كلام الشيخ قاسم جاء خلال احتفال تأبيني أقامه الحزب في بلدة اليمونة البقاعية، في ذكرى أسبوع شهيده حسن علي شريف، بحضور نائب مدير مخابرات الجيش العميد الركن علي غالب شريف، قنصل لبنان في أذربيجان ورئيس الجامعة الهاشمية في لبنان نزيه غصوب الهاشم، رؤساء بلديات قرى المنطقة، وفود حزبية وفعاليات اجتماعية.
النشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب الله افتتاحا، فكلمة العائلة ألقاها حسين شريف، وقصيدة للشاعر الياس الهاشم من وحي المناسبة.
واعتبر الشيخ قاسم أن "معركة جرود عرسال تحولت إلى مفصل تاريخي حساس في إبراز دور ومكانة وإنجازات المقاومة، وهي كانت معركة نموذجية من جوانب عدة:
أولا: سرعة التحرير لمساحة 100 كيلومتر مربع وخلال أربعة أيام، في مناطق جبلية وعرة ومعقدة، وفي مواجهة نقاط حاكمة تتسلط على المقاتلين، ويضطرون إلى أن يقصدوها من الأسفل إلى الأعلى بصورة عارية ومكشوفة، لكنها محمية باليقين وبالإيمان والطاعة، وبأقل التضحيات والأثمان، حيث دب الرعب في قلوب من امتهنوا إدارة التوحش فلم ينفعهم توحشهم في إخافة المجاهدين.
ثانيا: تم الإنهاء الكامل لإمارة جبهة النصرة التكفيرية في لبنان، وتيئيس من كان ينتظرهم متخفيا في لبنان ليظهر في الوقت المناسب معلنا الولاء لهذه الجماعة الخارجة عن الإنسانية.
ثالثا: تم التخلص من خطر أمني داهم كان يغرق لبنان، وهو خطر كان يمكن ان يستخدم في أية لحظة على المستوى الإسرائيلي، وبحسب الطلب، وفي المناسبات التي تختارها إسرائيل.
رابعا: التحييد المدروس والدقيق والموفق لمدينة عرسال ومخيمات النازحين السوريين، وبالتالي كان هناك تحييد بالكامل للمدنيين.
خامسا: هي معركة كاملة النقاء لأنها مع الإرهابيين الذين لم يتجرأ أحد في العالم أن يدافع عنهم، رغم أن الكثيرين في العالم يدعمونهم ويعطونهم المال سرا ويعطونهم السلاح سرا، ويحاولون تهيئة الظروف لهم، ولكن لم يعد أحد يتجرأ أن يدافع عن جبهة النصرة أو جماعة داعش، هؤلاء خطر على البشرية جمعاء وليس على لبنان فحسب، هؤلاء لم يعد أحد يتجرأ أن يناصرهم، وهذا إنجاز عظيم حققه محور المقاومة في كل معاركه التي خاضها، وآخرها معركة جرود عرسال".
وتابع: "هنا يحضرنا أولئك الذين استنكروا المعركة لماذا استنكروها؟ استنكروها لأن نتائجها هالتهم بعظمتها، وما فعلته من رفع عظيم لأسهم المقاومة حتى طالت الرياح فلم يعد بإمكانهم أن يلحقوا بها، فرفضوا المعركة بحجج واهية. سأقولها بشكل صريح، هم يقبلون بقاء النصرة إلى الأبد ولا يقبلون التحرير إذا كان على يد حزب الله، ولكننا نقول لهم لن نحقق أمانيكم، سنقاتل أولئك الذين يعيثون في الأرض فسادا، وسنواجههم بكل صلابة، وموتوا بغيظكم وتنظيراتكم، فلن نرد عليكم".
واعتبر أن "من نعم الله أن نشأت في لبنان المقاومة، ولولاها لما تحرر لبنان لا من جنوبه ولا من شرقه، وهذا التحرير حقق سيادة لبنان ومكانته، وإن سيادة لبنان صنعتها معادلة الجيش والشعب والمقاومة".
وتابع قاسم: "لا يوجد مقاومة في العالم مثل مقاومة حزب الله في لبنان، تعمل المقاومة وتقدم التضحيات دون أن تقترب قيد أنملة من أخذ صلاحية من دولة أو جيش أو مؤسسات، في تماه وتعاون رائع ولصيق، لدرجة شعرنا معها أن المقاومة تعطي وتسير، والدولة تبني وتؤسس، وهما معا يشكلان حاضنة لبنان القوي في مواجهة الضعف، وفي مواجهة كل التحديات. وهذا النموذج هو الأمثل وهو الأفضل للبنان، ونحن موجودون في حكومة واحدة، وبانتخابات واحدة، وفي مواطنية واحدة ونحن مقاومة، وهذا لم يحدث ثغرة ولا أي خدش أو أي خلاف في علاقتنا مع الجيش اللبناني، فالحمد لله العلاقة جيدة ومتينة، هم أخوتنا وأحبتنا، ونحن معهم وهم معنا، لأننا معا مع لبنان، ومن كان مع لبنان ولم يكن مع مصالحه في محاولة قضم الجبنة له أو لعائلته أو لخصوصيته فلا تخف منه، هذا هو حزب الله مع الدولة اللبنانية ومع الجيش اللبناني".
ورأى أنه "لو فتشنا عن أفضل طريقة للتعاون بين المقاومة والجيش والدولة لما وجدنا أفضل من الأداء الذي يؤديه حزب الله في هذه المرحلة، ومن كان لديه اقتراح أفضل فليقدمه لنا... فأي نموذج أفضل من هذا النموذج الذي يحقق الخيرات والبركات".
