قال نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، إن وضع لبنان المالي صعبٌ ومعقَّد، ولكنَّه ليس مستحيلاً. لا يجوز عندما نريد أن نضع الحلول أن نخضع للتهويل ولضغط الصناديق الدولية ولضغط الدول الكبرى، يجب أن نعمل بحكمة وبحسب استطاعتنا بالطريقة المناسبة، مؤكداً أن على الحكومة أن تضع خطة متكاملة إصلاحية واقتصادية ومالية تلحظ كيفية التعاطي مع السندات المستحقة على لبنان بطريقة علمية موضوعية لا تؤدي إلى إفقار لبنان ولا توصله إلى الإفلاس، وأزمة الديون هذه لا بدَّ أن تكون لها طرق للحل، والآن تناقش الحكومة بعض هذه الطرق المناسبة. من مصلحة الدول الكبرى أن يساعدوا لبنان لأنهم يساعدون أنفسهم، فلبنان المتعافي اقتصادياً وهو الآن مستقرٌ سياسياً وأمنياً أفضل للبنانيين وللدول الكبرى وللجميع، لأنَّ الفوضى والارهاب لا يمكن إلا أن يكونا سلبيين على لبنان وعلى المنطقة وعلى العالم.
واضاف الشيخ قاسم في حفل تأبين الشهيدين عيسى برجي وإبراهيم بصل في مجمع سيد الاوصياء - برج البراجنة، ان "لا أحد ينظر إلى أنَّ لبنان في حالة فوضى وهو يعيش مرتاحاً وهم يعلمون ذلك، ولا يمكن أن نترك المجال للإرهابيين التكفيريين أن يجولوا تحت حجة حماية الناس اقتصادياً أو اجتماعياً ثم يكون العالم في مأمن، لا، من هنا يجب أن ننتبه أنَّ الحلول يجب أن تأخذ بعين الإعتبار قدرة لبنان ومستقبل لبنان، لا أن نأخذ لبنان إلى الوصاية.
وتابع "لفتني بعض من كان في الحكومة السابقة وخرجَ منها، كقوى سياسية وكأفراد أنهم متحمسون جداً لصندوق النقد الدولي، وبدأنا نشكُّ بالأهداف التي يسعون إليها، هم يعلمون أنَّ رفع تعريفة الواتساب أطاحت بالحكومة السابقة وأوجدت حراكاً لا زالت تداعياته مستمرة حتى الآن، فكيف يمكن أن نسلِّم رقبة لبنان لصندوق النقد الدولي ليشرف على رفع ضريبة القيمة المضافة إلى ٢٠%، ورفع الضريبة على البنزين وهو استهلاكٌ يومي، وتخفيض المعاشات التقاعدية، وسن ضرائب مختلفة من مجموع المواطنين؟ واحدة من هذه الإجرارءات تفجِّر البلد مجدداً".
وقال سماحته "بدأنا نفهم أنَّ هؤلاء الذين يدعون إلى تسليم صندوق النقد الدولي رقبة لبنان بعد أن عجزوا عن عدم منح الحكومة الحالية الثقة، وبعد أن عجزوا عن تعطيلها حتى الآن، هم يريدون الدخول من صندوق النقد الدولي حتى يفجروا الوضع الاجتماعي من أجل إسقاط الحكومة في الشارع، على قاعدة أنها لم تتصرف بطريقة صحيحة، وبذلك يكونون قد حققوا هدفهم بأن أسقطوا حكومة ليسوا فيها ولا يعملون من دونها"، مضيفا "حرامٌ عليكم أن تفكروا بهذه الطريقة، أولادكم معنيون بما يجري في لبنان، إذا تمَّ إنقاذ لبنان وتحسين وضعه المالي والاقتصادي، هذا يعني أنَّ أبناءكم ومناطقكم وطوائفكم ستستفيد أيضاً، هذا مركبٌ واحد والوقوف في وجه هذا المركب لتفشيله من دون مبررات حقيقية يؤدي إلى ضررٍ للجميع فانتبهوا، وعلى كلِّ حال، نحن سنتابع دعم هذه الحكومة بكلِّ إصرار، وسنتعاون من داخلها من أجل أن تأخذ قراراتها بشجاعة غير خاضعة للتهديد ولا للابتزاز. نحن مع الحكومة التي تدرس ملفاتها بموضوعية ووطنية، وتأخذ قراراتها الإنقاذية بما هو متاح، وتبحث عن المساعدات التي لا تؤدي إلى التبعية، وتعمل على إعادة تنظيم الواقع المالي والاقتصادي بما يتلاءم مع قدرة الناس على التحمل، لا أن يحملوا الناس أكثر مما يحملون، أذكركم هنا بقول أمير المؤمنين (عليه السلام) لمالك الأشتر : وليكن أحبَّ الأمور إليكَ أوسطها في الحق، وأعملها في العدل، وأجمعها لرضا الرعيّة، فإنَّ سُخط العامة يجحف برضا الخاصة وإنَّ سُخط الخاصة يغتفر مع رضا العامة. ما يهمنا هو عامة الناس ومصالح الناس، صحيحٌ أننا في وضعٍ صعب لكننا نستطيع أن نعالج".
