وقال: "وهو أصل خطابنا، بل هو الأرمية الأساس لمواقف المرجعيات الدينية والحركية من زمن المقدس السيد عبد الحسين شرف الدين، والمقدس السيد محسن الأمين، مرورا بالمقدس السيد موسى الصدر، ويمكن القول بأن هذا الخطاب في وقته وبيئته وحركة ناسه ومجموع حقباته كلفنا الكثير، كلفنا تهجيرا وقتلا وفظاعات، كلفنا تطهيرا ديموغرافيا طال ناسنا ووجودنا، كلفنا ثورات كبيرة وهائلة، ومنها ما يقرب من أربعين سنة مقاومة بين جبهة إسرائيل والتكفير، كي نحمي هذا البلد، والتاريخ بهذا المعنى ثابت صحيح لا غبار عليه. وهو خطابنا اليوم، وهو خطاب شعبنا وقادتنا وناسنا، وتاريخنا من تاريخ الإمام الحسين ضد الفاسد والمستبد والمحتكر وحيتان السلطة وأفاعي المال. ولأجله دفعنا أثمانا هائلة وما زلنا".
أضاف: "في زمن تظاهرة رياض الصلح، وقف قسم من هذا الشعب في المقلب الآخر، وقبله وبعده فعلوا نفس الشيء. ومع حرب تموز كان لبنان بألف خير، إلا الضاحية والبقاع والجنوب، وضحك الناس ملأ لبنان، وجماعة البحر كانوا في عالم آخر، مع أن المعركة كانت معركة لبنان، ومعركة حماية وجوده واستقلاله وهويته ووظيفته وضمان شعبه وناسه، بلا تمييز بين الطوائف والمذاهب والأديان. لذا، كان خطابنا قبل حرب تموز وبعد حرب تموز ضرورة إنتفاضة الشعب على نفسه، على عقليته المتوارثة على خنوعه ولامبالاته، وفي نفس الوقت كنا مصرين على تغيير عقل السلطة، وكسر وثن الطائفية، وهو خطابنا التاريخي على قاعدة "بدنا دولة مواطنة، دولة خارج القيد الطائفي، دولة همها المواطن، دولة غير مرتبطة بعقل وطائفة صاحب السلطة، دولة مفتوحة بشكل كامل على المحاسبة والمساءلة، دولة بلا أنياب، دولة بلا نظام فاسد، دولة بلا دستور طائفي، دولة بنظام قادر على التجديد، دولة شعب حي وقادر على التغيير، دولة خدمات، مؤسسات، بطاقة صحية، حماية اجتماعية، نظام تقاعد، دولة لا نظام قضائي فاسدا فيها، دولة بلا حيتان أموال وثروات، دولة بلا قانون انتخابي طائفي أو أرثوذكسي، دولة بقانون انتخابي نسبي على مستوى لبنان دائرة انتخابية واحدة، وبلا صوت تفضيلي، أو لائحة مغلقة، لتأكيد "مفهوم الدولة اللاطائفية بقانون لا طائفي، لشعب لا طائفي"، دولة بلا إعلام فاسد وأقلام مرتزقة، دولة ممنوعة على النهب والقرصنة ومصادرة المال العام، دولة لا يوجد فيها بيك وشيخ ومير وأمير وأفندي وإقطاعي؛ وكل هذا يتوقف على مفهوم الدولة، على نظامها الدستوري، على طبيعة مؤسساتها الدستورية، على مفهوم السلطة وتعدد السلطات فيها، وتعاونها بعيدا عن تخاصم السلطة وترقيعها وبخلفية قانون انتخابي بلا قيد طائفي ينتج قوة سياسية ووطنية قادرة على إدارة البلاد، وتحت نظر قضاء مستقل نزيه نظيف وقوي ومجالس رقابة ومحاسبة قادرة على إسقاط السلطة وزجها بالسجن ومنعها من نهب البلد".
