداف الذي يتعرض له لبنان من هذا الكيان، وتهديده المستمر للسيادة اللبنانية وأمنه، ما يدعو إلى استنفار كل الجهود لمواجهة هذا الاستهداف ومنعه".

من جهة اخرى، رأى العلامة فضل الله "في الخطوة الأخيرة التي تمثلت بفتح معبر نصيب بين الأردن وسوريا، والتي هي إشارة إضافية إلى عودة العافية إلى سوريا وإعادة ربطها بمحيطها، بشارة أمل للبنانيين الذين عانوا تداعيات ما جرى على المستوى الصناعي والزراعي. وهنا، لا بد من أن نقدر موقف الدولة السورية التي تجاوزت الحساسيات الدبلوماسية والسياسية التي كان يمكن أن تشكل عائقا أمام تسهيل حركة انتقال البضائع التجارية".

وختم: "وأخيرا، إننا أمام التقارير الخطيرة التي تتوالى حول الأوضاع الإنسانية في اليمن، وآخرها ما صدر عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الذي حذر من أن "الملايين في اليمن يواجهون أسوأ أزمة جوع في العالم"، حيث لا يعرف قرابة 18 مليون يمني كيف يحصلون يوميا على وجبتهم القادمة، ويعتبر أكثر من 8 ملايين منهم على حافة "المجاعة"، فإننا نطلق مجددا الصوت لإيقاف هذه الحرب العبثية، التي إن استمرت، فستودي بشعب كامل بعد تدمير كل مقدراته، فهل من مجيب!؟". 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.