اکد الدکتور شوقی علام أن هناک شیئا واحدا یشیر إلى التقدم فی تلک المعرکة الطویلة ضد الإرهاب ألا وهو الرغبة الحقیقیة من قبل المجتمع الدولی لفهم المخاطر التی یسببها هذا الفکر المتطرف للمجتمع الدولی ککل، إضافة إلى ضرورة العمل على مواجهة الحرکات والکیانات الإرهابیة التی تعمل على تأجیج التوترات فی العالم بکل الوسائل الممکنة وعدم تقدیم الدعم المعنوی لتلک الجماعات الإرهابیة وعدم توفیر ملاذ آمن لهم والحد من نموههم وانتشارهم.
وشدد مفتی الجمهوریة خلال المائدة المستدیرة التی استضافتها الأکادیمیة الدبلوماسیة والتی تضم رموزا من النخبة الفکریة والسیاسیة والإعلامیة فی فرنسا أن الجماعات والتنظیمات الإرهابیة على اختلاف مسمیاتها تحمل نفس السموم الفکریة ویجب التعامل معها جمیعا على هذا الأساس بلا استثناء وهذا ما یجب علینا أن نفهمه حتى نبنی مستقبلا أفضل للبشریة جمعاء یمکننا من خلاله وضع حد لانتشار الإرهاب الذی یدمر العالم.
وأضاف خلال اللقاء أن الانتصار فی المعرکة التی نخوضها ضد الإرهاب لا یعنی فقط الانتصار فی محاربته برا أو جوا، ولکن الأهم من ذلک کله هو الانتصار فی المعرکة الفکریة بنجاح لدحض عقیدة هؤلاء المتطرفین وتوضیح الدین الصحیح أمام العالمین.
ولفت إلى أن ما یقوم به هؤلاء المجرمون من اقتباسات للنصوص الدینیة لتبریر جرائمهم الوحشیة ضد الإنسانیة، قد أدى إلى المزید من الالتباس والمیل إلى إساءة تفسیر مبادئ الإسلام وربطه بالعنف والعدوان عند الکثیر من غیر المسلمین مشددا أن ما یقتبسه هؤلاء الإرهابیون هو فی الغالب هلوسة فکریة من نتاج فکرهم المریض وهو فی الحقیقة قراءة خاطئة لنصوص الشریعة وانحراف بیّن عن تاریخ الإسلام العظیم مضیفا داعش وغیرها من الجماعات والتنظیمات المتطرفة قد ضلوا فی استنباط الأدلّة الشرعیة، وانجرفوا فی فهمهم للآیات والأحادیث، فهم یلوون عنق النصوص کی یبرروا مواقفهم وأفعالهم الدمویة المتطرفة، فهم لا یتورعون عن التجرؤ على دماء الخلق، واستصدار الفتاوى الشاذة المنکرة لصالح منهجهم التکفیری الذی یعیثون به فی الأرض فسادًا.
وأشار الدکتور شوقی علام إلى أن دار الإفتاء المصریة تقوم بدورها فی مواجهة الفکر المتشدد وتصحیح صورة الإسلام فی الداخل والخارج، وما زالت تقوم بهذا الدور بکل فاعلیة، وقمنا بإطلاق العدید من الحملات لتصحیح صورة الإسلام وتوضیح المفاهیم الإسلامیة، ونشر الفکر الوسطی، حیث أنشأت الدار قسم للفتوى باللغات المختلفة، وتم توقیع بروتوکول تعاون مع وزارة الخارجیة لنشرها فی سفارات مصر بالخارج، وخصوصًا باللغات الحیة واللغات الأفریقیة لوجود فکر متشدد فی تلک البلدان.
وأعلن مفتی مصر عن الانتهاء من إعداد موسوعة إسلامیة باللغتین الإنجلیزیة والفرنسیة تضم ما یزید عن الألف فتوى وسؤال فی خمسة مجلدات توزع على الجالیات المسلمة فی أوربا وأمریکا وأسترالیا وغرب أفریقیا وشرق آسیا، وتمثل دلیلًا إرشادیًا للمسلم المعاصر فی جمیع مناحی الحیاة المختلفة، وتسعى لتصحیح المفاهیم ومحاربة الفکر المتطرف، کما أننا نقوم من وقت لآخر بإیفاد علماء الدار إلى الخارج لإزالة الصورة المشوهة عن الإسلام وتقدیم نماذج إیجابیة من شأنها إزالة الصورة الذهنیة العالقة عن الإسلام وعن العرب، وهذه الزیارات تؤتی ثمارها بفضل الله تعالى، حتى إن الکثیر هناک ناشدونا بتکثیف مثل هذه اللقاءات لغیاب المعلومات الکافیة، والمؤسسة الدینیة إن شاء الله فی الفترة القادمة سیکون لها دور کبیر ومؤثر، والذی لا یقف على أمر واحد بل یشمل کل أمور المسلمین.