وتابع "أما في ما يخصُّ مرض الكورونا، هذا المرض الذي لا يستأذنُ أحداً، وينتشر بطريقةٍ خفيَّة، ولا يعلم من أصيب به بإصابته إلا بعدَ فترةٍ من الزمن، ولا يعلم إذا كان الناقل ولداً له أو أباً أو صديقاً أو جاراً، فهو بهذا المعنى مشكلة حقيقية أربك الواقع العالمي وليس لبنان فقط، ولكن علينا أن نواجه هذا المرض بموضوعية وبطريقة طبية علمية سليمة، هنا لا تدخلُ في عناوين المعالجة لا العناوين الطائفية ولا العناوين المذهبية ولا العناوين المناطقية، وإنما تدخل عناوين السلامة التي يجب أن نعتمدها وهي مسؤولية شرعية، ومسؤوليتنا الشرعية أن نتصرَّف بوقاية، وأن لا نستهتر، لأنَّ جميع الأطباء العاملين في هذا الحقل يؤكدون بأنَّ المشكلة تبدأ من نظافة الفرد، وتبدأ من مشكلة الفرد الذي يحمل هذا المرض، وعليه أن يبتعد عن الناس ويكون في حجرٍ صحي أو منزلي لمدة 14 يوماً حتى يتعافى، بل يكون في حجرٍ منزلي فيما لو كان هناك احتمال أن يكون مصاباً بسبب احتكاكه بمصابين، بعض الناس استهترت، واعتبروا أنَّ هذه التوجيهات مزعجة، ولكن هناك كثيرٌ ممن تجاوبوا مع الإجراءات الطبيَّة، وكانوا بحق ملتزمين بما عمَّمه وزير الصحَّة ومن معه، والذين عملوا بجهدٍ كبير لتحديد انتشار هذا للمرض".
وقال الشيخ نعيم قاسم "أقول لكم إنّي كنت مسروراً جداً عندما أتيتُ للأخذ بواجب العزاء وتعظيم الأجر لأهل الشهيدين عندما كان السلام بلا مصافحة، وكان المرور عليهم بوضع اليد على الصدر، هذا احترامٌ وتقديرٌ وتبجيلٌ للشهيد، أننا جئنا لنعزِّي وفي آنٍ معاً نلتزم الاحتياطات الطبيَّة لأنَّ الوقاية مطلوبة ومسؤولية. نحنُ نضع الدمَّ حيثُ يجب، لكن لا يجوز أن نستهتر في أمورٍ قد توفِّر علينا الكثير من الاشكالات. من هنا أنا أشجِّع كل الذين أصيبوا أو يمكن أن يكونوا في دائرة نقل المرض كاحتمال، أن يحرصوا على عدم الاحتكاك وأن يتصرفوا بطريقة استثنائية، وبالتالي السلام يصلُ بالإيماء والكلمة الطيبة وإلقاء التحيَّة، لسنا بحاجة اليوم إلى أن نتابع بطريقتنا السابقة بالتقبيل والمصافحة وما شابه ذلك، على الأقل مؤقتاً حتى نتجاوز هذه المرحلة كعمل احترازي.
واضاف كنت متردداً أن أقول اكم، لكن عندما استقبلت منذ يومين بعض أحفادي وأولادي، قلت لهم قبل أن تصلوا إلي لن أقبلكم ولن أصافحكم يكفي السلام، لأنهم سيكونون محرجين معي، كما أنتم تكونون محرجين مع بعض الناس، على الذي يعلم أنه هو الذي يحرج الآخرين أن يبادر ويقول وصل سلامك، كي نقوم بالاحتياطات المناسبة وإن شاء الله تمرُّ هذه المرحلة.
المصدر: وكالة العهد