القى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة، في مسجد الإمام الحسين، في برج البراجنة، تحدث فيها عن ذكرى شهادة السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وتطرق فيها إلى الأوضاع الدولية والإقليمية، معتبرا أننا في "نفق متعرج ومظلم، وأمام تحديات كبرى، ولا سيما بعد هذه القنبلة الترامبية، التي بتشظياتها وتداعياتها ستأخذ المنطقة المتهالكة أصلا إلى مكان أكثر هلاكا وانحطاطا، وربما اندثارا، وستكون الترددات أكثر ارتجاجا في كل المنطقة، لأن قضية فلسطين ليست حقا عربيا مسلوبا فحسب، بل هي وجود عربي، لا يستحق أن يكون، طالما الخسة والنذالة تتحكم بأنظمة وحكام لم يعنيهم يوما معنى الكرامة ولا العزة، ولا معنى أن يكونوا موجودين كقادة يرصعون صفحات التاريخ. ويبدو أن العرب هم هم، أعراب، انطبق عليهم كما انطبق بالأمس قول الله سبحانه وتعالى "قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الأيمان في قلوبكم".
وأكد قبلان "أن القضية ليست فلسطين المغتصبة فحسب، بل قضية زعماء وقبائل استأثروا، وبددوا، وظلموا، كي يبقوا على عروشهم، فيما إسرائيل تتوسع وهم يتقوقعون، العالم يتحضر وهو يعودون إلى الجاهلية، العالم يبتدع ويحدث، وهم يستهلكون ويبذرون ويتباهون بالسيارات الفارهة والقصور الفاخرة، العالم يتقدم والعرب إلى الوراء در، إلى الصراعات والخلافات والفتن؛ ويتهمون المؤامرة... نعم هي مؤامرة، لأن فينا المتآمر والمتخاذل والرخيص. نعم هي مؤامرة، لأن فينا المتواطئ والمتلون والمفرط والخائن لكل القضايا التي تهم الأمة وشعوبها، والأخطر والأفظع من كل هذا وذاك، فينا العديد ممن لا نخوة فيهم، ولا حرص عندهم على كرامة وشرف هذه الأمة، التي أهينت بشراهة، واستعبدت بشراسة من أهليها وذوي قرباها، قبل أن تهان من ترامب وزمرته في الصهيونية، ومن كل المنظمات والمؤسسات الدولية التي تدعي زورا وبهتانا الحرص والدفاع عن حقوق الشعوب".
وأشار الى أن "هذا غيض من فيض خزي العرب والمسلمين الذين تصهينوا أكثر من الصهاينة وتأمركوا أكثر من الأميركان، ولكن كونوا على يقين أنه في مقابل هذا المشهد العابق بالسواد، هناك صور شديدة النصاعة والبياض، يعكسها بريق المقاومين الشرفاء، المقاومين الأحرار الذين وعوا حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي، وأدركوا ما لم يدركه أي زعيم عربي، أن الحقوق لا تستجدى، والكرامات لا تبتاع بمناصب ولا بزعامات موهومة، بل تسترد وتصنع بالدماء الزكية، وبسواعد الأبطال الذي أبوا الرضوخ، ورفضوا الإذلال، ولن يقبلوا إلا بتحرير الأقصى والقدس، وانتزاع حق العودة إلى فلسطين التي ستبقى عربية، مهما طال الزمن وكانت التضحيات".
وناشد قبلان "الفلسطينيين، بضرورة الوحدة والتضامن، وتجاوز كل الخلافات والخصومات وصراع المحاور، والرد على هذه الصفقة بالمقاومة، وعدم الرهان لا على مبادرات، ولا على صفقات، ولا على مجتمع دولي، ولا على كل هذه الأنظمة العربية التي ثبت فشلها، وعدم أهليتها كي يكون لها موقع بين الدول".
وعن الوضع الداخلي قال قبلان: "أما لبنان، هذا البلد المنكوب والمنهوب من قبل طبقة سياسية مستبدة وظالمة ومحتكرة لا ترحم، وفاقدة لأدنى مقومات الحس الوطني، جيرت البلد وناسه من أجل مصالحها، وخدمة نزواتها السلطوية التي لم تكن يوما على مستوى قضية وطن، وطموح شعب، أعطى لهذه الطبقة، فأخذت كل شيء، حتى لقمة العيش لم تسلم من جشعهم، ولكن، ولأننا مؤمنون والمؤمن دائما متفائل، فعلى الحكومة أن تكون على قدر المسؤولية، وعلى مستوى هذه المرحلة المصيرية، فتبادر إلى صياغة بيان وزاري نوعي ومقتضب، يرتكز شكلا ومضمونا على أولويات الإصلاح ومكافحة الفساد واسترداد المال المنهوب، وتجاوز كل الموانع السياسية والمحميات الطائفية ضمن خطة كاملة متكاملة، اقتصاديا وماليا ومعيشيا، بعيدا عن ترف لغة الوعود، وثقافة المصالح الطائفية والفئوية، فالبلد لم يعد يحتمل المخاطرة ولا المجازفة، وبات بحاجة إلى قرارات جريئة ونظرة موضوعية وعلمية للواقع الذي نحن فيه، وإلا فلا حياة لمن تنادي".
المصدر: وكالة الوطنية