وأكد أن "الجميع كان شريكا في معركة جرود عرسال، الجيش أدى دوره، والشعب أدى دوره، وأركان الدولة كانت لهم مساهماتهم في هذه المعركة، ولذا كان الانتصار للجميع".
ووجه "تحية صادقة إلى أهل منطقة البقاع الأبي في كل قراه ومدنه، تحية إلى مشهد الاصطفاف الرائع والالتفاف الرائع حول المقاومة، تحية إلى أولئك الذين تبرعوا بدمائهم لتسري في دماء المجاهدين فيختلط الدم على أرض الوطن. ليس لدينا مسلم ومسيحي في لبنان، في لبنان الوطني المقاوم الذي يجمع المسلمين والمسيحيين تحت سقف واحد هو الجيش والشعب والمقاومة".
وقال: "أنتم تعلمون أن شباب المنطقة من أهل رأس بعلبك والقاع وغيرها من القرى كانوا يحرسونها برعاية الجيش اللبناني، وبدعم من المقاومة، هؤلاء الشباب من انتماءات مختلفة، منهم من التيار الوطني الحر، ومنهم من القوات اللبنانية، ومنهم من انتماءات أخرى، هؤلاء تركوا خياراتهم السياسية لمصلحة خيارهم السيادي، والتحموا على الأرض مع المقاومة والجيش، والقيادات المستنكرة تعرف هذه الحقيقة".
وأردف: "في يوم من الأيام سألونا بعض المسؤولين في المنطقة، ان الشباب المسيحي يريد أن يتسلح وأن يحرس القرى، لكن يحتاج إلى بعض المعونة، فهل أنتم حاضرون يا حزب الله لتقديمها؟ قلنا لهم إذا كان الشباب يريدون الدفاع عن بلداتهم وقراهم فنحن معهم، ولا تغتاظوا من قياداتهم المستنكرة، الأمر السياسي شيء والدفاع عن الأرض شيء آخر. تحية إلى هؤلاء الشباب الذين صمدوا وقاتلوا وواجهوا، وإن شاء الله نكون جميعا في خدمة المشروع التحريري في رأس بعلبك والقاع من جهة الجرود".
وأضاف: "أما أهالي عرسال فأنا أريد أن أوجه لهم تحية خاصة. تحية لأهل عرسال لهذا الإنجاز التاريخي الكبير الذي يصب في مصلحتهم أولا ليعودوا إلى أرزاقهم وحياتهم وبيوتهم ويتخلصوا من الظلم . وهم صرحوا بمواقفهم أثناء المعركة، وكانوا شجعانا في أن يقولوا رأيهم بحرية أنهم يريدون عرسال محررة ويريدون جرود عرسال محررة ممن احتلها من جماعة النصرة وداعش، هؤلاء يجب أن نسمع أصواتهم، هؤلاء عندما يقولون شكرا، أو عندما يؤيدون الحرية ويؤيدون المواجهة ويدعمون التحرير، هؤلاء هم الذين يجب أن نسمع أصواتهم. أما أولئك الذين يتباكون عليهم ويدعون أنهم يحمونهم، من قال أنهم يريدون منكم الحماية، أنتم أدخلتموهم في مشاكل كثيرة، حمايتهم بتحرير الأرض، وليس ببعض التوجهات التي تحاول أن يبرر للنصرة موقفها".
وأعلن أن "المعركة القادمة هي معركة جرود رأس بعلبك والقاع للاجهاز على إمارة داعش التكفيرية، فترتاح المنطقة وقراها، وترتاح الحدود اللبنانية السورية، ويرتاح لبنان. قرار معركة جرود رأس بعلبك والقاع للاجهاز على إمارة داعش التكفيرية توقيتا وإدارة هو بيد الجيش اللبناني، وعلى الجميع أن يلتفوا حوله، وأن يكونوا معه، وأن يقدموا له كامل المساندة، يجب أن ينجح الجيش في هذه المواجهة، وأن تدعمه كل الأطراف بكل الإمكانيات والسبل، لأنه يمثل رمز انتصار لبنان ورمز سيادة لبنان".
وأضاف: "أما المقاومة فستعمل لمؤازرة الجيش حيث يرى ذلك ضروريا ومناسبا، فله أن يقرر ما يشاء، لكننا لن ننام في بيوتنا، سنبقى على الزناد جاهزين لنؤدي دور المؤازرة حيث يجب أن نكون، وبناء لطلب الجيش اللبناني، وسنخوض المعركة من الجهة السورية بالتعاون مع الجيش السوري لتعطيل الملاذ الآمن للمسلحين، نحن نريد أن نحرم داعش من الملاذ الآمن وقطع خطوط إمدادهم، ليتكامل التحرير ويكون انتصار الجيش في تنظيف الحدود كاملا".
ودعا إلى "الكف عن تقديم النصح للجيش حول كيفية إدارة المعركة"، وقال: "لا تنظروا من مكانكم ومن مكاتبكم وعلى منابركم، الحرب بالنظارات شيء، بينما الحرب في الميدان تحدد المصير. اتركوا الجيش يتصرف فهو يعرف مصلحته، للجيش قيادة حكيمة تستطيع أن تخطط وتعمل".
وختم: "سنكون مع الجيش اللبناني حيث يريدنا، وسيكون نصره نصرا لنا جميعا، نصرا للبنان بجيشه وشعبه ومقاومته، فلا تزعجوا أنفسكم، لأن شمس الانتصار أقوى من نقيق المهزومين".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)