افاد مراسل وكالة رسا للانباء ان ممثل المرجع السيد علي السيستاني سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي حذر خلال خطبة صلاة الجمعة من خطورة تحول الكذب الى ظاهرة اجتماعية في المجتمع، لافتا الى ان الخطر الأكبر يحصل في حال اذا اعتادت على الكذب شخصيات مهمة في المجتمع.
وقال الشيخ الكربلائي، ان الكذب من الآفات الاجتماعية الخطيرة ومن أبشع العيوب النفسية والقبائح الأخلاقية حتى صار مصدرا للكثير من الآثام والشرور، مشيراً الى ان إحصاء جرى في إحدى الزيارات عن ابرز العيوب والذنوب، فكانت نتائجه تصدر الغيبة بأنها الأوسع انتشارا بين أوساط المجتمع ومن ثم الكذب جاء بالمرتبة الثانية.
وأكد ان على الشخص ان لا يكتفي بالقول انني اصلي واصوم واؤدي العبادات والاذكار والزيارات وانا مبرئ من الغيبة والكذب وخيانة الامانة، مستشهدا بحديث للامام الحسن العسكري عليه السلام ورد فيه (خطت الخبائث كلها في بيت وجعل مفتاحه الكذب)، لافتا الى ان البعض اعتاد على اداء الصلاة والاعمال العبادية ولو تركها استوحش ولكن من الضروري النظر الى صدق حديثه واداءه للامانات وغير ذلك حتى يمكن القول عنه انه صادق وواعي.
وتابع ان البعض يكذب في نقله للاخبار والوقائع التاريخية واحوال الامم والشعوب وهكذا في مجال العمل والفكر والثقافة والعادات والعقائد وغير ذلك، مبينا ان الكذب تسبب بالقتل والافساد بين الناس وحصول القطيعة والوقيعة بين العوائل وادى الى خراب البيوت وتسبب بالكثير من المشاكل الاجتماعية.
ولفت الى ان الكذب يؤدي الى النفاق، مستشهدا بحديث للنبي صلى الله عليه واله (أربع من كن فيه كان منافقا، ومن كانت خلة منهن فيه كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر).
وانتقد ممثل المرجعية العليا استسهال الكذب والاستهانة به سواء بالهزل او المزاح، وكذلك ما يسمى بالكذب الصغير، مبينا ان الامام السجاد عليه السلام في حديثه (اِتَّقُوا الكَذِبَ الصَّغِير مِنْهُ وَالكَبِير فِي كُلِّ جِدٍّ وَهَزَلٍ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَذِبَ في الصَّغِيرِ اجْتَرَأ عَلَى الكَبيرِ) حذر من الاستهانة بالكذب والكذب الصغير لانه في حال كذب بالهزل والمزاح واعتاد عليه في الصغير فانه يكذب بالكبير.
وبين ان المجتمع الذي يكثر فيه الصدق والوفاء بالوعود والالتزامات في مجالات الحياة المختلفة فانه سيكون مجتمعا متطورا ومزدهرا على العكس من المجتمع الذي يكثر فيه الكذب.
وتابع ممثل المرجع السيستاني حديثه قائلا: ان الصدق يأتي في مقدمة الفضائل النفسانية والاخلاق الرفيعة كونه زينة اللسان والكلام ومبعث للاستقامة والصلاح ومبدأ مهم للتماسك الاجتماعي ومؤشر للرقي الحضاري وسبب للنجاح في الدنيا والنجاة في الاخرة. واضاف ان هذه الفضيلة كانت موضع عناية واهتمام وتمجيد من قبل جميع الشرائع السماوية وموضع اعتناء من قبل الحكماء والعقلاء، لافتا الى ان من يتأمل في بعض الاحاديث الشريفة التي تناولت منزلة الصدق يجد ان هذه الفضيلة تعد معيارا وميزانا لاختبار وعي الانسان المسلم بجوهر وحقيقة الاسلام وصدق الايمان وتمييزه عن من يدعي الايمان بشكل ظاهري او لقلقة لسان.
واوضح الكربلائي انه ورد عن الامام الصادق عليه السلام (لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم، فإن الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش، ولكن اختبروهم عند صدق الحديث واداء الامانة)، مبينا انه بالرغم من الاهمية الكبرى للصلاة والصوم في نظر الشريعة الاسلامية لكنهما لايعدان لوحدهما مقياسا ومعيارا يختبر منه صدق الايمان لدى الانسان المسلم، مشيرا الى ان الكثير اعتاد على الصلاة والصوم الا انه في نفس الوقت استسهل واستهان بالكذب في علاقاته الاجتماعية وعمله ومواعيده وعهوده ومواثيقه.
وبين ان الصدق حسب تعريف العلماء هو التطابق والتوافق بين الكلام والواقع ولكنهُ يشمل ايضاً الفكر والمعتقد والنيّة والقصد والعمل والاخلاق ومجالات اخرى واسعة، مبينا ان الانسان يكون في بعض الاحيان صادقا في لسانهِ لكنهُ ليس بصادق في عملهِ، وكذلك ليس بصادق في اخلاقهِ ودعوته وانه يدعو الى شيء وهو لا يلتزم بهِ، واحيانا يكون صادقا في ظاهرهِ لكنهُ كاذبا في نيتهِ.
وتابع ان الصدق يعزز الثقة بين الناس في العلاقات الاجتماعية ويُعطي الائتمان والاطمئنان في العلاقات الاقتصادية، ويؤدي الى نجاح الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مبينا ان اي مجتمع ينهض بالصدق سواء أكان متديناً او غير متدين.
ولفت الى ان الصدق في المجال العبادي يشعر الانسان الصادق بمحبة الله تعالى لهُ ومنزلته عنده وبالتالي يعزز طاقتهُ الروحية التي يحتاجها في حياته العبادية وغير ذلك، فيؤدي المزيد من افعال الخير والبر والاحسان الى الاخرين.