اکد النائب نواف الموسوی خلال احتفال تأبینی لاحد عناصر حزب الله علی حسین مازح، فی حسینیة بلدة طیرفلسیه الجنوبیة "إننا نقدم دماءنا وشبابنا وقدمناهم من قبل مع بیوتنا وأرزاقنا من أجل تحریر وطننا من الإحتلال الإسرائیلی، والیوم نقدم تضحیات لا یقدمها أحد فی لبنان دفاعا عن لبنان فی مواجهة العدوان التکفیری الذی لولا قتالنا إیاه لکان دخل إلى بیروت کما دخل إلى الموصل وغیرها من المدن العراقیة والسوریة، ولکانت الفظائع قد ارتکبت على مدى لبنان من طرابلس إلى البقاع الغربی وجونیة وصولا إلى صیدا وبیروت، ولذلک فإن على الذین یشعرون الیوم بظلم وبأسى جراء عجز الدولة اللبنانیة عن القیام بالواجبات الأساسیة تجاه المواطن، علیهم ألا ینسوا أن هذه المقاومة هی السبب فی استقرارهم وسلامتهم وفی قدرتهم فی التعبیر عن رأیهم فیما یعانون منه من عجز الدولة وقصورها".
ورأى "إن الحرب الأمیرکیة التی أعلن عنها جیفری فیلتمان أمام الکونغرس الأمیرکی حین قال إن إدارته قد أنفقت فی ثلاث سنوات خمسمئة ملیون دولار لتشویه صورة حزب الله لدى الشباب اللبنانی هی لا زالت قائمة، فصحیح أن فیلتمان أنهى عمله فی لبنان کسفیر، ولکن الإدارة الأمیرکیة لا زالت مستمرة فی برنامج تشویه صورة حزب الله لدى الشباب اللبنانی بل ولدى الشباب العربی کما سبق لفیلتمان نفسه أن تحدث فی إحدى المرات، ولا زالت مؤسسات وشخصیات تتلقى التمویل من السفارة الأمیرکیة ومن مؤسسات أمیرکیة ظاهرها العمل للدیمقراطیة، إلا أن مرجعیتها هی عند الإدارة الأمیرکیة، وهی لیست إلا أداة غیر رسمیة لتنفیذ السیاسة الأمیرکیة من أجل العمل على تشویه صورة حزب الله والمس بها لمنع جاذبیتها عن الشباب اللبنانی حتى لا تهوی أفئدتهم إلیه وإلى المقاومة، وفی حین أن الأزمة السوریة کانت قد استغلت فی وقت من الأوقات لتشویه صورة حزب الله لدى الشباب العربی، إلا أننا وبعون الله تعالى تمکنا من کشف أن المجموعات التکفیریة تعمل بإدارة إسرائیلیة، وقد بدأ الوعی لدى الشباب العربی بأن ما یحصل فی سوریا هو حرب بین الإدارة الأمیرکیة وحلیفتها إسرائیل على الدولة السوریة المقاومة، وتستخدم المجموعات التکفیریة فیها کأداة فی سبیل ضرب هذه الدولة".
وتابع "إننا لا نقبل من أحد أن یأخذ "الصالح بعزا الطالح"، ولا یمکن لأحد أن یساوی بین مفسد على الرغم من أنه معروف بفساده وبین من هو غیر مفسد، ثم یأتی البعض ویبین نفسه على أنه غیر منتمی لأی جهة سیاسیة من أجل مواجهة أو النیل من المقاومة، فهذا الأمر لا یحق لأحد على الإطلاق، ونحن الأحرص على بلدنا وعلى ناسنا ولم نبخل بدمائنا عن هذا الوطن ولن نبخل عنه لا بشربة ماء ولا بوظیفة ولا بأی شیء لو کنا قادرین، ونحن نفعل بحدود ما نقدر، ولذلک فإن من أراد مواجهة الفساد علیه أولا أن یحدد العنوان الحقیقی والدقیق للفساد، لا أن یتصرف من موقع النیل من الجمیع دفعة واحدة، فهذا ظلم ومجانبة للحق وهو أمر غیر مقبول لا منطقا ولا شرعا ولا عرفا، ونحن بصفتنا أمناء على دماء الشهداء لن نقبل من أحد أن ینال من سمعة مجاهدینا وصورة حزب الله، فعندما نرى أن الأمیرکی فی لبنان یسعى لضرب صورة حزب الله لدى الشباب اللبنانی ونرى أن هناک أصواتا تسعى المسعى نفسه لا یمکننا إلا أن نفکر بالعلاقة التی تربط بین هذا وذاک، فإذا کانت المعرکة ضد الفساد فلن تجدوا أقدر منا مع بعض حلفائنا بذاته وطبیعته وتکوینه على مواجهة الفساد".
