وأضاف مراسلنا في النجف الاشرف، ان سماحة المرجع الفياض، اكد خلال جوابه على استفتاء جمع من المؤمنين، على انه "لا يجوز للمكلَّف ترك صيام شهر رمضان لمجرد بعض النصائح العامة من دون تحقق الخوف الفعلي من الشخص لوضعه الصحي والعملي الخاص المؤدي لاحتمال إصابته بمرض كورونا".
وجاء في الاستفتاء الذي وجهه عدد من المؤمنين إلى مكتب المرجع الفياض جاء فيه:
سؤال:
ينتشر بين الناس حاليا معلومات طبية حول تجنب الإصابة بمرض الكورونا المنتشر عالميا ومحليا، تنصح بعدة ترتيبات وإجراءات، ومن ضمن تلك النصائح تكرار شرب الماء والمحافظة على الفم والبلعوم رطبا لمنع التصاق الفيروس المسبب للمرض بالأغشية المخاطية المبطنة للفم وما يتبعه من المجرى في منطقة الرأس، إذ يوصي الأطباء بذلك لطرد الفيروس إلى عصارات المعدة الحامضية حيث يتم قتله هناك. ويفيد البعض أيضا بأن الصيام يوجب لكثير من الناس ضعف جهازهم المناعي مما يضاعف احتمال إصابتهم بالمرض المذكور الذي لا يعول في علاجه أو الوقاية منه إلا على قوة الجهاز المناعي. وبما أننا مقبلون على شهر رمضان الكريم، فهل الاحتمال الموجود بالإصابة بالفيروس جراء الجفاف في الحلق نتيجة الصوم.
فهل هذا كاف في جواز الإفطار وعدم صوم شهر رمضان لهذه السنة؟
وماذا يترتب على المكلف من مسؤولية؟
وكانت إجابة مكتب آية الله الفياض كالآتي:
١- نطلب من البارئ عز وجل أن يدفع هذا البلاء الشرس والوباء القاتل عن جميع بلاد العالم ولا سيما من بلادنا ويمن على جميع المرضى بالشفاء العاجل برحمته الواسعة التي وسعت كل شيء حتى يكون الناس في شهر رمضان المبارك أمنين ومطمئنين من شر هذا الوباء الخبيث.
٢-لا يخفى على المؤمنين أعزهم الله تعالى بأن صوم شهر رمضان من ضروريات التكليف الشرعية وأنه ركن ثان من أركان الإسلام في الشريعة المقدسة وفرض في كتابه تعالى، فلا يجوز ترك صيامه لمجرد بعض النصائح العامة من دون تحقق الخوف الفعلي من الشخص لوضعه الصحي والعملي الخاص المؤدي لاحتمال إصابته فعلا لو بقي بلا ماء فترات النهار. وليس كل الناس باختلاف حالاتها الصحية واستعدادات أجسامها ونوع أعمالها اليومية ووظائفها الخارجية بمستوى واحد من التأثر باحتمالات الإصابة بأنواع الأمراض، وعلى كل من لديه خوف مراجعة الطبيب المختص وعليه فمن كان لظرفه الخاص ولو من ناحية طبيعة عمله أو وضعه الصحي يخاف من الإصابة لو بقي صائما، كان لا يستطيع اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة كلبس الكفوف والكمامات والبقاء بعيدا بمسافة آمنة ممن يحتمل احتمالا عقلائيا انتقال العدوى منه أو من بيئته إليه، بحيث لو بقي صائما ازدادت نسبة احتمال إصابته بالمرض لتلك الأسباب، ولم يكن يستطيع البقاء بعيدا أو في بيته ولو لاقتضاء عمله وكسب رزقه، جاز له ترك صيام ذلك اليوم أو الأيام التي يكون فيها في ذلك الظرف الخاص على أن لا يتجاهر بالإفطار العام ويقتصر على الضروري من الطعام والشراب الذي يعتقد معه كونه في أمان من الإصابة بالمرض. وهذا ليس رخصة لإفطار كل شهر رمضان بل للأيام التي تكون حالته كالوصف المزبور، فلعل البعض لا يتصف حاله بالضرورة الآنفة إلا في بعض أيام الشهر وليس كل الشهر فان كان يستطيع الجلوس في بيته أو اتخاذ الإجراءات الآمنة بحيث لا يخاف من الصوم معها لبعض أيام شهر رمضان وجب عليه صيام تلك الأيام، وهكذا يراعي حالته بحسب الأيام. فان الضرورات تتقدر بقدرها.
٣- أهل الأمراض المزمنة أو الذين في وضع صحي خاص عافاهم الله إذا خافوا نتيجة استشارة طبيب ثقة أو نتيجة تجربة ذاتية من صيام شهر رمضان أو بعضه باعتقاد أن الصيام يضعف جهازهم المناعي فيكونون أكثر عرضة للإصابة بخصوص ذلك المرض أو غيره مما يحدث ضررا بليغا بأجسامهم، جاز لهم الإفطار والقضاء في وقت آخر يسعهم فيه الصيام لو تمكنوا من الصيام بعد ذلك، على أن لا يكون ذلك الخوف أمرا موهوما، بل نتيجة الاستشارة طبيب موثوق يحصل الخوف من نصيحته عادةً أو يتحقق الخوف من نفس المكلف ولو من دون طبيب لمعرفته الخاصة بحاله كما تقدم فان الإنسان على نفسه بصيرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته