افاد مراسل وكالة رسا للانباء، وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، رسالة الجمعة، وفيها: قال تعالى في كتابه العزيز: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون" وورد في أية أخرى: " فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا" صدق الله العلي العظيم".
وتوجه الى "الاخوة المؤمنين" بالقول:" لقد أحببت ان تكون رسالة الجمعة التي التزمنا بها بعد تعطيل صلاة الجمعة والجماعة، ان تكون لهذا الاسبوع حول الواقع المرير الذي نعيشه وقد ابتلي مجتمعنا بازمات متعددة اقتصادية وصحية ونقدية وتعليمية، وهي ازمات وطنية لها انعكاسات مؤلمة على عموم الناس تتمظهر في تعطيل الحركة الاقتصادية وتعاظم البطالة والغلاء الفاحش وعجز غالبية المواطنين عن الحصول على لقمة العيش، كما تتمظهر في التفلت الامني والقلق الذي يتركه في نفوس الناس على امنهم وحركتهم واموالهم، ويتفاقم منسوب القلق على الوطن والمواطن في ما شهدناه ونشاهده من تفلت للشارع وتعرض للقوى الامنية والعسكرية التي يستند اليها المواطن في الاطمئنان الى امنه واستقراره لما تشكله من ضمانة لحفظ الوطن والمواطن.
ونحن اذ نستنكر بشدة التعرض للاملاك العامة والخاصة واستحضار الخطاب الطائفي وتسعير للنار الطائفية والمذهبية فإننا نقف بقوة مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية في مهامها الوطنية لحفظ الاستقرار وتوفير الامن ، ونعتبر ان أي اعتداء على الجيش بمثابة عدوان على كل اللبنانيين المطالبين بالالتفاف حول جيشهم والالتزام بتوجيهاته واجراءاته، وننوه بتضحياته وجهود عناصره وضباطه في السهر على امن الوطن والمواطن".
واكد الشيخ الخطيب "ان كل هذا الواقع المؤلم الذي يعيشه وطننا يلقي بثقله على الناس ويزيد من خوفهم على المستقبل ويفاقم معاناتهم، وهذه امثلة من الابتلاءات التي تتعرض لها الامم والشعوب والافراد على مر التاريخ وتثير الكثير من الاسئلة والاستفسارات حول الغاية من هذه الابتلاءات التي تتعدى الامثلة التي ذكرناها الى الحروب وما ينتج عنها من خراب ودمار وقتل وعاهات دائمة وثكل ويتم وتشريد، وهنا نسأل: هل في هذه المصائب والابتلاءات وما تحمله من الالام من خير للانسان والمجتمعات البشرية؟.
ان الابتلاءات والمصائب تعبر عن نفسها، فالالم والمصيبة الم ومصيبة والخسارة هي نقص سواء نتجت عن حرب او موت او غيرها ، وان هذه المصائب هي نتاج عمل الانسان. يقول تعالى اعوذ بالله من الشيطان الرجيم: " مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ " فليست المصائب الا نتائج ومسببات، واسبابها هي افعال البشر انفسهم الناتجة عن الانحراف والظلم والعدوان والطغيان والاستئثار، يقول تعالى: " وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون"، وعدم الاخذ بموازين العدل والوقوف عند الحدود التي حددها الله سبحانه وتعالى " تلك حدود اللّه فلا تعتدوها ومن يتعدَّ حدود اللّه فاولئك هم الظالمون " هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى عدم قيام المجتمع والافراد بواجبهم في مواجهة الدعوة الى الحق والالتزام به والامر بالمعروف والعمل به والى النهي عن المنكر والوقوف في وجهه والسكون الى الواقع والركون الى الظالم باي حجة وباي ذريعة وبالتالي التخلي عن القيام بالوظيفة الالهية الملقاة على عاتق الناس، وفي كلا الحالتين فان الكفر بأنعم الله تعالى وعدم القيام بحق العبودية لله سبحانه وتعالى واستبدال ذلك بعبودية الشهوات واتباع الهوى، يقول تعالى: "الم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ، جهنم يصلونها وبئس القرار" ان عاقبة الكفر بأنعم الله تعالى ليس فقط العقاب الفردي والحساب الموعود بان مصيرهم الى النار، وانما ايضا هناك عقوبة عاجلة في الحياة الدنيا وهي الامثلة والمواعظ في كتابه العزيز، ولقد قصً علينا احوال الامم السابقة الذين بطروا بالنعم واستخفوا بأنبيائهم ورسلهم وبما جاؤهم به من المواعظ والارشادات فعصوهم وتنكروا لهم ثم انقضوا عليهم بالتآمر والتنكيل فكانت عاقبة فسادهم ان دمّر الله عليهم وارسل عليهم العذاب كالطوفان وريح السموم وغيرها من أنواع العذاب.
وأشار سماحته الى ان وظيفة الامة القيام بوظيفة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم ، ووظيفة القادة هي بناء الدولة وحماية الامة وتامين حياتها وامنها وتقدمها، والاخذ بيد الضعيف وردع الظالم وانصاف المظلوم، ولكن حينما تتخلى الامة عن وظيفتها يصبح زمام الامور بيد الاشرار وتتحول وظيفة الذين يمسكون بزمام الامور من رعاة لمصالح الامة الى رعاة لمصالحهم وزيادة نفوذهم واشباع رغباتهم بدل السهر على حاجات الامة وتأمين امنها وكرامة ابنائها ، ويحولون الامة عندها الى مجرد اتباع مستزلمين لهؤلاء الاشرار فيعملون فيهم فتكا واذلالا كما هو حال الفراعنة والاباطرة والسلاطين".
المصدر: وكالة الوطنية للانباء