القى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة، في مسجد الإمام الحسين، في برج البراجنة، أشارفيها إلى أننا "أمام تحد وهو حماية البلد، وتحصينه ومنع الفساد بكافة أشكاله عن مركز القرار، في السياسة، والمال والحسابات العامة، والإعلام، وإنتاج جيل الشباب على قاعدة "أقم الحق ما استطعت"، أي ما تتمكن منه، ولو بالتدريج؛ بحاجة اليوم كي نعلن الحرب على الفقر، وعلى الجوع، وعلى البطالة والفساد وهدر المال العام، وملاحقة من نهب الدولة وجير القانون للعبة الصفقات وعمليات السرقة، بحاجة لمنع الفساد الإعلامي، وكف يد حيتان المال بكافة أشكالها، بحاجة إلى دولة وظيفتها استرداد المال العام وحماية البلد من لعبة الاقتصاد وعمليات الاحتكار، بحاجة إلى استعادة عدل الدولة ومشاريع العدالة الاجتماعية، وتحديث القوانين، بحاجة إلى إعادة تعريف الدولة عبر القوانين كسلطة داعمة للزراعة والصناعة والخدمات والبرامج الاجتماعية، بحاجة إلى شعب مواكب، شعب حاضر في الساحات، شعب يقول لحيتان المال والسياسة من أين هذا المال؟ وبأية آلية؟ بحاجة إلى قضاء نزيه، قضاء نظيف، قضاء شجاع، بحاجة إلى نيابات عامة مسؤولة، بحاجة إلى السيطرة الفعلية على المرافق والمرافئ والمصارف والمصرف المركزي وقطاع الاتصالات وباقي المحميات والكيانات الغارقة بالفساد، بحاجة إلى دخول الدولة سوق الاستيراد بكل جدية ضمن آليات تمكنها من المنافسة، وتأمين كل ما يحتاجه البلد من سلع أساسية، من نفط وغاز ومشتقاته، بحاجة إلى مساءلة المصارف عن الأرقام الخيالية التي حصلت عليها بفذلكات وهندسات فاسدة؛ نعم يجب مطالبة من نهب البلد بتحمل مسؤولية إنقاذ البلد، وهو ما يوجب على المصارف ومقاولي المال العام تحمل جزء رئيسي من المسؤولية لإنقاذ البلد، واسترداد ما أمكن من المال المنهوب.
وأكد المفتي قبلان أننا "بحاجة إلى حكومة قرارات جريئة وشجاعة على إدارة ملفات البلد قبل أن ينهار، بحاجة إلى حكومة تمنع الفراغ، بحاجة إلى حكومة لم الشمل والإصرار على الإنقاذ؛ نحن ضد اللعب ببقية مشروع الدولة، وقطع الطرقات، واللعب بالشارع وإدخال البلد في الفوضى، أو التعامل معه كملعب وبريد وساحة اختبار، وقال: "نحن في بلد منهوب وليس مفلسا؛ البلد قادر على النهوض ولكنه بحاجة إلى حكومة قرار، حكومة إجراءات، حكومة جهود مشتركة، حكومة قادرة على نبش ملفات الفساد في مرافق الدولة ومؤسساتها، بحاجة إلى حكومة قادرة على المحاسبة وتطبيق القوانين، حكومة تعيد النظر بواقع الفقراء، بحاجة إلى حكومة لا تحاسب الغني والثري والمتنفذ بنفس القانون الذي تحاسب به الفقير والبائس والعاطل عن العمل، بحاجة إلى حكومة دعم للعمال والفلاحين، بحاجة إلى حكومة تلبي مطالب الحراك الوطني وليس حراك الغرف والأوكار، بحاجة إلى حكومة جمع وطني، حكومة عمل وسهر ومتابعة وتقصي وفتح ملفات ومتابعة لأدق التفاصيل، لأن المؤسسات والإدارات تعاني بشدة من عقلية المزرعة والاستهتار بالناس وكراماتهم، فضلا عن الرشاوى والغش وغلق الأبواب وتأخير المعاملات والمتاجرة بها، وإلا فإن تحمل المسؤولية دون متابعة ورقابة ومحاسبة وتدقيق وتفتيش يعني أخذ البلد نحو الهاوية أكثر فأكثر".
وحذر المفتي قبلان من "لعبة الطائفية والمذهبية، لأن هناك من يريد النيل من البلد بإحراق الشوارع؛ لذا على علماء الدين من الطوائف كافة المبادرة لحماية البلد من لعبة الحرائق الدينية، والتي يتم تسويقها عبر محطات إعلامية وأوكار استخباراتية وغرف وظيفتها حرق الشوارع وإدخال البلد في الفوضى".
كما طالب وناشد "المتظاهرين التروي والصبر على الرغم من ضرورية المطالب وشرعيتها، وندعوهم إلى الالتزام بالهدوء والحفاظ على السلم الأهلي وعدم إفساح المجال أمام المستغلين والمتسلقين والصائدين بالماء العكر، وإعطاء الفرصة للرئيس المكلف الدكتور حسان دياب كي يتحمل بتعاون الجميع مسؤولية إنقاذ البلد ومنع أخذه إلى المجهول، لأن من صبر كل هذه السنوات على الفقر والبطالة والفساد والهدر والظلم وسوء الإدارة ونهب المال العام وغياب العدالة الاجتماعية، يمكنه أن يتحمل أكثر ويضحي أكثر لعل الضمائر تصحو، والذهنيات تتغير، إذا ما تألفت حكومة كفوءة قادرة على إضاءة ولو شمعة في النفق المظلم الذي دخلنا فيه. وبالتالي من يتحمل أعباء المسؤولية أفضل ممن يتهرب من المسؤوليات المصيرية، في لحظة مصير تحتاج إلى تكاتف كل الوطنيين لانتشال البلد من الهاوية".
ووجه المفتي قبلان خطابه لكل التجار وأصحاب الشركات والمؤسسات والكيانات المالية والتجارية بالقول: "إن واجبكم اليوم أمام الله والناس أن تشعروا بأزمات الناس، أن تشعروا بجوعهم وبؤسهم وحاجاتهم، والكوارث التي حلت بهم، والنهب الذي أصاب البلد، بجيوش العاطلين عن العمل، بجيوش المصروفين من العمل، بالمرضى، بكبار السن، بمن لا دخل لهم، بالمهددين بالطرد من بيوتهم بسبب عدم قدرتهم على دفع الإيجار، وندعوكم إلى تقوى الله ليس فقط بالتسعير والبيع والتوفير، بل بالمساهمة، كل من موقعه، بجزء ولو يسير في مشروع إنقاذ الناس وحمايتهم من الفقر والعوز والبطالة والجوع والبؤس واليأس، وإلا خاب من ترك ما أمره الله به في هذه الفئات يوم القيامة".
واشار في الختام إلى أن "كل وطني، كل قوة سياسية ونقابية، كل مؤسسة مالية اقتصادية اجتماعية، كل شريف حر مدعو لدعم حكومة بلده، والعمل بكافة الإمكانيات لإنقاذ البلد مما هو فيه الآن، لأننا في سفينة تكاد تغرق وليس مسموحا لأحد بأن يتهرب من مسؤولياته، أو أن يحدث فجوة في قعرها لأن في ذلك إغراق للبلد ولأهله".
المصدر: الوكالة الوطنية