أقامت الجامعة الاسلامية في لبنان، احتفال تخريج طلاب فرع صور للعام الدراسي 2018-2019، برعاية رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى رئيس مجلس أمناء الجامعة الإمام الشيخ عبدالامير قبلان ممثلا بالمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، وحضور وزير الثقافة داود داود، مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبدالله، رئيسة الجامعة دينا المولى ومساعد رئيس مجلس الامناء المين العام للمجلس نزيه جمول وممثلي المرجعيات الروحية في صور والأجهزة الأمنية وعدد من الفاعليات ورؤساء البلديات والمخاتير ومدراء الثانويات وأهالي الخريجين.
بعد النشيد الوطني وتعريف من الدكتور محمد الشامي وكلمة للطالبة وفاء دبوق باسم الخريجين، ألقى مدير فرع صور أنور ترحيني كلمة شدد فيها على أن "الجامعة آلت على نفسها أن تمشي طريق الجلجلة مثقلة بآلامها لتعبر بطلاب العلم من الظلمة الى المعرفة". ودعا الخريجين إلى أن يكونوا كما أراد لهم امام الوطن والمقاومة والانسانية السيد موسى الصدر "كموج هذا البحر الذي يحمل كل يوم الى شاطىء صور محبة المسيح مفعمة ببلاغة علي وثورة الحسين".
وألقت المولى كلمة نوهت فيها بمدينة صور وتحدثت عن تاريخها وأبراجها وأسوارها وجمال شواطئها، وأكدت مضي الجامعة على نهج الإمام موسى الصدر ومسيرته الداعية إلى التعلم واكتساب المعرفة، وشددت على حرص الجامعة على جعل الطلاب "مزودين بأرقى المعايير العلمية والمهارات التقنية، مستفيدين من كل البرامج والتطور التكنولوجي والاتفاقات الدولية مع الجامعات الأوروبية والعربية، فيكفيهم فخرا بأن جامعتهم تبوأت أعلى المراكز الدولية من خلال ترؤوسنا اتحاد الجامعات الفرنكوفونية في الشرق الأوسط، مما أثمر تعاونا مع كل الجامعات الفرنكوفونية في مجال متابعة الدراسات العليا في أرقى الجامعات الأوروبية وضمن برامج مشتركة وأيضا من خلال المؤتمرات والندوات وتبادل الأساتذة والبحث العلمي".
وتحدثت عن التطور الأكاديمي والإداري والبحثي وجودة التعليم في الجامعة ولاسيما "دخول الجامعة إلى مجلس التعليم العالي في وزارة التربية والتعليم العالي بحيث أصبحنا نمثل الجامعات الخاصة ونشارك في رسم سياسة التعليم العالي".
ودعت الخريجين إلى عدم الاندفاع للهجرة، "فهجرة الأدمغة هي هجرة العلم والثقافة والقيم"، وأكدت الوقوف بجانبهم".
قبلان
وألقى المفتي قبلان كلمة راعي الاحتفال استهلها بالقول: "لأن العلم يعني أن نعي الذات، وأن نحقق مصالحها، فضلا عن أنه ضرورة إنسان ومجتمع واجتماع عام وطموح وتطوير، أكد الله تعالى حاجته الماسة، كنقطة انطلاق للانتماء إلى الله، ولتنمية مجتمعنا، وأرضنا وناسنا، بل هو حاجة ماسة للاستثمار في الكون والطبيعة والقدرات الكامنة فيها، لذا جعله الله تعالى ركنا من أركان الإيمان. ثم بين أن علاقة المحبة والانتماء واستثمار الذات تتوقف على حقيقة العلم وأثره، لذا قال الله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، يريد من ذلك أن يدفع الإنسان للخوض بالبحث والإبداع في عالم الكون والطبيعة، وفي الذات الإنسانية، لتحقيق مصالحها وأهداف كمالها، فالعلم أكبر أدلة الله تعالى بالإنسان. وعلى المستوى الاجتماعي، الحياة دون علم واستثمارات عملية ونتائج تطويرية تتحول إلى ساحة صراع لا تختلف كثيرا عن سوق العبيد وفرائس الغابة ومذابحها، ولكن الأخطر من ذلك يكمن عندما نفصل بين العلم كمشروع وعي، وبين الإنسان وحاجاته، وذلك لصالح الأنانية، ووثنية المال، بحيث يصبح الإنسان مجرد آلة بلا ضمير، ومعه تتحول الدولة بما فيها من قدرات إلى غاية للافتراس الداخلي، ومشاريع حرب خارجية، كما هي الحال في هذا الزمن المرير، حيث الظلم وافتراس الأمم الضعيفة وتمزيقها".
