أشار السید علی فضل الله إلى أن "مدى المخاطر الأمنیة التی تحدق بلبنان بات واضحاً، إن فی الداخل من خلال ما یحضّر من تفجیرات أو عملیات اغتیال، والتی کشفت عنها الاعتقالات التی تقوم بها الأجهزة الأمنیة، أو ما یحصل الآن على الحدود الشرقیة، ما یتطلَّب مزیداً من التَّماسک الداخلی، وتحرکاً سریعاً لمواجهة الاستحقاقات الدّستوریة والتشریعیَّة".
وخلال القائه ، خطبتی صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامین الحسنین(ع) فی حارة حریک،َّ أوضح أن "التحدّیات الداخلیَّة لا تعالج بالخطاب المتشنّج وبالاتهامات، بقدر ما تعالج بالحوار الهادئ والمسؤول بین کلّ الأطراف، بعیداً عن کلّ الحسابات الفئویّة والصَّغیرة، ما یُساهم فی حمایة هذا البلد من کلّ الّذین یتهدّدون أمنه"، متوجهاً بالشکر إلى "الید الّتی بادرت وتبادر إلى حمایة الوطن وأمنه، وتقدّم من أجل ذلک أغلى التّضحیات".
ودعا کلّ القیادات السّیاسیّة إلى "العمل لحصر النار فی دائرتها، إن لم یکن بالمستطاع إخمادها، وعدم جرّها إلى الوطن، ولا سیّما أن عناصر التفجیر متوفرة فی البلد، فإذا لم نتکاتف جمیعاً لوأدها، من خلال مواقفنا الوطنیة ودعم القوى الأمنیَّة، فلا ضمانة لحفظ البلد من الفتنة، حتى لو کانت بحجم القرار الدّولیّ القاضی بإبعاد لبنان عن نیران الحرب الدّائرة فی الجوار".
کما دعا إلى "الإسراع فی معالجة قضیة العسکریین المخطوفین، بما یحمیهم من تداعیات هذه الحرب، ویعیدهم إلى أهلهم ووطنهم سالمین"، وإلى الإسراع فی "معالجة المشکلات التی تهدّد لقمة عیش المواطن وحاجاته، حیث تزداد الظروف الاقتصادیة صعوبةً، والتی لا تُحل بزیادة الرواتب فقط، بل بنهوض اقتصادیّ وتنمویّ وتکامل اجتماعیّ".
من ناحیة أخرى، أوضح أنَّ الوقائع فی الیمن تثبت أن "الحرب لن تصل إلى أیة نتیجة مرجوّة فی ظلّ التعقیدات الیمنیة الداخلیة والإقلیمیة، ولن تنتج سوى المزید من القتل والتدمیر، وزیادة فی الانقسام الداخلی وفی العداء مع الجوار".
ورأى أنَّ "مشهد قتل النّساء والأطفال، والمهجّرین الهاربین من ساحات القتال فی الیمن، والمأساة الإنسانیة المتواصلة بفعل فقدان کلّ مقومات الحیاة فی هذا البلد، لا بدّ من أن یثیر الشّعور الإنسانیّ والعربی والإسلامی، ویدفع إلى إیقاف الحرب، ویسارع إلى تهیئة ظروف الحوار، لا إلى تهدئة إنسانیّة محدودة، رغم أهمیتها، أو التهدید بمزید من ردود الفعل القاسیة، کما أُعلِن أخیراً، ولا بطلب تدخّل عسکری، فإنَّ ذلک لن یزید الأمور إلا تفاقماً وتعمیقاً للانقسام، وتمدیداً للحرب الأهلیّة. ویکفی شاهداً على ذلک ما أدت إلیه مثل هذه التدخّلات فی العراق وفی لیبیا وفی غیرهما".
من جهة ثانیة، أکد أن "من حقّ الدول العربیّة أو الخلیجیّة أن تبذل کلّ جهد لحفظ أمنها الداخلی، إلا أننا نرى أنَّ السَّبیل الأسلم لذلک، لن یکون عبر استجداء الدّول الکبرى بعد کلّ التجارب السابقة معها، وهی المحکومة بسیاسة المصالح، بل بالحوار بین الدول العربیة وإیران، وخصوصاً فی هذه المرحلة، ولا سیما أن هناک استعداداً إیرانیاً متواصلاً لذلک".
ورأى أنَّ "مثل هذا الحوار، لو حصل بجدیَّة وبصراحة، سیساهم فی تبدید الکثیر من الهواجس والمخاوف الّتی تسمّم العلاقات الخلیجیّة الإیرانیَّة، وسوف یکتشف الجمیع عندها أنّ الکثیر من هذه الهواجس والمخاوف هی أوهام أو سوء فهم، ساهم فی إشاعتها من یرید ابتزاز دول الخلیج ودفعها نحو إنفاق عشرات الملیارات من الدولارات مقابل صفقات تسلیحیّة لا یعلم أحد مدى جدواها فی تحقیق الحمایة الأمنیة لهذه الدول، بقدر ما تلبّی طموحات الدّول الکبرى فی تحقیق المزید من الهیمنة على هذه المنطقة من العالم".
وشدد على أنَّ "الحل لن یکون بقبّة صاروخیة، أو بتواجد عسکری فی البر والبحر، أو تطمینات غربیَّة وأمیرکیَّة، بقدر ما یکون عربیّاً وإسلامیّاً".