وبحسب الموقع الإعلامي للعتبة الرضویة المقدسة "آستان نیوز" حاضر سماحة السید محمد الصافي في ندوة جدیدة من سلسلة ندوات "سفراء الرضوان" بعنوان "المهدویة في کلام الإمام الرضا(ع)"، سماحته قال في محاضرته کمقدمة للبحث: بذل أئمة أهل البیت(ع) جهدهم الواسع والمکثف لأجل إظهار القضیة المهدویة المقدسة، وهذه ظاهر لمن یتتبع أخبار وروایات الأئمة المعصومین والأحداث التي مرت بهم؛ حیث نجد من أولویات تشریعات الدین إظهار القضیة المهدویة مفهوما، وهي القضیة المستقبلیة للأمّة، وأنّ الناس یحتاجون للقناعة الکاملة بالفکرة المهدویة؛ فقضیة الإمام المهدي هي قضیة مستقبیلة ومصیریة وهي من صمیم الدین، والخلاصة کیف یتعامل الناس مع القضیة فکریا.
سماحته أشار إلى أنّ النوع الثاني لإظهار هذه القضیة المهدویة في کلمات الأئمة(ع) هو إظهارها على شکل المصداق، وقال موضحا: المقصود من بیان المصداق هو تبیین من الذي یتبنّى هذه القضیة ومن الذي یتحمل هذه المسؤولیة التي تنطلق من إمامة الناس وقیادتهم، ومن هوصاحب الیوم الموعود.
سماحة السید محمد الصافي أوضح أنّ أئمة الهدي(ع) أشبعوا موضوع المهدویة إشباعا بحیث لم یبق فیه أي خلل، وأتموه إتماما کاملا، ومثال ذلك: حینما سئل الإمام الصادق(ع) عن سبب حزنه یوما، فأجاب(ع): "وَتَأمَّلْتُ فِیهِ مَوْلِدَ قَائِمِنَا وَغِیبَتَهُ وَإِبْطَاءَهُ وَطُولَ عُمُرهِ وَبَلْوَى الْمُؤْمِنینَ (بِهِ مِنْ بَعْدِهِ) فِی ذَلِك الزَّمَان" وهذا من باب إشباع القضیة إلى حد إیصال الفکرة بطریقة حسیة وعملیة.
کلام الإمام الرضا(ع) في القضیة المهدویة
سماحة السید الصافي بیّن أنّ الإمام الرضا استمر على منهج النبي الأکرم(ص) والأئمة الأطهار(ع) في بیان القضیة المهدویة؛ من حیث تبیان شامل للفکرة وتوضیح المفهوم وبیان مصداق هذه القضیة ومصیریتها وأهمیتها، ومن ذلك قوله(ع): «لو خلت الأرض طرفة عین من حجة لساخت بأهلها»؛ لأنّ الإمام لطف من الباري تعالى، وسبحانه یحتج على البشر بالإمام.
سماحته أشار إلى أنّ زمن الإمام الرضا(ع) صار فیه سعة وإمکانیة أکبر لتعلیم الناس، وقال: المحور الآخر الذي نجده في کلام ثامن الأئمة(ع) في المهدویة هو توضیح المصداق، فقد نقل عنه أنّه قال: «الخلف الصالح من ولد أبي محمد الحسن بن علي وهو صاحب الزمان وهو المهدي»، والبعض کان یعتقد أنّ الإمام في زمانه هو المهدي الذي یملؤها عدلا، والإمام صحح هذا الأمر وبیّن المصداق الصحیح، وهذا ما نجد في قوله(ع): "أنا صاحب هذا الأمر ولکني لست بالذي أملؤها عدلا کما ملئت جورا، وکیف أکون ذلك علی ما تری من ضعف بدني، وإنّ القائم هو الذي إذا خرج کان في سن ّ الشیوخ ومنظر الشبّان، قویا في بدنه...". وهو وصف لصفات الإمام المهدي الذي سیخرج في آخرالزمان.
وأضاف: الإمام أوضح بالتفصیل صفات المهدی(ع) إذ یقول: "یکون معه عصا موسی وخاتم سلیمان، ذاك الرابع من ولدي یغیّبُه الله في ستره ما شاء ثم یظهره فیملأ (به ) الأرض قسطا وعدلا کما ملئت جورا وظلما"؛ فالإمام الرضا(ع) کان یسمی المهدي باسمه ویظهر نسبه ویوضّح صفاته.
سماحته أکدّ في محاضرته أنّ الوعي التاریخي هو جزء من الوعي العقائدي، وقال: نحن نقرأ في التاریخ أنّ إبراهیم وموسى(ع) کانت ولادتهما مخفیة، وعیسى(ع) کانت ولادته إعجازیة لأنّ الظروف کانت تحکم بذلك، وهذا الأمر تکرر، لأنه أمر به یحفظ الباري تعالى ولیه ونبیّه، ولذلك الإمام الرضا(ع) یؤکد على هذا الموضوع بوقت مبکر؛ فهو یؤکد خفاء ولادة الإمام المهدي(ع) وأنّ الظرف سیتطلب ذلك، فقد جاء في الروایة عن الإمام الرضا(ع): «ما منّا أحد اختلفت إلیه الکتب وأشیر إلیه بالأصابع وسئل عن المسائل وحملت إلیه الأموال إلا اغتیل أو مات علی فراشه حتی یبعث الله لهذا الأمر غلاما منّا خفي الولادة والمنشأ غیر خفي في نسبه».
سماحة السید محمد الصافي أوضح أنّ الأإمام المهدي(ع) یحتاج من موالیه إلى أمرین، الأول: حرکة إیمان بالغیب، وهذا یعطي الموالي القوة في الحرکة، والثاني هو الصبر، وهو لازم من أجل الثبات، فعن الصادق(ع) أنّه في آخر الزمان یبات المؤمن مؤمنا ویصبح کافرا، ولذلك لن یکون هناك من قیمة لانتظار الفرج بلا صبر، وهذا ما نجده في الروایة التالیة؛ عن الحسن بن الجهم قال: سألت أبا الحسن (ع) عن شیء من الفرج؛ فقال : «أولست تعلم أن انتظار الفَرَج من الفَرَج ؟ قلت : لا أدري إلا أن تعلمني، فقال: نعم انتظار الفَرَج من الفَرَج ».
سماحة السید محمد الصافي ختم بالقول: أنّ علامات الظهور إنّما هي لأجل إیجاد التهیئة والاستعداد، وللأسف الاستعداد ضعیف عند کثیر من الموالین.
الجدیر بالذکر أنّ هذه الندوة أقیمت في قاعة محاضرات الجامعة الرضویة للعلوم الإسلامیة، وهي واحدة من سلسلة ندوات تقیمها مدیریة الزوار غیر الإیرانیین في العتبة الرضویة المقدسة تحت عنوان "سفراء الرضوان".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)