وقال: "جعل الله الأخوة كحجر أساس في الحياة العامة، هادفا إلى تكوين قوة متماسكة وشعب قوي وهيئات فاعلة، تستطيع أن تفرض إرادتها المحقة على السلطة السياسية والمشاريع الحكومية حتى لا نتحول نعاجا في بلادنا. وما أكثر النعاج، لا لأن السلطة السياسية قوية وأكثرية، بل لأن أكثر جوعانا وفقرائنا ممزقون مفرقون، والله تعالى يقول (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) لأن الوحدة قوة، وقدرة في غاية التأثير على السلطة السياسية، إلا أن القضية ليست في قلة مواردنا، بل في من ينهبها ويجيرها ويصادرها على طريقة مناقصات ملغومة بأرقام خيالية، وعينه على ضريبة القيمة المضافة، وسلة لا نهاية لها من الضرائب، والرسوم الابتزازية، التي تحولت معها الدولة إلى خادم مصالح شخصية وشركات وهمية أكثر منها مشروع عام لخدمة المواطن وتأمين الإنسان".
واعتبر المفتي قبلان أن "الأساس في الأخوة هو المشاركة بالخير، وتحمل الأعباء في مواجهة الباطل، خصوصا ما يطال ناسنا وأجيالنا، لأن الفقر وسلب الثروات عن طريق الضرائب والمضابط والتسعير الهستيري للخدمات المختلفة، ومنها الاستشفائية والتعليمية، حولنا شعبا معدوما، وقوة مبددة، بدليل أن الطبقة الحاكمة والطبقة المالية تستحوذ على كل شيء في هذا البلد، وتسعر كل شيء، وذلك بسبب تحكمها بالقرار السياسي وبالأسواق والخدمات، دون أن يكون هناك سقف قانوني أو فعالية قانون، ما يعني أننا نعيش عقلية إقطاع جديد، وطبقية مخيفة، ومؤسسات قائمة على الربحيات الخاصة، وطريقة حكم ونمط تنفيعات يلحظ الطبقتين السياسية والمالية، كأساس للنفوذ والاستغلال والاحتكار، بشكل فاضح، أو عن طريق تقنيع القانون وتحويله جثة مرمية أمام الطبقة المتنفذة".
وأشار الى "أننا في واقعنا الحالي نحتاج إلى أخوة جدية وشعب متضامن بقوة، نحتاج إلى وعي لحقيقة أن الطبقة الحاكمة يقتلها البطر، فيما الطبقة الفقيرة وهي أكثر شعبنا وناسنا يقتلها الجوع والوجع والبطالة والفقر والإذلال، لدرجة أن السجون في بلادنا باتت تغص بالفقراء الذين هم ضحايا مشاريع السلطة الفاشلة والأنانية التي فاقت كل تصور. فالمطلوب شعب بحجم مأساته، وناس بحجم الكارثة التي ما زالت تتراكم، وموقف شعبي بحجم العقل السياسي المهووس بعظمته وأنانيته، لأن أغلب شعبنا اليوم فقير ومدين ومروع ومغرب وتعيس، ومنهوب الموارد والمصادر والحقوق، ويموت على أبواب المستشفيات، ويطرد من مقاعد الدراسة، ويحلم بكهرباء وماء وفاتورة تلفون معقولة، ومشروع دولة يبدأ بمحاسبة السلطة، ويكشف الزيف عن لعبة هذا لي وهذا لك، ويضع الحاكم الفاسد بدل الفقير المنسي في السجن. لأن البلد ليس مسلخا، والناس ليست نعاجا، والسلطة ليست براءة اختراع مجيرة باسم فلان أو فلان. فالخير كل الخير بسلطة عادلة ومشروع إنسان وأمانة محمية بقوة الشعب ووعيه وشراكة ناسه وأهله".
وفي حديث أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: "خير الإخوان أعونهم على الخير وأعملهم بالبر" وأكبر البر، بر الدولة، وأكبر العدل عدل الدولة، وأحسن الاستقامة استقامة الدولة، فإذا فسدت وجب ردها إلى الحق، ومنع الفاسد من مقاليد الحكم، لأن القضية بمبدأ الله كيف تتحول الدولة ضامنة لمصالح الناس، لا محتكرة للسلطة والمورد والكرسي".
وذكر المفتي قبلان القيادات في السلطة ومن حولها بالقول "تداركوا ما أنتم فيه، وراجعوا حساباتكم، وتذكروا دائما أنكم أمناء على هذا البلد، والأمانة تقتضي الوفاء والصدق وسلوك طريق الحق الذي لا التواء ولا مواربة فيه، فكونوا على قدر المسؤولية، وليس في الاستفراد والتحدي وفرض القرارات، بل في السهر على تطبيق الدستور وتنفيذ القانون وإجبار الناس كل الناس، الكبار قبل الصغار، على هذه الثقافة التي من خلالها فقط يمكن أن تكونوا القدوة، أما الاستمرار في التعنت والمشاكسة وخلق الأزمات، وفتح باب الخصومات، بمرسوم من هنا أو قانون من هناك، لا يخدم المصلحة العامة، ولا يمكن أن يكون في مصلحة الاستقرار السياسي والمالي، بل قد يؤدي إلى هز التوافق وزعزعة الشراكة، وهذا ما يجب أن يتوقف، لأن لبنان لا يحتمل، واللبنانيون ضاقوا ذرعا بكل هذه السياسات الموتورة والخرقاء، ويطالبون بدولة تخدمهم لا بزعامات يصفقون لها وينحنون أمامها".
وختم قائلا:"أما في خياراتنا الإقليمية، فنحن مع المقاومة ومشروعها مع ناسها وطبيعة أهدافها مع قادتها وأمانتها، ومعها نؤكد الخيار الاستراتيجي للشراكة النهائية بين الجيش والشعب والمقاومة". (۹۸۶۳/ع۹۴۰)