وأضافت دار الإفتاء، فى تقریر أعده مرصد الفتاوى التکفیریة والآراء الشاذة، من خلال دراسة معمقة للوضع المعاصر، الیوم الأحد، أن قضیة التطرف والغلو والعنف شغلت بال الکثیرین من علماء الدین فى المرحلة الراهنة من تاریخ الأمة، لما ترتب على هذا الفکر من سفک وإراقة للدماء وعنف وتدمیر وتخریب للممتلکات العامة والخاصة، وتقویض للدول، واعتداء على حریة ومعتقدات الآخرین، باسم الدین، وذلک نتیجة للفتاوى المغلوطة الصادرة عن أناس غیر متخصصین، تحرض على القتل والعنف تارة، وتارة أخرى تدعو إلى التخوین وبث الرعب فى نفوس المواطنین الآمنین.
وذکر أن الفکر المتشدد والمتطرف نشأ فى عقول الشباب بسبب قراءة بعض الکتب الدینیة بطریقة فردیة وعشوائیة، وأخذ المعلومات الدینیة من أشخاص هواة لیس لهم قدم راسخة فى العلم الشرعى، وهذا یستلزم العودة إلى مصادر العلم الأصلیة، باعتماد الشباب على المناهج المنضبطة التى تدرس على أیدى العلماء والأساتذة فى الأماکن المعدة لذلک فى الأزهر الشریف وما یماثله فى منهجه الوسطى من معاهد وجامعات فى العالم.
واکد على انه یجب على العلماء ان تقدم الصفوف فى نشر المنهج الإسلامى الوسطى والبدء فى برامج إعادة تأهیل الشباب الذین سقطوا فى براثن التطرف والعنف، وإعاقة أى عملیات تجنید جدیدة من خلال الحملات التوعویة والبرامج الإرشادیة والملتقیات الدینیة.
ونصح التقریر العلماء باتخاذ أسالیب وطرق مختلفة لاحتواء الشباب ووقایتهم من مخاطر التطرف والعنف، من خلال الالتزام بتقدیم نموذج وسطى للتدین والسعى الجاد فى أن تکون الوسطیة ثقافة عامة سائدة وترسیخ واستنهاض مشاعر الترابط بین جمیع فئات وشرائح المجتمع، وتوعیة المجتمع بأضرار وعواقب التعصب والتشدد وأخذ العبرة من المجتمعات التى تعانى من هذه الآفات الفکریة التى تفتک بنسیجها الوطنى.
واقترح أیضاً تبنى سیاسة الاحتواء الفکرى لمن وقعوا فى براثن التطرف، معللاً ذلک بأن الاحتواء سیحدث تقارباً بینهم وبین محاوریهم من العلماء، ویفتح آفاقاً للحوار والسماع، فإن استمتعوا وفتحوا آذانهم وقلوبهم کان هذا أدعى لإقناعهم.
وأشار إلى أهمیة عقد جلسات إعادة تأهیل یقوم العلماء من خلالها بالرد على الشبهات المتطرفین فکریاً، من خلال التأصیل والعلمى وبحث بیان مواطن الخلل فى الاستدلال، سواء تعلق هذا بالفهم الخاطئ، أو إیراد الأدلة فى غیر موطنها، أو تحمیلها ما لا تحتمل، أو إخراجها عن سیاقها الدینى والتاریخى.
واختتم التقریر توصیاته بضرورة دعم الانتماء الوطنى، مؤکداً أن الانتماء الوطنى یعد من المشاعر والروابط الفطریة التى ینمو ویکتسب لیشد الإنسان إلى وطنه الذى استوطنه.
وشدد تقریر "دار الإفتاء" على أن الانتماء الوطنى یقتضى مراعاة ما یرتضیه المجتمع من أسلوب حیاة، فإن کان المجتمع قد ارتضى أن تکون المنظومة الأخلاقیة ضابطة لحرکة المجتمع، فالانتماء الحق لهذا الوطن یجعل تعالیم الدین الصحیحة نبراساً للمجتمع، وأن الخروج عن هذا الفهم یسبب الاضطراب الفکرى للمجتمع ککل.