ولفت السلمان بأن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين فشلت منذ تأسيسها في بناء مشروعية مجتمعية وحقوقية باعتبارها مؤسسة وطنية غير تابعة للسلطات الحاكمة، بل تكونت قناعة محلية ودولية على اعتبار المؤسسة الوطنية واحدة من الهيئات الحكومية، وتضافرت هذه القناعة الى درجات غير مسبوقة بتصاعد توتر العلاقة بين المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والجهات الحقوقية المستقلة في البحرين والمنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان.
واستطرد: كما تنعكس عدم استقلالية المؤسسة في عدم نأيها بنفسها عن سياسات الحكومة، أو على الأقل لعبها دورا علنياً في نفي الانتهاكات التي أجمع المجتمع الأممي والدولي ومنظمات المجتمع المدني على وقوعها، إذ تحولت سياسة نفي الانتهاكات وتبرير عدم قبول حكومة البحرين بزيارة المقررين الخاصين والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان وترويج وجهة النظر الرسمية في المحافل الدولية إلى سياسة شبه ثابتة في عمل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان منذ اكتوبر 2014.
وأضاف السلمان بأن سياسة التعيين الرسمية لأعضاء المؤسسة الوطنية في البحرين فشلت في ايجاد ضمانات لكفالة التمثيل العددي لمختلف القوى الإجتماعية والسياسية في المجتمع إذ يتم التعيين بإرادة ملكية منفردة تعتمد قانون نصّ على عبارات عامة بشأن معايير العضوية مما يترك للسلطة فسحة اتخاذ خيارات التعيين دون إجراءات دقيقة لضمان التنوع وهذا ما قد يتسبب في جعل الولاءات السياسية محور التعيين بعيداً عن المهنية والتنوع.
وأشار السلمان بأنه لا يمكن للجنة الفرعیة لاعتماد المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (SCA) في الإجتماعات المقبلة إلا تبيان حاجة مملكة البحرين إلى إجراءات تعيين واضحة وشفافة وتعددية خصوصاً بعد صدور الأمر الملكي رقم (23) لسنة 2017 بتعين أعضاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان مؤخرا، معتبراً إن الضوابط المنصوص عليها في المرسوم الملكي رقم (17) لسنة 2017 بتحديد ضوابط تعيين أعضاء مجلس المفوَّضين في المؤسسة بأنها فضفاضة وعامة ولا توضح الإجراءات المتبعة في الاختيار والتعيين بل تحدد الأطر العامة لمتطلبات التعيين فقط.
واستنكر السلمان الإزدواجية في تعاطي السلطة مع الملف الحقوقي قائلاً: رغم حرص حكومة البحرين على الترويج للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان محلياً ودولياً، إلا إنها في ذات الوقت تضع المدافعين عن حقوق الإنسان والعمل الحقوقي بصورة عامة تحت الحصار الأمني، وقد شهد العامين الأخيرين تدهوراً ملحوظاً في وضعية المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين، حيث يتعرض بعضهم للاعتقالات التعسفية والمحاكمات، والتحرش والتخويف، وتقييد حركتهم ومنعهم من السفر، وتعطيل حق تأسيس المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، ورفض إعطاء شرعية قانونية للعديد من المنظمات الغير حكومية المحلية أو قبول زيارة المنظمات الدولية كمنظمة العفو الدولية وتعطيل التعاطي الإيجابي مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة وعدم السماح للمقررين الأمميين الخاصين بزيارة البحرين، مشيراً إلى إن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لم تبذل جهوداً في ممارسة أية ضغوط أو القيام بوساطة مع حكومة البحرين من أجل تحسين الأوضاع الحقوقية بل استمرت في منهجية إخفاء حجم الانتهاكات والتشكيك في مصداقية التقارير الحقوقية لدى الدول والمنظمات والجهات التي تطالب مملكة البحرين بمعالجة تفشي الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان.
وأضاف: على الرغم من مباركتنا لتأسيس المؤسسة الا أن تخلفها عن الأدوار المناطة بها يعد نتيجة حتمية لعدم منحها منذ تأسيسها الإستقلالية الإدارية والمالية . إن إجراءات التعيين التي اتخذت لأعضاء المؤسسة مؤخرا يجعلها مؤسسة لا تتوافق مع مبادئ باريس وهذا بدوره سيؤثر بشكل سلبي كبير على قدرتها للعمل على معالجة انتهاكات حقوق الإنسان المتفشية في البحرين.
واختتم السلمان تصريحه بالقول: من الراجح أن يبقى دور المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان يراوح مكانه بين سياسة نفي وقوع الانتهاكات وشرعنة انتهاكات أخرى كعقوبة الإعدام ما لم تنهض إرادة سياسية إصلاحية من حكومة البحرين تسعى للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان، وبدون هذه الإرادة سوف تبقى المؤسسة الوطنية كياناً بيروقراطياً شكلياً، محدودة الفاعلية تلعب ادواراً تُحَدد لها سلفاً من الحكومة وأجهزتها الرسمية.(۹۸۶۳/ع۹۴۰)