أشار السید علی فضل الله فی کلمة له خلال مشارکته فی أعمال المؤتمر الدولی الذی ینظمه الأزهر الشریف لمواجهة التطرف والإرهاب فی القاهرة الى إننا "مدرکون أن علینا أن نقلع أشواک الإرهاب بأیدینا، وبإمکانیاتنا وجهودنا، وفی کل المجالات. ونحن نعتقد أنّ استجلاب الغرب والقوى الخارجیة لخوض معارکنا، لیس خطأً فی التقدیر فحسب، بل هو خطیئة أیضاً سیحاسب التّاریخ مرتکبیها".
واضاف"لن یستقیم حالنا إلا إذا انتفضنا على کلّ إرهاب یتعرّض له أی إنسان على هذه الأرض، لهذا، فإنّ المطلوب هو الاتفاق والالتزام بتعریف دقیق للإرهاب، انطلاقاً من أحکام الدّین وجوهره، اللذین یجعلان حرمة الدم هی الفاصل، حتى لا تکون محاربة الإرهاب حجّة البعض من بیننا، دولاً وجماعات، لیستبیحوا حقوق الناس المختلفین عنهم، ویتعرّضوا لهم فی أرزاقهم وأعمالهم وکراماتهم، وصولاً إلى حیاتهم".
وأضاف "ینتظرنا الکثیر من العمل، نظراً إلى أنّ الإرهاب فی جله، یسعى إلى التلبس بلباس الدین وعباءته لتبریر أفعاله وجرائمه، ومن ذلک یستمدّ مقوّمات استمراره. لذلک، لا بد من تنقیح الموروث الدینی الّذی تستند إلیه الجماعات التکفیریّة لتبریر إجرامها، وإعادة الاعتبار إلى مفهوم الأنسنة فی التّعامل مع الآخر المختلف، انطلاقاً من حدیث الإمام علی: "الناس صنفان: إما أخ لک فی الدین، أو نظیر لک فی الخلق"، وتعزیز مبدأ المساواة مع الآخر"، محذراً "من کل دعوات إلغاء الآخر وإقصائه وتکفیره ورفضه لأنه آخر".
واشار الى اننا "مدعوون ها هنا، وکل من موقعه، ومن ساحته الخاصّة، وقبل أن نطل على ساحة الآخرین، إلى أن نخرج إلى الضوء الصورة الحقیقیة للإسلام؛ الإسلام الوسطی الحواری، المنفتح على الآخر، الإسلام الّذی یرفض التعصب حتى له، الإسلام الّذی یتنکَّر للعنف إلا عندما لا یتوافر أی علاج آخر غیره، ویکون بمثابة عملیّة جراحیة تشکل استثناءً للقاعدة، الإسلام الَّذی یستلهم دولة رسول الله(ص)، الّتی قامت على أساس عقد اجتماعی ممیز سمی "بوثیقة المدینة"، والتی تحترم فیها خیارات الإنسان فی العقیدة، حیث لا إکراه فی الدین، ویتمایز الناس على أساس التقوى التی تؤسس المواطنیة الصالحة، لا على أساس أدیانهم ومذاهبهم، نرید دولة عنوانها "العدل حتى مع الذین تختلف معهم".
وشدد على "ضرورة تعزیز لغة الحوار والتلاقی على کل المستویات، لا على مستوى النخب فحسب، وخصوصاً بین المؤسَّسات الدینیّة، لکی یصبح هناک تقارب ما بین المناهج، وتبادل للخبرات الدینیّة على مستوى المدرّسین والمتعلّمین والباحثین".