اضاف الموسوی: "لطالما کانت البنیة الإداریة والسیاسیة فی لبنان فاسدة، فمنذ أن تأسس لبنان الکبیر أو الجمهوریة اللبنانیة کان الفساد جزءا من نظام الحکم، ولکنه کان بنسبة قلیلة، وکان من یفسد یخفی فساده خجلا، إلا أنه ومنذ العام 1992 تحول الفساد فی لبنان إلى سیاسة رسمیة، لأن من أراد السیطرة على الوسط التجاری وتحویله من ملک للدولة اللبنانیة موزع لناس لدیها أرزاق هناک إلى شرکة خاصة هو الذی صمم آلة الفساد المعلنة الکبرى التی تعمل من عام 1992 وما قبل، وقد اشترى صحافیین، حیث کان الصحافی لا یکتفی براتب یتقاضاه من المؤسسة الإعلامیة التی یعمل بها، بل کان له راتب مواز من آلة الفساد، کما أن المدیر فی الإدارات العامة وکل حسب تأثیره کان له راتب، فالمطلعون ومنهم من هو فی موقع المسؤولیة الآن کان یتولى بیده تسلیم الرواتب لصحفیین ومدیرین وأصحاب مناصب فی الدولة اللبنانیة، حتى بات هذا الأمر معروفا، وبالتالی فإن ما أفسد لبنان وجعل الفساد فیه مشروعا ومعلنا هو المشروع السیاسی الذی بدأ عام 1992 بتقویض الدولة اللبنانیة وتحویلها إلى مجموعة من الشرکات الخاصة، ورأینا کیف أن وسط بیروت الذی کان یوجد فیه إبن الجنوب والهرمل وکل محروم فی الریف فجأة استلب وتحول إلى شرکة خاصة معروف من یذهب إلیه، وهکذا بدأت عملیة قضاء ممنهج على الدولة اللبنانیة، لتوضع بجنب کل وزارة شرکة تصادر لها أعمالها، حتى وصلنا إلى أن لبنان باتت تتقاسم أعماله مجموعة من الشرکات المعروفة بالإسم بالنفایات والمقاولات والتزفیت وما إلى ذلک، وعندما ینشب النزاع بین أصحاب الشرکات ویتقاتلون على العائدات والمشاریع تشل الدولة اللبنانیة ولا تعود قادرة حتى على رفع النفایات من الشارع".
واکد "إن الفساد فی لبنان له هویة وعنوان معروفان، وله إدارته الخارجیة المعروفة، والتی هی نفسها المسؤولة عن التکفیر والآفات والاضطراب فی هذه المنطقة، وأن الوکیل المحلی للادارة الخارجیة یکمل مهمته فی الداخل، ولذلک فإننا إذا کنا فی صدد مواجهة الفساد فعلا فالإصلاح لا یبدأ إلا من حیث انتشر الفساد، ولنبدأ من السولیدیر نفسها، ولتعد السولیدیر قلبا لبیروت ولیس "الداون تاون" أو أسفل المدینة، لأننا لا نرید لقلب لبنان أن یکون أسفلا للمدینة بل نریده أن یعود قلبا للبنان یلتقی فیه الجمیع، ولنبدأ من کل شرکة تأخذ التزامات فنحاسبها، ولا نضیع ولا نعدد حتى لا نعود قادرین على التحدید، فالفساد معروف من أین بدأ، ورأس الفساد کان من الوسط التجاری".
واعتبر "إن ما یعوق عملیة الإصلاح هو أن هذا الفساد المالی والإداری یأتلف مع الاستبداد السیاسی القائم على اعتبار أن تعدیلات اتفاق الطائف الدستوریة تساوی نقل الصلاحیات من رئاسة الجمهوریة إلى رئاسة مجلس الوزراء، وعلیه فکما کان رئیس الجمهوریة بصلاحیات ملک فی نظام ملکی - على ما قاله إدمون رباط (الفقیه الدستوری) فی کتابه الوسیط فی القانون الدستوری اللبنانی- یرید البعض فی لبنان أن یکون لرئیس الوزراء صلاحیات ملک فی نظام ملکی، وهذا افتراء على اتفاق الطائف وتزویر له، لأن الدستور ینص على الحکم الجماعی العادل للطوائف التی یجب أن تمثل بصورة عادلة فی مجلس الوزراء الذی هو مناط بالسلطة التنفیذیة والإجرائیة، ومن خلال مشارکة الطوائف العادلة لممثلیها الحقیقیین تتحقق الدیمقراطیة اللبنانیة القائمة على أساس الدیمقراطیة التوافقیة کما هو حالها وکما یؤشر الدستور إلى ذلک".
وقال:"اننا نأمل أن تؤدی مبادرة رئیس المجلس النیابی الأستاذ نبیه بری إلى إطلاق الحوار مجددا حول الموضوعات التی أشار إلیها، وأن تکسر حاجز الاستبداد الذی یمارسه البعض، لکی نفتح الطریق إلى قرار بإحلال الشراکة القائمة على التوازن والعدل فی صناعة القرار الوطنی، لا أن نکون فی صدد مطالبة من یملک بأن یمن علینا ببعض ما یملکه، لأن الحوار یقوم على قاعدة کیف تحقق الشراکة ولیس على قاعدة أن یمن حزب المستقبل بما یمتلک الیوم من قدرات وإمکانیات وسیطرة على الدولة وعلى غیره من القوى الأخرى ببعض الصلاحیات أو الأعطیات، فنظامنا لیس ملکیا ولا أمیریا، بل هو قائم على الدیمقراطیة کما ینص علیها الدستور الذی نفهم منه أنها دیمقراطیة التوافق والتشارک، والمادة 95 فی الدستور اللبنانی واضحة بقولها "تمثل الطوائف بصورة عادلة فی الحکومة التی هی صاحبة السلطة الاجرائیة"، وبهذا القدر فإنه لا رئیس حکومة ولا رئیس جمهوریة، ولذلک فإننا إذا ما تمکنا من وقف استبداد البعض فی لبنان فإننا سنفتح الطریق إلى إنهاء الفساد فی لبنان وبغیر ذلک تضیع البوصلة والجهد".