أدار ندوة “الوحدة والتقریب بین المذاهب الإسلامیة هو السبیل الوحید لمناهضة الإرهاب” ،الدکتور أشرف الزریقی وکیل المشیخة العامة للطرق الصوفیة، وحضرها السید الطاهر الهاشمی عضو المجمع العالمی لأهل البیت علیهم السلام، والدکتور أحمد کریمة الأستاذ بجامعة الأزهر الشریف، والشیخ حسن الجناینی مدیر عام الوعظ بالأزهر الشریف وماجستیر فی العقیدة الإسلامیة.
وأکد الشیخ حسن الجناینی، أن التقریب بین المذاهب، هو فرض عین على کل مسلم ومسلمة، والعمل على ذلک یجمع شمل الأمة، مؤکدًا أنه جاءته تهدیدات حتى لا یستمر فی ذلک الملف، ولکنه مصمم على الاستمرار فیه، مشیرًا إلى أن البعد عن الاعتصام بحبل الله واتباع آل بیت رسول الله “صل الله علیه وعلى آله وسلم”، هو سبب التشدد الحالی وخروج تنظیمات تکفیریة مثل داعش وخلافه، خصوصًا وأن المسلمین ترکوا الأخد بعترة النبی “صل الله علیه وسلم” قدوة وأسوة حسنة، رغم أنها حبل الله المدود بین السماء والأرض، وأن داعش الآن تقضی على المسلمین بالمسلمین، وأن أقوال الرسول یستخدمونها بشکل خاطئ، لافتًا إلى أن الرحمة لا تهبط على المختلفین لأن الاختلاف عذاب ودمار وهلاک.
وأضاف أنه عندما نشب خلاف بین الأوس والخزرج بسبب یهودی أوقع الفتنة بینهما وکادا یقتتلان خرج رسول الله إلیهم وقال: “أبدعوى الجاهلیة وأنا بین أظهرکم”، واعتبر الرسول أن الفتنة ربما تؤدی إلى القتل والدمار وأن الله أنزل کلامه فی سورة آل عمران: ” یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنْ تُطِیعُوا فَرِیقًا مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ یَرُدُّوکُمْ بَعْدَ إِیمَانِکُمْ کَافِرِینَ”.
وأکد الدکتور أحمد کریمة أستاذ الشریعة بجامعة الأزهر، أن الحدیث فی الإخاء الإیمانی والمؤاخاة حدیث عذب یقدم القدوة الطیبة والأسوة الحسنة المأخوذة من مواقف سید الخلق رسول الله “صل الله علیه وسلم”، والذی کان أول ما فعله عندما هاجر إلى المدینة هو المؤاخاة لإقامة مجتمع یقوم على أساس من الرحمة والتعاطف فتآخى مع سیدنا علی بن أبی طالب کرم الله وجهه، وآخى بین المهاجرین والأنصار وآخى بین جمیع القومیات مثل ماریة القبطیة وسلمان الفارسی وصهیب الرومی وبلال الحبشی، وعاشوا جمیعًا فی مجتمع واحد، وأن الله قد جمع بین الرسول وماریة القبطیة التی أطلق علیها الاسم لأنها من مصر المعروفة فی ذلک الزمان باسم “قبط” ولیس الدیانة کما هو متداول حالیًا، لکی یظل المصریین أصل العرب، خصوصًا وأنه أنجب منها سیدنا إبراهیم، کما کانت هاجر المصریة هی زوجة إبراهیم وأم اسماعیل علیهما السلام أبو العرب العاربة، وأول نقطة فی أنساب العرب.
وأکد أن الأمة الإسلامیة أیضًا فی وضعها الحالی لا تشرف الإسلام وتشکل عبئًا على الرسول والمسلمین، وأن الرسول عندما أسس مجتمع المدینة حقق المواطنة قبل أن تقوم بذلک منظمات المجتمع المدنی وحقوق الإنسان وجعل له ضمانات بدستور من 54 مادة تضمن للمواطن حریة الاعتقاد والتملک والتحرک، مؤکدًا أن “الإسلام قضیة عادلة بید محامی فاشل” لأننا فشلنا فی تقدیم الجواهر للعالم وقد حذر الله من تلک العوادی فقال فی سورة الأنعام : “إن الذین فرقوا دینهم وکانوا شیعًا لست منهم فی شیء”، و”أقیموا الدین ولا تفرقوا فیه” فی سورة الشورى، کما حذر الرسول من الدعوة للعصبیة فی الإسلام.
وشدد کریمة على أنه ینتسب إلى الإسلام ولا ینتسب إلى عصبیة فی الدین، خصوصًا وأن المذهبیة العلمیة انقلبت إلى مذهبیة طائفیة، فیجب أن نتعاون فیما اتفقنا فیه، ونعذر إخواننا فیما اختلفنا فیه، والتاریخ یعید نفسه حیث أن التقاتل وجد فی الإسلام عندما أساء ذو الخویصرة التمیمی الأدب مع رسول الله وقال له: “إعدل یا محمد فی تقسیم الغنائم، فقال: ویحک ومن یعدل إذا لم یعدل محمج أأمننی الله على خبر السماء ولا تأمنونی سیخرج من عقبی هذا أقوام أحداث الأسنان سفهاء الأحلام یقولون قول خیر البریة یقرأون القرآن لا یجاوز تراقیهم “حناجرهم” یحقر أحدکم صلاته فی صلاتهم وصیامه فی صیامهم یقتلون أهل الإسلام ویدعون أهل الأوثان – وفی روایة یطلقون اللحى وثیابهم فی أنصاف سوقهم- هم شرار الخلق والخلیقة”، مشیرًا إلى أن الرسول تنبأ بذلک مشیرًا إلى نجد وما وراءها وقال : “الفتنة ها هنا من نجد حیث یخرج قرن الشیطان”.
