وقال السيد احمد الصافي اليوم الجمعة (14 /12 /2018)، ان نقاشا جرى بين عمار بن ياسر والمغيرة بن شعبة، لافتا الى ضرورة التركيز على وصف الامام امير المؤمنين عليه السلام بحق المغيرة، مبينا ان هذا الوصف اشبه ما يكون بوصف عام يبتلى به بعض الناس وان عبارة الامام علي عليه السلام في مقام الدقة في تشخيص هذا الوصف، لافتا الى ان بعض الشخصيات تفسد اكثر مما تصلح خصوصا ان هذه الشخصيات تأخذ مواقع عامة وخاصة.
واضاف ان التاريخ ينقل بان أمير المؤمنين عليه السلام قال لعمار بعد ان سمعه يراجع المغيرة بن شعبة كلاما ياخذ ويعطي ويتهم فقال (دعه ياعمار فانه لم يأخذ من الدين إلا ما قاربته الدنيا وعلى عمد لبس على نفسه ليجعل الشبهات عاذرا لسقطاته)، مشيرا الى ان العبارة اعلاه في منتهى الروعة والبلاغة.
وتابع السيد الصافي ان عمار بن ياسر رجل عالم وله تاريخ مشرف، الا ان الامام بعبارته اراد تقييم هذا الشخص ويقصد به المغيرة، وكان تقيمه له بانه لايصلح النقاش معه فاتركه، لانه رجل طالب دنيا وليس عنده دين ولا يرجع الى الحق، مبينا ان هنالك فرق بين ان تطلب الدنيا بالدنيا او من خلال التظاهر.
واوضح انه في المقطع الثاني من كلام الامام علي عليه السلام الذي جاء فيه (فانه على عمد لبس على نفسه)، مبينا ان التلبيس يعني عدم التمييز بين الحق والباطل، لافتا الى ان البعض تلتبس عليه الامور اما لقصور ويكون عقله ضعيفا لايميز بين الحق والباطل، او ان تكون الشبهة لديه قوية ولايستطيع ان يحل جميع اطرافها، او ان الاطراف لم تظهر فيكون في حيرة، او يحصل اللبس نتيجة قيام طرف بالتكلم بكلام مقنع والشخص المقابل سطحي فيتأثر بهذا الكلام.
ويرى ممثل المرجعية الدينية العليا ان الموضوع يكون تارة اخطر من ذلك، حينما يكون البعض قادرا على التمييز بين الحق والباطل ولكنه يعتمد التلبيس على نفسه في المناقشة والقناعة.
واردف ان البعض يعرف ان هذا ليل وهذا نهار، وان للنهار استحقاقاته كما ان لليل استحقاقاته لكنه يطرح ذلك بصورة التشكيك في انه لايعرف هل هذا ليل ام نهار، ويجعل نفسه ملبسا عليها الامر، لافتا الى وصف الامام علي عليه السلام في هذا المضمون والذي جاء فيه (ليجعل الشبهات عاذرا لسقطاته) اي انه يعلم علم اليقين بانه سيعاتب وسيسقط، لكنه يلبس على نفسه حتى يعتذر (عاذرا لسقطاته).
ويسلط السيد الصافي الضوء على عمق هذا الكلام مع هكذا موقع من شخص لايعرف سوى المصلحة الشخصية ولم يأخذ من الدين الا ما قاربته الدنيا، اي انه ليس له علاقة بالدين بمقدار ما يكون من اهل الدين.
وبين ان مثل هكذا شخص يعرف ماذا يفعل عندما يمر بحالة من الشبهات، فيلبس الامر على نفسه ليس عن قصور فيه ولا عن غفلة منه ولا عن سهو ولكن عن عمد يدخل نفسه في التلبيس، ويقول لا ادري، لافتا الى ان هذه المعاذير كم وكم يمارسها البعض منا وهو يعلم علم اليقين حقيقة الامر، لكنه يفعل ذلك حتى حينما يعاتب يقول انا لا ادري والامر مشتبه علي، وهذا قال لي كذا وذاك قال لي كذا فاشتبه الامر عندي لان كلا الطرفين ثقة وجيدين، فيبرء نفسه لكن بطريقة لم يكن جاهلا فيها.
واكد خطيب جمعة كربلاء ان الانسان في بعض الاحيان تلتبس وتشتبه عليه الامور، فمن الواجب عليه في هذه الحالة ان يحتاط ويتأمل ويسأل، الا انه في المقابل هناك من لايريد ان يخرج عن اشتباه الامور لان هدفه ان يلبس الامور على نفسه وهذا لا يمكن ان يخرج من التلبيس لانه هو من ذهب الى التلبس والاشتباه بنفسه، كونه يريد ان يبقى دائما على التل حتى يكون عاذرا من سقطاته فيمكن ان يقتل امير المؤمنين عليه السلام اشباها وكذلك يقتل سيد الشهداء اشتباها لانه اشتبهت عنده الامور فوجد هذا يصلي وهذا يصلي.
واكد في ختام الخطبة على ضرورة ان يكون الانسان دقيقا وواعيا ويتعامل مع الاشياء بحكمة خوفا من ان يلبس الامور على نفسه عن عمد، لافتا الى ان البعض يلبس الامور على نفسه عن عمد لانه لا يريد ان يتخذ موقفا فيبقى متحيرا ويقول انا من المتحيرين فيخدع نفسه عن عمد.