قال نائب الأمین العام لـ"حزب الله" الشیخ نعیم قاسم فی لقاء توجیهی مع أساتذة "مدارس المصطفى": "لبنان یعیش فی حالة استثنائیة مع وجود عامل إیجابی أن الدول الکبرى والإقلیمیة منصرفة الآن عنه، والجمیع یعتقد بأن الاستقرار فی لبنان مصلحة، ولذلک إذا ساهمنا بالاستقرار ولم یتم إثارة القلاقل والمشاکل والفتن الداخلیة فإن لبنان یبقى مستقرا سیاسیا وأمنیا رغم کل الحرائق الموجودة فی المنطقة، والحمد لله إلى الآن الوضع فی لبنان معقول انسجاما مع ما یجری فی المحیط، حتى أن بعض الغربیین علقوا بأن لبنان معجزة بعدم التأثر المباشر بالتطورات التی تجری فی المنطقة وهذا له علاقة أولا بإرادة اللبنانیین بعدم الدخول فی المشاکل والفتن، وثانیا وجود جو داخلی یرى أن هذا الأمر مناسب".
أضاف: "لبنان الیوم یعانی من تعطیل فی کل المؤسسات تقریبا، والتعطیل یجر إلى مشاکل ویؤدی إلى ضرر للمراقبین ولمصالحهم. وقد جاءت دعوة الحوار من قبل الرئیس نبیه بری، وهذه الدعوة هی دعوة إیجابیة ونحن نشجع علیها ونعتبرها بقعة ضوء فی هذا الظلام الموجود فی لبنان والمنطقة، ونعتقد أیضا أن توفر الإرادة الجدیة عند المتحاورین نستطیع أن نقدم بعض الإنجازات من خلال هذا الحوار، ونحن لا نذهب إلى الحوار بطریقة بروتوکولیة أو شکلیة وإنما نذهب وقناعتنا بأن بعض الأمور یمکن أن ننجزها، یمکن أن ننجز دعم الجیش والقوى الأمنیة، یمکن أن نفعل عمل المجلس النیابی، یمکن أن نعالج العقبات التی أعاقت عمل الحکومة فی المرحلة السابقة، کما یمکن أن نقرب المسافات فی مسألة رئاسة الجمهوریة وأن نصل إلى خطوات حل فی خضم الآفاق المسدودة فی منطقتنا. إذا یمکننا أن نحقق شیئا، ولذا نحن نتعامل مع الحوار بطریقة إیجابیة ونعتبر أنه بالإمکان أن تتحقق بعض الإنجازات بشکل عام".
وتابع: "أما فیما یتعلق بمستقبل البلد ومعالجة المشاکل المزمنة داخله، لنکن واضحین: أهم طریقة بالعلاج أن یکون المسؤولون الفریسة، وللأسف النظام الطائفی لا یسمح بالانکسار، لأن کل طائفة وکل قیادات طائفة أو جماعة تحاول أن تحصل وأن تحمی الفاسدین فیها، وتحاول أن تقارن نفسها بالطوائف الأخرى وبأن الهیکل سینهدم إذا تمت محاسبة الفاسدین والمفسدین. هذا الأمر لا یمکن حله إلا بإعادة إنتاج السلطة، وإعادة إنتاج السلطة یکون وفق قانون انتخاب یشعر المسؤول إذا نجح فی الانتخابات أن المواطنین یمکن أن یرفضوه بعد ذلک، والقانون الذی یحقق هذا الهدف العادل هو قانون الانتخابات النسبیة على أن یکون لبنان دائرة واحدة، هذا أفضل قانون یمکن أن یکون موجودا، مثل هذا القانون یمثل الطوائف ویمثل الأحزاب الکبیرة والصغیرة، ویمثل التجمعات المحدودة، یعنی کل الموجودین فی المجتمع سواء أکان عددهم کبیرا أو صغیرا بنسبة معینة یمثلهم فیشعر الجمیع أنهم حاضرون فی تکوین السلطة فی المجلس النیابی، وبالتالی عندما تنبثق سلطة مجلس الوزراء یمکن لأولئک أن یحاسبوها ویمکن للشعب بعد ذلک من خلال الانتخابات المقبلة أن یقبل البعض ویرفض البعض الآخر، فینتبه هؤلاء إلى ضرورة أن یعملوا بشکل منصف وعادل لمصلحة الناس".
واردف: "هذا الحل هو حل استراتیجی ولمصلحة لبنان، أما إذا أعدنا انتاج السلطة على القانون الحالی ستکون النتیجة نفسها وسیأتی الأشخاص أنفسهم، وستأتی الترتیبات الطائفیة نفسها، إذا کیف یمکن أن نحل المشکلة وکیف یمکن أن نبدأ؟ فالقانون الحالی لیس فیه عدالة ولا إمکانیة للتغییر. على کل حال هذه مسؤولیتنا أن نعمل من أجل أن نحقق التغییر والإنجاز".
وفی ما یتعلق بالمسألة السوریة، قال: "فی سوریا الیوم هناک مشروعان متضاربان: مشروع یعتبر أن الرئیس بشار الأسد دعامة الحل المستقبلی فی سوریا ومواجهة الإرهاب، ومشروع آخر ینطلق من عدم القبول بأن یکون الرئیس الأسد جزءا من الحل. هذا یعنی أن التباین کبیر جدا من الأساس، ومع وجود هذا التباین إمکانیة الحل السیاسی فی المدى المنظور غیر متوفرة، إلا إذا اتفق الطرفان على تقریب المسافات وفی رأینا أن الحل الحقیقی فی سوریا هو بأن یکون الرئیس بشار الأسد جزءا من الحل، وکذلک أن یکون هناک خطة مدروسة لمواجهة الإرهاب یشارک فیها الجیش السوری کما یفعل الآن".