وأكد المفتي قبلان أن "هذا هو خطابنا من أول لحظة، ومعه كنا الى جانب ناسنا وشعبنا، مع همومهم، مع جوعهم ووجعهم، مع قناعتنا وضميرنا، مع فهمنا لدورنا بالحياة والممات، ومع كل انتخابات، بخلفية أنها وسيلة التغيير الرئيسية للسلطة، كنا نقول للناس، انتخبوا ضميركم، انتخبوا ما تسألون عنه أمام الله، انتخبوا ما ينزل معكم إلى قبوركم، انتخبوا أمانة الله فيكم، انتخبوا الطريق الذي تعتقدون أنه ضمير الله في حياتكم ومماتكم، انتخبوا من يجمع الناس بالناس، انتخبوا مصيركم ومصير أولادكم، انتخبوا على التاريخ والتجربة، انتخبوا لبنانكم الذي تريدون، انتخبوا من سيدير ملفاتكم الأمنية والوظيفية والقضائية والإنمائية، انتخبوا الأقرب لوجعكم وجوعكم وأساكم وبؤسكم، انتخبوا من يعتقد أن السياسة ضمير وأمانة، انتخبوا على الإنسان، انتخبوا على الميزان، انتخبوا على القول والفعل، انتخبوا لتقرروا مصيركم بأنفسكم، هذا كان خطابنا قبل وبعد والآن، وسيبقى حتى نلاقي الله سبحانه وتعالى بأكفاننا وقبورنا لنسأل حتى نجيب".
وقال: "ما نراه اليوم هو انتصار لخطابنا ومبادئنا، وما نؤمن به لكن على قاعدة حماية البلد، ومنع اللعب الخارجي والمالي القذر والأقنعة التي تدير من الخلف، وخصوصا أن بعض ما رأيناه من مال يوزع بطريقة علنية، أكد أن هناك من يريد أن يخطف هذا الحراك، تماما كما حصل في ليبيا ومصر وتونس وسوريا والعراق، وهو ما نخشاه في لبنان، لأن القضية ليست برغيف الخبز، والمظلومية، ونهب السلطة، وأفاعي المال، بعيدا ممن يقود البوسطة، بدليل أن من قاد البوسطة لجوعى ومظلومي الربيع العربي حولهم حطبا للسياسات الدولية والإقليمية. وعليه، بدلا من تغيير النظام، تم تغيير الأشخاص وفق معايير لها ارتباط شديد بصناعة الجماهير على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما لا نريده للبنان، بخلفية أن شعبنا مظلوم تاريخيا ومحروم منهك منهوب مضطهد مسروق، ودولته وماله العام وإدارته ومرافقه ومؤسساته العامة منهوبة، بكل ما للكلمة من معنى، وهذا ما صرحنا به في كل المناسبات والمحطات، ولا نحتاج لذلك إلى شهادة من أحد، ولا ترويج ولا إعلام من أحد".
وأضاف: "ولأننا نعيش لحظة تاريخية، لحظة معادلة ومرحلة جديدة، يجب المبادرة إلى إنقاذ البلد عن طريق حوار تاريخي، وسريع، لتأكيد هوية البلد كدولة جامعة، دولة عيش مشترك، وسلم أهلي، دولة وطن ومواطن، دولة تؤمن بالله لكنها لا تؤمن بالطائفية والتقسيم السياسي، دولة بقانون انتخابي نسبي وفق صيغة لبنان دائرة انتخابية واحدة، خارج القيد الطائفي، لانتاج سلطة غير طائفية، ومفهوم سلطة غير قادرة على الاستبداد الشخصي، دولة رغيف خبز وفرصة عمل وقضاء نزيه وحر وقوي، ومجلس خدمة مدنية قادر وفاعل، ومجالس رقابة ومحاسبة قادرة على إسقاط السلطة وزج ناسها في السجن، دولة مصرف مركزي مكشوف على الرقابة والمحاسبة، دولة لا مجالس فيها ولا صناديق، دولة ليس فيها قضاء مرتزق، ولا محاسيب، دولة ممنوع إعلامها على الارتزاق، دولة لا سرية مصرفية فيها، دولة لا حصانات فيها لأحد، بدءا بالسياسيين وانتهاء بالنقابات، دولة ممنوعة على نهابي المصارف، دولة من الشعب وتعود للشعب ومحكومة لمصالح الشعب، بعيدا عن الطائفية ولعبة الاحتكار السياسي. نعم، نريد دولة الحماية الاجتماعية، والبطاقة الصحية والتقاعد الشامل لكل اللبنانيين، وهذا يحتاج إلى إرادة شعبية كبيرة، إرادة شعبية قادرة على التغيير، وهي الآن موجودة، ما يفترض استثمارها لهذا التغيير التاريخي، وإلا فإن أي خطأ بالتوظيف يعني كارثة تاريخية أكبر مما نتصور".
