وفي كلمة له حول آخر المستجدات والتطورات اليوم الجمعة، قال سماحته إن المشكلة اليوم تتمثل في أن العدو في هذه المعركة ما زال عنصراً مجهولاً في أغلب جوانبه.
وأضاف "إننا اليوم أمام عدو تهديده واضح وكبير وواسع، وإن هذا التهديد لا يقف عند حدود بل يشمل العالم"، معتبراً أن الخسائر في الاقتصاد والتعليم وغير ذلك يمكن تعويضها باستثناء الخسائر في الأرواح.
وشدد سماحته على أن المسؤولية يجب أن تكون عامة وشاملة لدى الجميع، إذ يتطلب من الكل مهام ووظائف محددة، ففي هذا النوع من المعركة كل ما يتصل بالعمل الصحي هو في الخط الأمامي، معتبراً أنه يجب أن ننظر إلى العاملين في المجال الصحي على أنهم ضباط وجنود الخط الأمامي.
هذا، وأعلن سماحته أن الهدف الحالي هو الحفاظ على حياة الناس من خلال منع الانتشار أولاً، ثم معالجة المصابين، لافتاً إلى أن شفاء الحالات المصابة أمر ممكن علمياً وواقعياً ومنع الانتشار كذلك لكنه يحتاج إلى إرادة وصبر ومسؤولية.
ورأى السيد نصر الله أن هذه المعركة ليست لتصفية الحسابات ولا للتسييس ولا لتسجيل النقاط، وأن استمرار السجال لن يؤدي إلا إلى المزيد من الحقد والضغينة بين الناس، مشيراً إلى أن الانتقاد الإيجابي مطلوب لكن الشماتة والسلبية تعبران عن انحطاط أخلاقي.
ودعا السيد نصر الله إلى الابتعاد عن أي لغة تثير الأحقاد والمشاعر والعداوات والانقسامات، وقال "نحن أمام معركة إنسانية بالكامل ويجب أن نخوضها بروح انسانية بالكامل، فلا تقسموا "الكورونا" عرقيًا ولا دينياً ولا طائفياً ولا مناطقياً ولا إقليمياً".
وتابع سماحته "الواجب الشرعي اليوم هو الحفاظ على النفس والحياة، وعلى سلامة الناس، ومن يتخلف عنه فقد ارتكب معصية كبيرة". كما شدد على أهمية الواجب الديني باعتباره أقوى العوامل المساهمة في الانتصار في هذه المعركة.
وطالب السيد نصر الله اللبنانيين الذين يشعرون بعوارض الفيروس أن يكشفوا حقيقة هذا الأمر للجهات المعنية، مشدداً على أهمية الشفافية والصدق في هذه المعركة، وموضحاً أن "المصاب يجب أن يكشف ومن يعلم لا يجوز له أن يتستر".
وفي هذا السياق، أوضح السيد نصر الله أن وزارة الصحة كانت شفافة منذ اليوم الأول، وكانت تعلن عن الحالات يومياً بمجرد اكتشافها، داعياً إياها إلى الاستمرار في العمل بهذه الروحية مهما كان حجم الوفيات أو الاصابات.
وذكر السيد نصر الله أنه تبين في معركة "الكورونا" أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو أكبر كاذب في الكرة الارضية، حيث لديه مصيبة كبرى، إذ أنه في الوقت الذي كان يهون قضية الفيروس خرج حاكم أوهايو ليقول أن لديه في الولاية مئة ألف مصاب.
وطالب السيد نصر الله الناس إلى الاعتبار بأنهم في حالة حرب، وأن يمتنعوا عن الاجتماعات واللقاءات والنشاطات، متمنياً تخفيف الواجبات على الناس فيما يخص العزاء والاقتصار بالحد الأدنى من التشييع الممكن إلى حين عبور هذه المرحلة والتي تتوجب ترتيب الأمور تحسباً لأصعب الاحتمالات.
وإلى الطواقم الطبية التي تعمل في مكافحة "الكورونا"، توجه السيد نصر الله بالشكر، مؤكداً على ضرورة دعمهم مادياً ومعنوياً، وأنه يجب اعتبار أي فرد يشارك في مكافحة الفيروس شهيداً في حال وفاته خلال أداء واجبه.
وأعلن سماحته أن حزب الله يضع كل امكانياته في تصرف الحكومة ووزارة الصحة، مؤكداً أنه يجب الاستفادة من تجارب الدول الأخرى وإعطاء الأولوية المطلقة لهذه المعركة.
ولفت السيد نصر الله إلى ضرورة التكافل الاجتماعي لمنع أي خلل في الأمن الاجتماعي، إذ على المصارف والميسورين المساهمة وتحمل المسؤولية في هذه المعركة.
وحول ركائز مواجهة معركة "الكورونا"، رأى أن المرحلة تحتاج إلى دعاء وصبر وهداية العلماء والأطباء، وكذلك اللجوء إلى الله هو سلاحنا الأمضى فيها.
وانتقد السيد نصر الله الشائعات والأخبار الزائفة، مشيراً إلى أن نشر الهلع والوهن والضعف بين الناس هو جريمة.
وبعيداً عن الكورونا، نفى السيد نصر الله مسألة أن الحكومة تنفذ خطة حزب الله، وقال " ليس صحيحاً أن نحمل مسؤولية من نوع تقديم خطة الى الحكومة بل المطلوب خطة تشاركية والكل مسؤول عن هذا الأمر".
وتابع سماحته "حزب الله لا يمانع أن تتلقى الحكومة نصائح واستشارات من أي جهة في العالم"، وأوضح "أي جهة تريد أن تقدم مساعدة غير مشروطة وضمن الضوابط السياسية التي تعتمدها الدولة نحن لا نمانع ذلك".
ولفت الى أن "حزب الله يقبل بمساعدات مشروطة لكن لا تتنافى مع الدستور اللبناني ولا تمس السيادة اللبنانية ولا تتنافى مع المصلحة الوطنية اللبنانية"، مشيراً إلى مثال على ذلك بالقول "الشروط المرفوضة هي رفع الضريبة على القيمة المضافة أو توطين اللاجئين الفلسطينيين وهما شرطان لا يصبان في إطار المصلحة الوطنية".
وشدد السيد نصر الله على أن الشروط المرتبطة بالاصلاح ومكافحة الفساد واستقلالية القضاء والشفافية هي شروط ممتازة وقد طالب بها حزب الله مسبقاً.
ودعا السيد نصر الله المصارف إلى تحمّل المسؤولية والمبادرة إلى المساعدة مثلما قدمت العديد من المصارف في العالم، وقال "المصارف في لبنان هي واحدة من الخيارات فقد ربحت عشرات مليارات الدولارات خلال فترة معينة من الهندسات المالية وغيرها"، وأضاف "التحدي اليوم هو الانهيار الاقتصادي فلتساهموا في المساعدة مثلما قدمت العائلات أغلى ما عندهم في مواجهة الاحتلال، ولتذهبوا الى رئيس الحكومة لتقديم مساعدة للدولة اللبنانية للمساهمة في معالجة الاوضاع الصحية أو الاقتصادية".
وختم سماحته بالقول "الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في الأمس في العراق بدأت تلاقي الأجوبة المناسبة من العراقيين".
المصدر: وكالة العهد