أضاف: "ضمن هذا الواقع الصعب، ولتأمين أنفسنا وناسنا وبلدنا، ولبناء دولتنا وحمايتها من الفساد والاحتكار لا بد من العلم، ولا مناص إلا بالتطوير والتنمية البشرية، وهذا بلا شك يمر بالمدارس والجامعات ومراكز الأبحاث والعلوم الإنسانية والفكرية. إلا أن هذا الطموح يحتاج إلى آليات، والآليات قد تكون معقدة في أغلب الأحيان، وخاصة في الدول التي تعيش ضمن بيئات سياسية وحكومية فاسدة، ما يفترض قيام الجامعات بدور الوسيط القوي، بين الكيانات المالية والتقنية، وبين الخريجين من الأجيال، لتأمين نوع نافذ من وسائط الاستثمار بالعقول والإمكانيات، دون مصادرة الأجيال المتعلمة، مما يسمح بتطوير الجامعة وتنمية الاقتصاد، والحد من حالات الفقر المختلفة، وزيادة في قوة الأجيال، والدفع بها إلى لعب دور سياسي اجتماعي مالي مؤثر في نهج السلطة ومشاريعها وقواها السياسية، وتمكين مشاريع التنمية وصناعة العقول".
وتابع: "نعيش في بلد يتخبط بالإفلاس والأزمات، ويتلطى وراء الأكاذيب الطائفية والمناطقية، فيما البعض يستثمر بنبش الماضي، بكل متاريسه وخنادقه وجنائزه بهدف تحقيق مكاسب خاصة، وتسجيل انتصارات وهمية. فيما المطلوب منا أن نخوض معركة العلم بكل أجيالنا وإمكاناتنا لتأكيد مصالحنا ومصالح أهلنا، وفرص عملنا، ولقمة عيشنا، وقيم بيئتنا الاجتماعية والأخلاقية، خاصة أن هذا البلد بلد مقاومة وتضحيات لا مثيل لها. لذا، فإن حفظنا وحفظ بلدنا وناسنا وجبهتنا ودورنا المحلي وكياننا الوطني، يتوقف على تعزيز مدارسنا وتطوير جامعاتنا، وتطويع أسواق العمل، وبالأخص موضوع التعليم المجاني أو شبه المجاني، لأن التعليم حق الجميع، وطريق للأجيال لتعزيز حقوقها ونشل الدولة ومشروعها من السقوط والفساد والإقطاع.من هنا، نأمل أن تتحول الجامعة الإسلامية إلى وسيط قوي بين سوق العمل والخريجين، لتطويع سوق العمل لصالح الخريجين، كجيل ضامن للبلد واقتصاده، لأن التجربة علمتنا أن حيتان المال لا تلجمها إلا أجيال العلم وقوافل المتعلمين.ليس في الجنوب فقط، بل في البقاع وعكار وكافة مناطق الريف، الكل مطالبون بخوض معركة العلم، كما أن الجامعات الرسمية والخاصة مدعوة لتأكيد التزامها بفرص التعليم والمساعدات الاجتماعية، وتوفير الإمكانيات التي تؤكد أهمية ودور المتعلمين والمتخصصين، في معركة النهوض الوطني ومنع هجرة الأدمغة والعقول. خاصة أن التجربة مع هذه الطبقة السياسية، كانت مخيبة للآمال، التي تبدو غير معنية بقطاع التعليم، وأخشى أنها لا تريد، على قاعدة أولوية السلطة، لا أولوية الشعب والأجيال".
وقال: "نطالب ونصر وندعو شعبنا وناسنا للضغط على السلطة وقواها، لتحقيق آمال أجيالنا بالتعليم وفرص العمل وأسواقه، لأن السلطة التي لا تنفق على التعليم ومرافقه أقرب للسقوط وأبعد عن العدالة وأكثر تهديدا للوطن وناسه وأجياله. لذا نريد لبلد المقاومة والعلم والتاريخ أن يبقى بلدا للمقاومة وللعلم وللتاريخ. وندعو الدولة للقيام بدورها كسلطة عادلة وكمشروع تنمية وإنماء وبخاصة في الريف وجبهات المواجهة. كما نتمنى على الحكومة والقوى السياسية تأكيد أولويات أجيالنا وناسنا، في التعليم وسوق العمل، وفي تكبير الاقتصاد، وإنعاشه، بعيدا عن ظلم الضريبة ولعبة الرسوم وعالم الصفقات".
وختم قبلان: "مبارك لطلابنا الأعزاء، مبارك للجميع، مبارك للادارة والفريق التعليمي والإداري. شكرا لكم جميعا وإلى مزيد من النجاحات وتطوير دور الجامعة وفرص التعليم ووسائط العمل إن شاء الله تعالى".
وفي الختام، تم تسليم الشهادات للخريجين وتثبيتهم.
المصدر: الوکالة الوطنیة