وأكد أنه "لإنجاح هذا الحراك الأكبر والأهم والعابر للطوائف، يجب أن لا نخلط الصالح بالفاسد، ولا يجوز التنكر لتاريخ هذا البلد، هذا البلد المحتل، الذي لم يستطع مجلس الأمن ولا قوى العالم ولا جامعة العرب ولا الدول الإسلامية تحريره، واستطاعت المقاومة تحريره وتأمين وجوده وسيادته واستقلاله طيلة ما يقرب من 40 سنة، بين قتال إسرائيل والتكفير الدولي. يجب أخذ هذه الحقيقة التاريخية بعين الاعتبار، وإلا فمن يصر على شعار "كلن يعني كلن" على طريقة خلط الصالح بالفاسد، والمقاوم بالعميل، يريد تضييع المسؤوليات، وإدخال البلد في نفق لا مخرج منه".
وتوجه قبلان إلى اللبنانيين بالقول: "أنقذوا لبنان، أنقذوا البلد وبادروا إلى تسوية تحفظ البلد والشارع ومشروع الدولة وهوية لبنان وتضحيات أهله وناسه ومقاوميه، تسوية تتمكن من إستعادة المال العام ومحاكمة حيتان السلطة، ولصوص المال، تسوية تشكل مرحلة تاريخية لمفهوم الدولة كبلد بلا قيد طائفي ووظيفة لا طائفية، وفق مفهوم سلطة اجتماعية ضامنة بسياسات مضادة للفقر والحاجة والأزمات المختلفة، وهذا يفرض علينا تغيير عقل السلطة ومفهوم الدولة، ما يشكل أكبر انتقالة نوعية في لبنان".
كما توجه الى الشعب الموجود في الشارع بالقول: "دولة بلا شعب يعني دولة دكتاتورية، دولة تعاني من السلب والنهب والصفقات، يعني دولة مزرعة وسلطة فاسدة، دولة بلا قضاء نزيه وقادر وفاعل يعني دولة زبائن ومحاسيب، دولة بهوية طائفية يعني دولة شركة لأشخاص يتحكمون بالدولة والسلطة والشعب والموارد ولقمة عيش الناس ووظائفهم، لذا طالبنا ونطالب بضرورة إسقاط الدولة الطائفية عن طريق تسوية قوية وآمنة، يربح فيها كل شعب لبنان، بكل ميوله، ويأمن معها مشروع الدولة، ويسترجع فيها المال المنهوب، وفق مفهوم جديد للدولة والسلطة بعيدا عن سرطان الطائفية وأمراضها، وحذار من غلق الأبواب، واتهام البريء والإصرار على سياسة الإبعاد، والتعامل مع المضحين بلغة انتقامية، وترك الشارع للسب والاتهام على مصراعيه، لأن هذه العقلية ستشكل أرضية لفرز الناس وضياع البلد ولعبة الخارج وسمسرة الأقنعة وارتزاق الأعلام القذر وجواسيس السفارات، تماما كما حصل مع الربيع العربي. لذلك عليكم أن تقرأوا ربيع ليبيا ومصر وتونس وسوريا والعراق جيدا حتى لا تتمكن أجهزة التخريب والفتن من إدارة الشارع وإدخال البلد في المجهول".
المصدر: الوكالة الوطنية