ووصف کریمة إیاهم ببلطجیة أوروبا والعرب فی إشارة إلى داعش، مؤکدًا أن هناک أغبیاء من المسلمین لا یحسنون ترتیب البضاعة وتسویق الإسلام وترویجه لکی ینتشر، مشیرًا إلى أن أحد الأشخاص کان یرید أن یدخل الإسلام فقالوا له بضرورة إجراء عملیة الختان، وعندما رفض الدخول فی الإسلام لهذا السبب قالوا له سنقطع رقبتک، وهناک من المتشددین من یکره البنطلونات وخلع الجلباب وارتداء القمیص وسائر الملابس، مشیرًا إلى أن الیهود قد نجحوا فی إلهاء الناس بالحدیث عن الأضرحة والمراقد، وترکوا المسجد الأقصى ومشروع تقسیم الوطن العربی من جدید.
وحذر أحمد کریمة من أن الرسول قال: “لا یوجد دینان یجتمعان فی شبه الجزیرة العربیة”، وأنه طالب بإخراجهم من بلاد العرب، مشیرًا إلى أنه الآن قطر أنشأت قاعدة عسکریة أمریکیة لتهدید إیران وأفغانستان، ومنها ضربت العراق وتسببت فی رعب للفلسطینیین، مطالبًا أهل السنة بتوقیر أهل البیت وطالب أهل الشیعة بتوقیر الصحابة، وألا یکون هناک تعصب لأن آل البیت تحملوا الظلم والضیم، ولم یدعون على أحد من المسلمین، وقال إن سیدنا الحسین سید شباب أهل الجنة تعرض للنحر والقتل، مؤکدًا أنه عندما یزور أحد أضرحة آل البیت یقف خجلا ویقول لهم: “عذرًا ضاع حقکم تعیشون فی القبور والحکام یعیشون فی القصور”.
وأبدى تعجبه من أن الأمة التی تنتفض من أجل رسومات فرنسیة ودنمارکیة، تترک آل بیت الرسول یهانون من مشایخ الوهابیة ویکفرون السیدة آمنة أم الرسول وسیدنا عبدالله والد الرسول، مشیرًا إلى أن قبر السیدة أمنة یوضع علیه النفط الآن، ویقولون: “إن أبی وأبیک فی النار” وهو حدیث موضوع، مؤکدًا أن سیدنا عبدالله بن عبدالمطلب والسیدة أمنة لم یعاصرا الرسول عندما جاءته الرسالة، ولم یشهدا الإسلام المحمدی ولکنهما کانا على الإسلام الإبراهیمی الحنیف، مشیرًا إلى أنهما لیسا کافران بدلیل أن الرسول وقف على قبر أمه الشریفة کاستثناء من أمر الله بعدم الوقوف على قبور الکفار وهو ما یدل على أن أمنة بنت وهب لم تکن کافرة.
وقال کریمة إن أم الرسول رأت رؤیة فی المنام أن نورًا یخرج من بطنها أضاء قصور الشام هو ما یدل على عدم کفرها أیضًا، وأن الیهود یقدسون أم موسى علیه السلام ونحن معهم، والنصارى یقدسون أم المسیح ونحن معهم أیضًا، فی حین أن الوهابیون یکفرون السیدة أمنة أم سید الخلق، مؤکدًا أنه لا فائدة من الحدیث عمن الأحق بالخلافة علی بن أبی طالب أم معاویة بن أبی سفیان، وأن ذلک أمر قد انتهى، وأنه من الواجب علینا الحدیث عن کیفیة التعامل مع نیتینیاهو وأوباما وإلا سنستیقط فی یوم نجد قوات المارینز الأمریکیة فی بیوتنا.
ولفت کریمة إلى أن الوهابیون یدعون لکتاب الله، ولیسوا منهم فی شیء، ویتحدثون عن جهاد النکاح والدواعش، مطالبًا بإیقاف التصدیر المذهبی والتطرف الدینی لإعادة الوسطیة إلى الإسلام، وأن البعض لا یخشعون فی الصلاة ویهتمون بالمظهر على حساب الجوهر.
وأکد أن التقریب بین المذاهب أصبح فریضة ولکنه یجب أن یکون على أسس، مستنکرًا على الدول العربیة اتهام إیران بالسعی إلى المد الشیعی بالدول السنیة والتقاء الأمراء والملوک والرؤساء العرب فی الوقت نفسه مع أحبار الیهود ورهبان الکنائس المسیحیة، مشیرًا إلى أن إیران لم تسع إلى تشییع 25 ملیون کردی وسنی فی العراق وجنوب غرب إیران، وأن کل المذاهب بها أخطاء لأنه نتاج بشری وفهم للنص القرآنی والنبوی، وهو عرضة للصواب والخطأ، مضیفًا أنه عندما واجه السلفیة والإخوان فی کتبه أحرقوا سیارته وهددوه بالقتل والحرق مما جعل الأمن یضع منزله تحت حراسة الشرطة، لأنه تعرض للحرق أکثر من مرة، وأنه على شفا القبر ولن یحید إلى طرف على حساب طرف أو یغلب أی مصلحة على المصلحة العامة، متمنیًا أن یضع السنی والشیعی والإیباضی أیدیهم فی أیدی بعض.